واشنطن ترفض اعتبار الحرم الإبراهيمي في خطر

وزارة الخارجية الفلسطينية تحمل بشدة على السفيرة هايلي وتتهمها بالانحياز لإسرائيل

حاجز للشرطة الإسرائيلية عند مدخل الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل (إ.ب.أ)
حاجز للشرطة الإسرائيلية عند مدخل الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل (إ.ب.أ)
TT

واشنطن ترفض اعتبار الحرم الإبراهيمي في خطر

حاجز للشرطة الإسرائيلية عند مدخل الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل (إ.ب.أ)
حاجز للشرطة الإسرائيلية عند مدخل الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل (إ.ب.أ)

بعثت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والأمينة العامة لليونيسكو، طالبتهما فيها بالانضمام إلى الولايات المتحدة في معارضة محاولة الفلسطينيين تمرير قرار في اليونيسكو، يعدّ الخليل والحرم الإبراهيمي إرثا عالميا يتبع الفلسطينيين ويتعرض لخطر الدمار.
وتنضم رسالة هايلي إلى الاحتجاج الدبلوماسي الرسمي الذي نقله سفراء الولايات المتحدة إلى الدول الإحدى والعشرين الأعضاء في اليونيسكو.
وكانت أعمال مؤتمر اليونيسكو قد بدأت في مطلع الأسبوع، في كراكوف، في بولندا، ومن المتوقع أن يتم التصويت على مشروع قرار فلسطيني عربي بشأن الخليل والحرم الإبراهيمي، يوم الجمعة المقبل. ويقول الفلسطينيون في مشروع القرار الذي يحاولون دفعه إن الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل يواجهان الخطر بسبب الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك فإنهم يطالبون باعتبارهما إرثا عالميا يعود للفلسطينيين.
ومن أجل تمرير هذا القرار يجب أن يحظى بدعم ثلثي الدول التي ستشارك في التصويت. وتصارع إسرائيل والولايات المتحدة من أجل تجنيد ما يكفي من الأصوات لمنع هذه الخطوة. وتطالب إسرائيل بإجراء تصويت سري، باعتقادها أن هذا سيسمح لدول عدة بالتصويت ضد الاقتراح الفلسطيني وإحباطه. وكتبت هايلي في رسالتها: «أكتب إليكم للإعراب عن موقف الولايات المتحدة الرافض لضم الحرم الإبراهيمي في الضفة الغربية إلى قائمة المواقع الأثرية التي يهددها الخطر. الحرم الإبراهيمي المقدس للديانات الثلاث لا يواجه الخطر. هناك كثير من المواقع في الكونغو والعراق وليبيا وسوريا، التي تواجه الخطر الفوري بهدمها. هذه المواقع تحتاج إلى الاهتمام الكامل من قبل اليونيسكو، ويجب ألا يتم إهدار هذا الاهتمام على خطوة رمزية كهذه».
كما كتبت هايلي أن دفع الخطوة الفلسطينية بشأن الخليل والحرم الإبراهيمي قد يمس بالجهود التي تبذلها إدارة ترمب لدفع العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين، ودعت إلى معارضة مشروع القرار.
وقال سفير إسرائيل لدى اليونيسكو، كرمل شاما هكوهين، إن رسالة هايلي «تتحدث من تلقاء ذاتها حول العبث الكامن في ملاحقة دولة اليهود في كل حلبة، خصوصا في اليونيسكو. للأسف لم يتم بعد تعيين سفير أميركي جديد لدى اليونيسكو، ولو كان إلى جانبنا سفير أميركي هنا يعمل بإصرار وشجاعة نيكي هايلي، لكانت ظروف الصراع مختلفة تماما. كلمات هايلي يفترض أن تكون واضحة ضمنا وقولها من قبل كل دول العالم الحر، لكن غالبيتها تفضل الصمت وقلب العيون».
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية ما جاء في رسالة هايلي، وأكد الناطق بلسانها في بيان أن «هذه الرسالة ليست الأولى التي تعبر فيها السفيرة الأميركية عن حقدها الدفين وكراهيتها تجاه الفلسطينيين. فبعد أن منعت تعيين الدكتور سلام فياض، مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا، أكدت، مؤخرا، أنها ستمنع تعيين أي فلسطيني في الأمم المتحدة ومؤسساتها، مؤكدة موقفها العنصري والمناهض للفلسطينيين، وعداءها الواضح لفلسطين».
وأضافت الخارجية أن السفيرة الأميركية هذه هي التي ادعت عند تعيينها أنها ستحارب المعاملة المنحازة ضد إسرائيل في الأمم المتحدة؛ «وإذ بها تتبنى معاملة منحازة ضد الفلسطينيين، وتتدخل بفظاظة، في عمل (اليونيسكو)، محاولة التأثير على استقلالية المنظمة الأممية، من خلال الضغط على الدول الأعضاء في لجنة التراث العالمي، لدفعهم للتصويت ضد الطلب الفلسطيني بضم الخليل إلى لائحة التراث العالمي، مستكملة خطواتها برسالة لا يمكن أن يقال عنها أقل من أنها انحياز كامل لصالح إسرائيل، تؤكد ما تردد في أروقة الأمم المتحدة في نيويورك مؤخرا عبر كثير من الدبلوماسيين الأجانب، من أن نيكي هايلي هي سفيرة لإسرائيل، أكثر منها سفيرة لبلادها، الولايات المتحدة الأميركية».
وتابع البيان: «عليه، تطلب الخارجية من نظيرتها الأميركية تحمل مسؤولياتها حيال هذه المواقف والتصرفات، وضرورة توضيح الموقف الرسمي للخارجية الأميركية حيال مجمل هذه المواقف التي تعبر عنها السفيرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».