تواجه مجموعة العشرين تحديات جديدة، بعد أن تغيرت مواضيعها وأهدافها، وبعد أن كانت منتدى ناجحا جدا للتصدي للأزمة المالية باتت اليوم تتناول مواضيع متعلقة بالمناخ والهجرة والتنمية والصحة والتعليم، وهذا ما سيكون عليه مستقبلها على الأرجح، أي «التكيف مع هذه التحديات الدبلوماسية الكبرى». كما أوضح مصدر دبلوماسي للوكالة الفرنسية كان من بين المشاركين في المفاوضات الماراثونية التي أفضت إلى البيان الختامي للقمة، مضيفا: «نحن في مرحلة انتقالية». وبالفعل بحثت الدول الأبرز في المجموعة خلال القمة قضايا المناخ والحمائية وبدرجة أقل الضوابط المصرفية والسياسات النقدية.
تجد المجموعة التي اختتمت قمتها قبل أيام في هامبورغ نفسها في مواجهة تحديين رئيسيين هما الفاعلية في مواجهة الخلافات الداخلية والحاجة إلى تجديد هذه الهيئة التي ترسم سياسات العالم مع الحفاظ على تماسكها.
يقول جون كيرتون، المدير المشارك لمجموعة الأبحاث حول مجموعة العشرين في جامعة تورونتو، لوكالة الصحافة الفرنسية: «منذ انطلاقها في عام 2008، وسعت مجموعة العشرين أجندتها، لكن قمة هامبورغ فتحت فصلا جديدا». إلا أن المجموعة لا تكتفي ببيانها الختامي، إذ بين اللقاء بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين السبت أن القمة فرصة مواتية للقاء القادة في إطار أقل رسمية من الزيارات البروتوكولية.
وتوضح كلوديا شموكر من مركز «دي دي آي بي» الألماني للأبحاث لوكالة الصحافة الفرنسية: «من المهم جدا أن يتمكنوا من اللقاء في أرضية محادية والتباحث في كل الأزمات المطروحة على جدول الأعمال».
إلا أن شموكر تحذر من الإفراط في التوسع في المواضيع المطروحة، إذ إن «جدول أعمال فضفاضا يمنع التركيز. التركيز يجب أن يظل على الاقتصاد». فمجموعة العشرين «لا تتمتع بشرعية» تجعل منها نوعا من الحكومة الدولية. فالهيئة الأقرب إلى ذلك هي الأمم المتحدة، بحسب شموكر.
تقول فريدريكه رودر، مديرة فرع فرنسا لمنظمة «وان» غير الحكومية، إنه وخارج هذا الإطار تطرح مسألة تشكيلة مجموعة العشرين «إذا أرادت أن تظل منتدى ذا صلة». وتابعت رودر: «بعد 50 عاما، سيفوق عدد الشباب في أفريقيا عددهم في كل دول مجموعة العشرين مجتمعة، لذلك لا بد أن تشمل تشكيلتها هذه القارة، بحيث يصبح الاتحاد الأفريقي عضوا فيها على غرار الاتحاد الأوروبي». لكن توسيع نطاق صلاحيات هذه المجموعة يهدد بفقدانها فاعليتها تحت وطأة خلافات آيديولوجية عميقة خصوصا إذا كان أساس هذه الخلافات بلدا لا يمكن تجاهله مثل الولايات المتحدة. فقد أرغمت مواقف ترمب المعاكسة حول المناخ وحرية التجارة المشاركين في قمة هامبورغ إلى ابتكار صيغ لغوية في البيان الختامي على أساس أنه إذا كنا غير قادرين على التقدم فلنحاول على الأقل ألا نتراجع.
يوضح سيباستيان جان، مدير المركز الفرنسي «سي أو بي آي إي»، لوكالة «فرنس برس»، أن «مجموعة العشرين ليست هيئة للتنفيذ، بل إطار يعطي فيه حضور القادة معا دفعا سياسيا وأرضية لتجاوز الخلافات. من الواضح أننا لن نتمكن من حمل ترمب على تغيير موقفه حول المناخ، لكن يمكننا تفادي التصعيد في الخلاف. أعتقد أن الأولوية الآن هي لتوافق القادة حتى لا يحدث تراجع».
ويقول توماس بيرن من مركز «سي آي دي آي» الكندي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن قمة هامبورغ «وفرت دينامية مختلفة تماما بالمقارنة مع القمم السابقة، حيث كان الأمر في السابق يتعلق بالمضي قدما وليس تفادي الرجوع إلى الوراء».
ويشير خبير الاقتصاد جاك سابير إلى أنه «لا شك في أن قمة هامبورغ سجلت تعدد الأقطاب في العالم واعترافا بمشروعية تحرك الدول ذات السيادة». وختمت شموكر بالقول: «المشكلة مع المجموعات غير الرسمية هي أن قراراتها غير ملزمة، وبالتالي لا بد من توافر إرادة التعاون»، مضيفة أن الوضع الحالي يجب ألا يستمر طويلا حتى لا يصبح وجود المجموعة مهددا.
مجموعة العشرين أمام مفترق طرق
وسعت أجندتها منذ انطلاقها عام 2008 بعيداً عن الأمور المالية
مجموعة العشرين أمام مفترق طرق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة