جدل لبناني بعد اتهام المشنوق لسياسيين بالتدخل لإطلاق موقوفين

TT

جدل لبناني بعد اتهام المشنوق لسياسيين بالتدخل لإطلاق موقوفين

اشتعل السجال السياسي وتبادل الاتهامات بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل سليم جريصاتي، على خلفية اتهام الأول لسياسيين بالتدخل لدى القضاء لإطلاق سراح موقوفين أطلقوا النار ابتهاجا وتسببوا بقتل وجرح مواطنين أبرياء، فيما سارع الثاني إلى نفي هذه الاتهامات، معتبرا أن «القضاء أطلق من لم يثبت تورطه». وهو ما حدا برئيس حزب الكتائب سامي الجميل إلى الطلب من المشنوق «تسمية السياسيين الذين مارسوا ضغوطا على القضاء وكشفهم أمام الرأي العام».
وأمام الاتهامات المتبادلة، وتحميل السلطة القضائية جزءا أساسيا من المسؤولية، أوضح رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، أنه «لم يتبلغ من أي قاضٍ بحصول تدخلات سياسية معه». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «القضاء يقوم بواجباته، وفقا للقانون وليس الاعتبارات السياسية». وقال القاضي فهد: «القرارات التي يتخذها القضاة تمليها الوقائع القانونية لكلّ ملف على حدة، انطلاقا من المعطيات المتوفرة في هذا الملف، وليس استنادا إلى التدخلات السياسية»، مذكرا بأنه «في كل قضية أمنية تحصل توقيفات بالجملة، لكن بعد إجراء التحقيقات، تُحدد المسؤوليات، بحيث يطلق سراح من لا علاقة لهم بالحادث، ثمّ يحال المتورطون على المحاكمة».
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق، طالب بـ«وقف التدخلات السياسية، حيال موضوع الموقوفين بقضايا إطلاق النار العشوائي». ودعا القضاء إلى «التعامل بجدية أكبر في هذه القضايا»، مشددا على أنّ «ظاهرة جرائم القتل المتعمد مردها ليس السلاح المتفلت بل العقل المتفلت». ووجه لوما إلى «السياسيين على تدخّلهم لإطلاق بين 70 و80 موقوفا من أصل 90. جهدت قوى الأمن الداخلي لتوقيفهم خلال أسبوع كامل، بسبب إطلاقهم رصاص الابتهاج بعد صدور نتائج الامتحانات الرسمية الخميس الماضي، حيث خرج بعضهم بعد نصف الساعة أو ساعة بسبب تدخلات سياسية لدى القضاة»، مؤكدا أنّ «ما جرى يهدّد الأمن، لأنّ من يعرف أنّه سيخرج فورا بواسطة سياسي يدعمه لن يتورّع عن إطلاق النار مجدداً».
وزير الداخلية سأل السياسيين «هل تقبلون أن تتوسطوا لإخراج موقوف أطلق الرصاص وقتل بريئا من أقاربكم أو عائلاتكم لا سمح الله؟ هناك بعض مطلقي النار الذين لم يصلوا إلى المحكمة العسكرية حتى، بل اكتفى القضاء بأخذ إفاداتهم في المخافر، والقاضي المعني أطلق سراحهم، هذه المسألة يتحملها بالجزء الأكبر التدخل السياسي والقضاء المتساهل»، مشيرا إلى أن قوى الأمن الداخلي قامت بواجبها الكامل من النهر الكبير (أقصى شمال لبنان) إلى الناقورة (أقصى الجنوب) لتوقيف مطلقي الرصاص استنادا إلى لوائح معدة ومدروسة، والنتيجة أنه بعد نصف الساعة يطلق سراحهم». وتابع وزير الداخلية: «لقد اتصلت برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير العدل سليم جريصاتي، وكانوا متجاوبين وأكثر حماسة واندفاعا مني لمنع تدخل السياسيين، وقد يكون هذا الأمر سببا لمناقلات قضائية سريعة كانت تأخرت في الفترة الماضية»، كاشفا أن رئيس الجمهورية «وعد بعقد اجتماع لمجلس القضاء الأعلى ولمجلس الدفاع الأعلى لوضع حد لهذه المسائل».
وزير العدل سليم جريصاتي، رفض اتهامات زميله المشنوق، وسارع إلى إصدار بيان اعتبر فيه أن «الكلام المنسوب إلى وزير الداخلية بشأن إطلاق سراح مطلقي النار في الهواء من قبل القضاء العسكري المختص لأسبابٍ تتعلّق بالخلفية السياسية هو كلام عارٍ عن الصحة تماماً».
أما رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، فهنّأ المشنوق على «جرأته واعترافه بأن تدخلا سياسيا واضحا حصل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.