«داعش» يشغل «سوريا الديمقراطية» بأكثر من جبهة لوقف تقدمها في الرقة

تعزيزات كبيرة وصلت إلى المنطقة والسلاح النوعي بيد التحالف حصراً

نازحات هربن من مناطق سيطرة {داعش} في الرقة ودير الزور داخل محطة حافلات بحلب اول من امس (أ.ف.ب)
نازحات هربن من مناطق سيطرة {داعش} في الرقة ودير الزور داخل محطة حافلات بحلب اول من امس (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يشغل «سوريا الديمقراطية» بأكثر من جبهة لوقف تقدمها في الرقة

نازحات هربن من مناطق سيطرة {داعش} في الرقة ودير الزور داخل محطة حافلات بحلب اول من امس (أ.ف.ب)
نازحات هربن من مناطق سيطرة {داعش} في الرقة ودير الزور داخل محطة حافلات بحلب اول من امس (أ.ف.ب)

يحاول تنظيم داعش الذي لا يزال يسيطر على نحو 70 في المائة من مدينة الرقة والتي كانت حتى الأمس القريب عاصمته ومعقله في الشمال السوري، التصدي للتقدم الذي تحققه «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بقوات التحالف الدولي داخل المدينة القديمة التي اقتحمتها الثلاثاء الماضي، من خلال محاولة إشغالها بأكثر من جبهة، وبالتالي تشتيت قدراتها وقواتها عبر شن هجمات معاكسة عنيفة سُجلت يوم أمس في جنوب شرقي المدينة كما في الغرب.
وأعلنت مصادر متقاطعة أن «سوريا الديمقراطية» حققت الأربعاء تقدماً داخل المدينة القديمة في الرقة غداة تمكنها من اختراق «سور الرافقة»، بدعم من التحالف الدولي.
وقال أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» إن «الاشتباكات العنيفة تتركز حاليا في شارع أبو الهيس في المدينة القديمة، علماً بأن (داعش) انسحب من القسم الأكبر منه»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عناصر التنظيم ما زالوا يعتمدون بشكل رئيسي على السيارات المفخخة والانتحاريين وعلى الأنفاق والخنادق لمحاولة صد تقدم القوات المهاجمة.
ووصف الرقاوي وضع المدنيين بـ«الصعب جدّاً»، مشيرا إلى أنّه «إلى جانب الذين يقتلون بغارات التحالف أو يتم اتخاذهم دروعاً بشرية من قبل (داعش)، هناك المئات الذين يُجبَرون على مغادرة منازلهم والأحياء التي تسيطر عليها (قسد)، ما يجعلهم مشردين في الريف».
وأشار الرقاوي إلى أن «أسلحة كثيرة ومتطورة وتعزيزات عسكرية من وصلت في الساعات الماضية إلى الرقة من طرفي (قسد) والتحالف»، مشيراً إلى أن «السلاح الثقيل والنوعي موجود بكثرة في المدينة لكنه حصراً بيد القوات الأميركية والفرنسية والقوات الأخرى التابعة للتحالف». وأضاف: «حتى المدفعية لا تستخدمها (قسد) بل خبراء أجانب».
من جهته، وصف مهاب ناصر، الناشط المعارض، الموجود في مدينة الطبقة بمحافظة الرقة، الوضع في المدينة (الرقة) بـ«السيئ للغاية»، متحدثاً عن «قصف مكثف تتعرض له أحياء الرقة بالطيران والمدفعية، ما يؤدي لمقتل العشرات من المدنيين يوميّاً ولهرب عشرات آخرين باتجاه الأرياف». وقال ناصر لـ«الشرق الأوسط»: «المعارك عنيفة جداً ويمكن تسجيل مقاومة عنيفة من قبل (داعش)»، مشيراً إلى أن «(سوريا الديمقراطية) كانت عاجزة عن التقدم في المدينة منذ نحو 20 يوماً، لكن منذ يومين استقدمت تعزيزات ضخمة، وكذلك فعل الأميركيون الذين زادوا عدد قواتهم ما مكنهم من اقتحام المدينة القديمة».
أما الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردية، أبرز مكونات قوات سوريا الديمقراطية، نوري محمود، فقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تقدمت قواتنا داخل المدينة القديمة حيث سيطرت على طريق سيف الدولة الاستراتيجي المؤدي إلى الجامع القديم».
وتدور معارك عنيفة في المدينة القديمة منذ منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، وفق محمود الذي أشار إلى أن عناصر «داعش» يتصدون لتقدم هذه القوات بإرسال انتحاريين داخل سيارات، وباستخدام أربع طائرات استطلاع صغيرة تم إسقاطها لاحقاً من قبل «قوات سوريا الديمقراطية».
بدوره، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن قوات عملية «غضب الفرات» وبعد كسرها لخطوط الدفاع الأولى بدعم من قصف التحالف الدولي والقوات الخاصة الأميركية، تمكَّنَتْ من تحقيق تقدُّمٍ داخل مدينة الرقة القديمة، حيث سيطرت على مسافة ممتدة من سور المدينة القديمة وصولاً لعمق 200 متر نحو الداخل على طول خط الاشتباك المقابل لحي الصناعة وصولاً إلى باب بغداد. وأوضح أن «هذا التقدم والتوغل نحو داخل مدينة الرقة والأحياء القديمة فيها، جاء بالتزامن مع هجوم معاكس وعنيف لتنظيم داعش على منطقة سوق الهال الواقعة إلى الشرق من حي هشام بن عبد الملك في جنوب شرقي الرقة»، لافتاً إلى أن عناصر التنظيم «تمكنوا من استعادة السيطرة على نقاط في سوق الهال».
كذلك دارت اشتباكات «عنيفة» على محاور في حي البريد من جهة الرومانية في القسم الغربي من مدينة الرقة، حيث يعمد «داعش» إلى تنفيذ هجمات معاكسة لتحقيق تقدم واستعادة السيطرة على مناطق ومواقع خسرها في أوقات سابقة. وقال المرصد إن «الاشتباكات العنيفة بين طرفي القتال تسببت في سقوط خسائر بشرية في صفوفهما، حيث قتل 21 عنصراً من داعش فيما قضى 5 مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية».
ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن قائد عسكري يقاتل مع قوات سوريا الديمقراطية أن أكثر من 50 عنصراً من تنظيم داعش قُتِلوا خلال المعارك المستمرة منذ ليل الثلاثاء، موضحا أن «معارك عنيفة اندلعت فجر الأربعاء على جبهة حي الدرعية غرب المدينة، ما أدى لسقوط 10 قتلى على الأقل من عناصر (داعش)، وهم من مجموعات (أشبال الخلافة). كما تم إسقاط طائرتي استطلاع لتنظيم داعش عبر استهدافها بالرشاشات».
وكشف القائد العسكري عن مقتل أكثر من ثمانية عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» وإصابة 15 آخرين خلال المعارك.
بالمقابل، أعلنت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش»، مقتل 7 عناصر من «قسد» وإصابة 3 آخرين بانفجار عبوات ناسفة جديدة قرب سوق الهال جنوب الرقة.
إلى ذلك، أكد ناشطون مدنيون من جرابلس أن المئات من الأشخاص والعوائل أغلبهم من الرقة قد وصلوا إلى مناطق سيطرة قوات المعارضة هرباً من المعارك المحتدمة في المدينة، وأشاروا إلى أن هؤلاء النازحين واللاجئين سيقطنون في المخيمات العشوائية على أطراف المدينة، نظراً لإمكانيات مجلس جرابلس العسكري «الضعيفة» مقارنة بالأعداد الكبيرة القادمة إلى المدينة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».