جدل في غزة حول هوية منفذي هجوم سيناء

«حماس» اعتبرت الاعتداء محاولة لخنق القطاع... وتعهدت باتخاذ إجراءات على الحدود مع مصر

اسماعيل هنية أثناء تقديم تعازيه في ضحايا العمل الإرهابي في سيناء (أ.ف.ب)
اسماعيل هنية أثناء تقديم تعازيه في ضحايا العمل الإرهابي في سيناء (أ.ف.ب)
TT

جدل في غزة حول هوية منفذي هجوم سيناء

اسماعيل هنية أثناء تقديم تعازيه في ضحايا العمل الإرهابي في سيناء (أ.ف.ب)
اسماعيل هنية أثناء تقديم تعازيه في ضحايا العمل الإرهابي في سيناء (أ.ف.ب)

أثارت معلومات نشرتها حسابات مناصرين لتنظيم داعش في قطاع غزة بخصوص مشاركة ثلاثة من زملائهم في الهجوم على الجيش المصري في سيناء، جدلا واسعا دون أن يتسنى التأكد من صحة المعلومات.
وقالت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تابعة لمناصري «داعش»، إن 3 شبان من محافظة رفح جنوب قطاع غزة، كانوا أعضاء سابقين في كتائب القسام، لقوا حتفهم في الهجوم، وتم التعرف عليهم بعد نشر صور الجثث التي بثها الجيش المصري عبر وسائل الإعلام، ثم أعلن لاحقا أن عائلاتهم تعرفت إليهم، وتم نشر أسمائهم بالكامل مع صورهم الأصلية.
ونشرت وسائل إعلام مصرية وفلسطينية هذه المعلومات، دون أن يصدر أي تعقيب من جهات رسمية. لكن مصادر ردت لاحقا في موقع إلكتروني أن ما نشر غير دقيق ويستهدف القطاع، وأن العائلات التي أشير إليها لم تعلن شيئا.
وإذا ما صحت رواية أن فلسطينيين من غزة شاركوا في الهجوم فإن ذلك سيعزز من رواية الجيش المصري حول تورط عناصر متطرفة من غزة في العمل ضد مصر في سيناء، كما أنه يشكل حرجا لحركة حماس التي تعهدت بضبط الحدود، ويثير الكثير من المخاوف حول استمرار الإجراءات المصرية لتخفيف الحصار عن غزة.
وبحسب مصادر مطلعة في غزة فإنه على الرغم من الإجراءات المكثفة لحماس منذ فترة طويلة، فإن بعض العناصر المتطرفة تتمكن من مغادرة غزة والانضمام لتنظيم داعش في سيناء. وأوضحت أن التنظيم المتشدد سيسيطر عمليا على بعض الأنفاق في المنطقة ويتحكم في عملها.
وأخذت الحركة إجراءات مشددة لمراقبة الحدود تمثلت في نشر قوات أكبر والبدء في بناء منطقة عازلة مع مصر. وفي هذا السياق، أعلن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، أمس أن الحركة ستتخذ إجراءات مكثفة على حدود قطاع غزة مع مصر لضمان عدم «اختراق» الحدود، إثر الهجوم الذي أسفر أول من أمس عن مقتل 21 من عناصر الجيش المصري شمال سيناء.
وقال هنية خلال زيارته خيمة عزاء أقامتها الجالية المصرية في غزة لضحايا الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش «اليوم كان هناك اجتماع للمؤسسات السياسية والأمنية لمتابعة تداعيات هذه الجريمة، وسنتخذ الكثير من الإجراءات على منطقة الحدود ومنطقة الضبط، بحيث تبقى غزة عصية على الاختراقات الأمنية من أي جانب».
ودانت «حماس» الهجوم «الإرهابي الجبان»، معتبرة أنه يستهدف «أمن واستقرار الأمة العربية».
ويرى مراقبون أن علاقة «حماس» بمصر تحسنت في الآونة الأخيرة، وتعهدت الحركة بمنع أي نشاط ضد مصر انطلاقا من غزة.
لكن عملية سيناء ستضاعف من الضغط على «حماس»، التي تدرك أن عملية من هذا النوع ستضر بطريقة أو بأخرى بصورة الحركة في مصر، والإجراءات المتخذة لتخفيف الحصار عن القطاع.
وقالت «حماس» أمس إن المستفيد الوحيد من جريمة سيناء هو من يعمل لخنق قطاع غزة، واتهم المتحدث باسمها سامي أبو زهري من يرفض أي محاولة لكسر الحصار المفروض على القطاع بالوقوف خلف تلك الجريمة.
وتقدمت حركة حماس إلى مصر وشعبها بخالص العزاء، وأقامت مع فصائل فلسطينية أخرى بيت عزاء في غزة لاستقبال المعزين.
كما عزى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ضحايا الهجوم شمال سيناء، وقال إنه يقف إلى جانبه في الحرب ضد الإرهاب، مطالبا بمحاربته بحزم وشدة، ودان بأشد العبارات «الجرائم الإرهابية» وكل «من يحاول المس بالأمن القومي المصري». وجاء في بيان للرئاسة «إن الرئيس عباس يتمنى لمصر المزيد من الرفعة والازدهار، داعيا الله عز وجل أن ينجح هذا البلد الشقيق في إفشال المؤامرات التي تستهدف وحدته واستقراره، مؤكدا أن الإرهاب يستهدف الأمة جمعاء، ما يتطلب الوقوف بحزم لإفشال هذه المخططات التدميرية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».