أثارت العينات التي حصلت عليها محامية لبنانية من جثث ثلاثة سوريين قضوا بعد توقيفهم لدى الجيش اللبناني في عملية عرسال الأسبوع الماضي، سجالاً جديداً، حيث اتهمت استخبارات الجيش بإجبارها على تسلميهم العينات لفحصها في مستشفى حكومي، فيما تحدثت مصادر رسمية عن أن المحامية «خرقت القانون» وأن القضاء العسكري «هو المخوّل بإجراء التحقيقات والاستحصال على العينات».
وكان الجيش اللبناني أعلن الثلاثاء الماضي عن وفاة 4 محتجزين بسبب مضاعفات صحية «قبل التحقيق معهم»، وهو ما دفع وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان، أيمن شقير، لدعوة قيادة الجيش والقضاء المختص إلى «فتح تحقيق شفاف في كل ما تم تداوله مؤخراً من صور وأخبار عن عملية التوقيف الأخيرة في عرسال وعن الأسباب التي أدت إلى وفاة عدد من الموقوفين، حفاظاً على صورة الجيش، ومنعاً لأي إشاعات قد تكون مغرضة».
وتقدمت المحامية ديالا شحادة، أول من أمس، بموجب وكالات قضائية عن ذوي كل من المواطنين السوريين المتوفّين مصطفى عبد الكريم العبسي، وخالد حسين المليص، وأنس حسين الحسيكي، بطلب لإجراء كشف طبي على جثث هؤلاء. وقد استجاب قاضي الأمور المستعجلة في زحلة أنطوان أبي زيد لهذا الطلب وأصدر قراراً قضائياً معجلاً نافذاً، عيّن بموجبه طبيباً شرعياً «للانتقال إلى مستشفى زحلة الحكومي والكشف على جثث السوريين وبيان سبب وفاتهم، وكذلك الاستحصال من المستشفى على إفادة تبين تاريخ تسلم الجثث والجهة التي تم تسلمها منها وحالتها عند التسلم»، كما قالت شحادة لموقع «المفكرة القانونية» المعنية بالقضايا الحقوقية ومتابعة الملفات القانونية، مشيرة إلى أنه «تم الانتقال على الفور إلى مستشفى زحلة حيث تم تشريح الجثث، واستخراج العينات».
وأشارت إلى أنه «بعدها كلف الطبيب الشرعي المعين، موظفا له خبرة في نقل المرضى لمرافقتنا إلى مستشفى أوتيل ديو في بيروت، قبل أن يتلقوا اتصالا من الطبيب المذكور أبلغهم فيه أن «مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أشار إليه بإعادة العينات لكون هذا التشريح لا يمكن أن يتم من دون إشارة من قبله».
وعند وصول شحادة إلى مستشفى أوتيل ديو: «كانت مخابرات الجيش هناك، وطلبوا أن نسلمهم العينات مدعين امتلاكهم أمراً من قبل مديرية المخابرات في الجيش اللبناني»، كما لفتت إلى أنه «بعد سجال طويل، اتصلت شحادة بالنائب العام التمييزي سمير حمود الذي طلب منها تسليم العينات إلى مخابرات الجيش على أن يشير إليهم بوجوب نقلها إلى المستشفى الحكومي». وأضافت: «سألت القاضي حمود إن كان يتحمل مسؤولية إتلاف الأدلة الجنائية الوحيدة التي يملكونها في هذه القضية». إلا أنه وفقاً لها أصر على طلبه، ما اضطرها في ظل وجودهم (المسلح) إلى تسليمهم العينات». وقد قام عناصر المخابرات بنقل العينات إلى «جهة مجهولة»، يفترض أن تكون المستشفى الحكومي.
لكن مصدراً رسمياً، أكد لموقع «ليبانون فايلز»، أن ما أقدمت عليه المحامية شحادة «يشكّل مخالفة صريحة للقانون بعد إقدامها على الحصول من قاضي الأمور المستعجلة على إذن بتكليف طبيب شرعي بإجراء كشف طبي على جثث هؤلاء المودعة في برادات مستشفى زحلة الحكومي».
ولفت المصدر الرسمي، إلى أنه، وفق القانون، النيابة العامة العسكرية هي صاحبة الصلاحية الوحيدة والمخوّلة منح هذا الإذن. كما كان قرار مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود حاسما بتسليم العينات إلى مخابرات الجيش؛ لأن القضاء العسكري وليس قضاء العجلة هو المخوّل بإجراء التحقيقات والاستحصال على العينات وليس أي جهة أخرى. وبناء عليه، قامت مخابرات الجيش بتنفيذ قرار قضائي واضح بالاستحصال على هذه العينات من إدارة مستشفى أوتيل ديو بعد تسليم شحادة العينات إلى مختبر المستشفى تحت إشراف عناصر المخابرات.
إلى ذلك، انفجرت عبوتان ناسفتان وتم تفكيك أخرى فجرا داخل منطقة عرسال على طريق وادي الجمالة على أطراف عرسال، كان قد زرعها المسلحون لاستهداف دوريات الجيش أثناء المداهمات. ولم يسفر الانفجار عن سقوط أي إصابات.
عينات جثث الموقوفين السوريين تثير جدلاً في لبنان
عينات جثث الموقوفين السوريين تثير جدلاً في لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة