القوات العراقية تخوض معارك لتطهير الموصل

قتلى وجرحى بهجوم انتحاري داخل مخيم للنازحين في الأنبار

رئيس فرقة مكافحة الإرهاب عبد الغني الأسدي ورئيس أركان الجيش عثمان الغانمي بين ضباط كبار داخل الجامع النوري أمس (أ.ف.ب)
رئيس فرقة مكافحة الإرهاب عبد الغني الأسدي ورئيس أركان الجيش عثمان الغانمي بين ضباط كبار داخل الجامع النوري أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تخوض معارك لتطهير الموصل

رئيس فرقة مكافحة الإرهاب عبد الغني الأسدي ورئيس أركان الجيش عثمان الغانمي بين ضباط كبار داخل الجامع النوري أمس (أ.ف.ب)
رئيس فرقة مكافحة الإرهاب عبد الغني الأسدي ورئيس أركان الجيش عثمان الغانمي بين ضباط كبار داخل الجامع النوري أمس (أ.ف.ب)

خاضت القوات العراقية، أمس، معارك شرسة لتطهير الجيوب المتبقية في غرب الموصل تحت سيطرة «داعش»، سعياً للوصول إلى ضفة نهر دجلة وإعلان انتهاء معركة استعادة المدينة، فيما واصلت قطعات أخرى تطهير المناطق المحررة من العبوات الناسفة والمتفجرات التي تركها مسلحو «داعش»، وإنقاذ المدنيين العالقين تحت أنقاض المباني المدمرة.
وقال ضابط برتبة مقدم في قوات مكافحة الإرهاب لـ«الشرق الأوسط» إن «صفوف من تبقوا من مسلحي داعش داخل مناطق الموصل القديمة انهارت بالكامل... لدينا معلومات أن أعدادهم لا تتجاوز 200 مسلح، وستعلن القوات الأمنية خلال يومين النصر النهائي».
وتمكنت وحدات من الشرطة الاتحادية، أمس، من تحرير جامع بلال الحبشي في غرب الموصل، وواصلت التقدم في المناطق المتبقية من المحور الجنوبي من المدينة القديمة. وكشف قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في بيان، أمس، عن آخر إحصاءات المعارك التي خاضتها قواته خلال أكثر من ثمانية أشهر في جانبي مدينة الموصل. وقال: «حررت قطعاتنا 190 منطقة من مناطق الموصل و128 هدفاً حيوياً، واستعادت السيطرة على 2604 كيلومترات مربعة من مساحة المدينة منذ انطلاق معركة الموصل» في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ولفت جودت إلى أن القوات «قتلت 79 مسلحاً من داعش، وأنقذت 550 مدنياً خلال سيطرتها على مناطق باب جديد والجسر القديم والشفاء». وأوضح أن «تعاون الأهالي ساعد القوات الأمنية في إلقاء القبض على عشرات المسلحين الذين فروا تحت غطاء النازحين». لكنه شدد على أن «هناك مهمات أخرى ينبغي تنفيذها من قبل القوات المشاركة في تحرير الموصل، قبل الإعلان النهائي عن التحرير من قبل القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي».
ومع استمرار المعارك في المدينة القديمة، واصل مئات المدنيين المحاصرين في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم، الفرار باتجاه القوات التي نقلتهم عن طريق عجلاتها إلى المخيمات المنتشرة في أطراف المدينة. وقالت نازحة تدعى سلمة سيف الدين (70 عاماً) لـ«الشرق الأوسط» إن «الجوع والعطش تسببا بوفاة كثيرين» من المدنيين العالقين في هذه المناطق. وأشارت إلى أن «غالبية المتوفين من الأطفال وكبار السن، وما زالت جثثهم في منازلهم. لم نستطع إخراجها بسبب مسلحي داعش والمعارك المستمرة».
وأوضح سلام محمد، وهو نازح آخر كان بين المدنيين الهاربين من المدينة القديمة، لـ«الشرق الأوسط»: «من تبقوا من مسلحي داعش ليسوا كثيرين، لكن معظمهم من الأجانب والعرب غير العراقيين، وجميعهم يلبسون أحزمة ناسفة ويتمركزون فوق أسطح المنازل المكتظة بعشرات العائلات». وأضاف أن أوضاع المدنيين «تزداد سوءاً يوماً بعد آخر مع استمرار المعارك».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية العراقية أن «انتحارياً فجر نفسه في مخيم للنازحين في منطقة الكيلو 60 غرب الأنبار». ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤولين أمنيين أن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا وآخرين جرحوا بالانفجار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».