عشية اجتماعات قمة هامبورغ، حث صندوق النقد الدولي زعماء مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى في العالم على تفادي السياسات «القصيرة النظر» التي تركز فقط على المصلحة الوطنية، داعيا للعمل سويا لحل خلافاتهم التجارية والاقتصادية... فيما دعت رئيسة الصندوق كريستيان لاغارد قادة العالم لاستلهام تجربة نجاح فريق البيتلز البريطاني الشهير، الذين انطلقوا إلى النجاح من مدينة هامبورغ قبل ستين عاما.
وفي رسالة قوية قبل أول قمة لمجموعة العشرين يحضرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال صندوق النقد في إيجاز اقتصادي مكتوب إلى زعماء المجموعة، إن نظاما تجاريا مفتوحا يستند للقواعد هو أمر حيوي لازدهار العالم. وأضاف محذرا أن «الانتهاج القصير النظر لسياسات تقوم على معادلة الربح والخسارة، يمكن فقط أن ينتهي إلى الإضرار بجميع الدول مثلما يظهر التاريخ... ولأن السياسات الوطنية تتفاعل حتما في عدد من المجالات الحيوية، وهو ما يخلق انعكاسات في أرجاء الدول؛ فإن الاقتصاد العالمي يعمل على نحو أفضل كثيرا للجميع عندما يتواصل صانعو السياسة في حوار منتظم ويعملون في إطار آليات لحل الخلافات».
ويأتي مسعى صندوق النقد للحفاظ على التعاون المتعدد الأطراف، فيما تدرس إدارة ترمب فرض رسوم جمركية جديدة أو حصص على واردات الصلب استنادا إلى اعتبارات الأمن القومي، وهي خطوة لم تحدث منذ تدشين منظمة التجارة العالمية في 1995. وقال الصندوق أيضا إنه في حين أن التعافي الاقتصادي العالمي يبقى في مساره مع نمو في نطاق 3.5 في المائة هذا العام والعام المقبل، فإن توقعاته لا تشمل عرقلة مهمة للتجارة. ومن جانبها أيضا، كتبت رئيسة صندوق النقد الدولي مدونة على موقع الصندوق، مخاطبة فيها الزعماء المجتمعين في قمة العشرين. وقالت: «منذ ما يقرب من ستين عاما، وصلت فرقة موسيقية مغمورة اسمها البيتلز إلى مدينة هامبورغ الألمانية. وهناك، اختار أعضاؤها تصفيفة شعرهم، وسجلوا أولى أغنياتهم، وعثروا على الصوت المميز لهم. وعلى غرار هذا الرباعي الأسطوري، الذي انطلق ليغير العالم؛ يستطيع قادة العالم المجتمعون في قمة مجموعة العشرين هذا الأسبوع أن يحققوا الاستفادة القصوى من فترة وجودهم في هامبورغ، وأن يغادروا ألمانيا بخطة سليمة؛ ليس فقط لتحقيق معدلات نمو أعلى، وإنما أيضا لضمان مشاركة الجميع في جني ثمار هذا النمو».
وترى لاغارد أن «القمة تبدأ أعمالها بمناخ من التفاؤل. وينبع هذا المزاج العام المتفائل من التعافي العالمي الذي بدأ منذ عام، ويمثل تغييرا يستحق الترحيب، مقارنة باجتماعات مجموعة العشرين السابقة التي كانت تخيم عليها ظلال النمو المتقلب والتخفيضات المستمرة للتوقعات».
ولكن التفاؤل السائد ينبغي أن يكون حذرا؛ فلا يزال بذل الجهود مطلوبا على صعيد السياسات من أجل تعزيز التعافي وبناء اقتصادات أكثر احتوائية. ومن حيث النقاط الإيجابية قبل انعقاد القمة، تقول لاغارد: «يشير التحسن الذي حدث مؤخرا في نشاط التصنيع والاستثمار العالمي إلى أن التعافي الذي توقعناه في أبريل (نيسان) لا يزال على المسار الصحيح. وسننشر تنبؤاتنا الجديدة في أواخر يوليو (تموز)، ولكننا نتوقع أن يبلغ النمو العالمي نحو 3.5 في المائة في العام الحالي والمقبل». لكنها أضافت أن «آخر مذكرة رقابية أعددناها لمجموعة العشرين توضح حدوث تحول في التكوين الإقليمي للنمو. فبالنسبة للولايات المتحدة، حيث أصبح التوسع في عامه التاسع وتكاد البطالة الدورية تختفي تماما، خفضنا توقعاتنا للنمو نظرا للتباطؤ العابر الذي شهدته في أوائل 2017 وعدم اليقين السائد بشأن السياسات. ومن ناحية أخرى، شهدت منطقة اليورو أداء فاق التوقعات، لا سيما بفعل التنشيط النقدي والطلب المحلي، وتحسنت الأوضاع في الاقتصادات الصاعدة بفضل قوة النمو في الصين واتجاه الأوضاع نحو الاستقرار في روسيا والبرازيل».
وخلصت لاغارد إلى أن «هناك زخما بالفعل... ولكننا لا نستطيع الركون إليه باطمئنان؛ إذ إن المخاطر الجديدة والقديمة تهدد ما نستهدفه من خلق نمو أعلى يشترك في جني ثماره الجميع»، محذرة من أن «المخاطر لا تقتصر على منطقة بعينها أو نوع واحد من الاقتصادات، وأحيانا ما تكون انعكاسا لتطورات سلبية في العوامل الدافعة لتعافي الاقتصاد».
وقالت رئيسة الصندوق: «تمثل مواطن الضعف المالية مصدرا للقلق الآني. فبعد فترة طويلة من الأوضاع المالية المواتية، بما في ذلك أسعار الفائدة المنخفضة وزيادة سهولة الحصول على الائتمان، وصل الرفع المالي في قطاع الشركات لدى كثير من الاقتصادات الصاعدة إلى مستوى شديد الارتفاع. وفي أوروبا، لا تزال الميزانيات العمومية للبنوك بحاجة إلى إصلاح ما أصابها من خلل في أعقاب الأزمة. وفي الصين، قد يؤدي التوسع الأسرع من المتوقع - إذا ظل مدفوعا بسرعة التوسع الائتماني وزيادة الإنفاق - إلى ديون عامة وخاصة لا يمكن تحملها في المستقبل»، مشددة على أنه «إذا لم تعالج هذه الطائفة من المخاوف، يمكن أن تصبح وصفة للعسر المالي المفاجئ، فيما تستمر معاناة اقتصادات العالم من عدة مشكلات أطول أجلا».
لاغارد تدعو إلى استلهام تجربة «البيتلز» في هامبورغ
رئيسة صندوق النقد الدولي تريد من قادة العشرين تجنب «السياسات قصيرة النظر»
لاغارد تدعو إلى استلهام تجربة «البيتلز» في هامبورغ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة