مطالبات بالتحقيق في سقوط ضحايا بين متظاهري النجف

المحافظ يتهم «مندسين»... والصدر يريد استجواب وزير الكهرباء

TT

مطالبات بالتحقيق في سقوط ضحايا بين متظاهري النجف

تضاربت الروايات الرسمية في شأن مقتل شاب عراقي وجرح خمسة آخرين خلال مظاهرة ليلية في مدينة النجف القديمة، مساء الخميس الماضي، احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي. وتصاعدت الدعوات إلى التحقيق في الواقعة، بعدما حمّل محافظ النجف لؤي الياسري «مندسين» مسؤولية ما جرى، إلى جانب اتهامه وزارة الكهرباء بـ«التخبط» في سياساتها.
وأعلن ناشطون أنهم بصدد الإعداد لمظاهرة مماثلة، مساء الثلاثاء المقبل، احتجاجاً على سقوط ضحايا خلال مظاهرة الخميس والنقص في الخدمات، ومنها الكهرباء. ورفضوا اتهامات المحافظ بوجود «مندسين» في صفوف المتظاهرين، لكنهم لم يستبعدوا فرضية «الاحتكاك» بين المحتجين وقوات مكافحة الشغب.
واستناداً إلى رواية محافظ النجف، فإن بعض أهالي منطقتي الجديدات وحي الشرطة خرجوا في مظاهرة احتجاجاً على نقص التجهيز بالتيار الكهربائي. وأضاف أن «هذين الحيين لهما أفضيلة بالتجهيز لساعات أكثر نظراً إلى عدم وجود مولدات أهلية، واستثنتهما وزارة الكهرباء من القطع المبرمج»، لكن «تخبطاً» في سياسة وزارة الكهرباء أدى إلى شمولهما ببرنامج القطع المبرمج للتيار: «ما أدى إلى تفاقم المشكلة».
وبحسب المحافظ، فإن «القسم الكبير من المتظاهرين» تفرق مساء الخميس، وبعدها بساعتين «خرجت مجاميع أخرى وبدأت بالتعرض إلى مقر لصيانة الكهرباء في المنطقة، وإطلاق بعض العيارات النارية ورمي الحجارة، وهنا تدخلت الشرطة لحماية الممتلكات الحكومية، فتوجهت مجاميع أخرى وبشعارات نالت من الجميع وأحرقت نقطة للحراسة تابعة لشرطة المحافظة». واتهم «مندسين وجهات سياسية تصب الزيت على النار».
لكن مسؤولاً أمنياً رفيعاً في قيادة عمليات «الفرات الأوسط» حمّل الإدارة المحلية في النجف مسؤولية ما حدث «نتيجة إخفاقها في تقديم الخدمات». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم تكن للمتظاهرين مشكلة مع الأجهزة الأمنية. مشكلتهم مع الإدارة المحلية، وقوات الأمن وفرت الحماية اللازمة للمتظاهرين».
وعن سقوط قتيل وجرحى بين المتظاهرين، قال إن «تحقيقاتنا تشير إلى أن الإصابة التي أدت إلى وفاة الشاب حدثت بإطلاق رصاصة مسدس جاءت من الخلف... ليس من المستبعد أن يحمل أحد المتظاهرين سلاحاً شخصياً فهو أمر شائع في كل مكان». وكانت وزارة الداخلية شكلت لجنة للتحقيق في أحداث الخميس الماضي.
وأصدرت وزارة الكهرباء بياناً أوضحت فيه أنها شملت الحيين المذكورين بالقطع الكهربائي المبرمج «قبل أكثر من عام ونصف العام، وبمعدل ساعتي تجهيز مقابل ساعتي قطع في أسوأ الاحتمالات، فضلاً عن منحه تجهيزاً مطلقاً بالطاقة الكهربائية في فترات المساء، إلا أنه وبسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأحمال خلال الأيام الماضية، استمر القطع المبرمج لهاتين المنطقتين أسوة بالمناطق الأخرى».
وأكدت أن «عدداً من أبناء المنطقة ذهبوا إلى الذهاب مركز الصيانة في الساعة العاشرة مساء، وقدموا شكواهم سلمياً إلى مسؤول القطاع، وتلخصت في المطالبة بزيادة ساعات التجهيز، ووعدهم بنقل شكواهم إلى المعنيين في الوزارة، وبعدها انسحب الجميع من مركز الصيانة، ولم يعترضوا على الإجراء، كما لم يبدر منهم أي تصرف يسيء إلى منتسبي المركز أو القطاع». وأعربت عن أسفهاً «لاستخدام قضية الخدمات شماعة يعلق عليها المسؤولون المحليون قصورهم».
وزار زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، أمس، محطة توزيع كهرباء النجف «للاطلاع على الواقع المتردي والتلكؤ في تجهيز الكهرباء، مما أدى إلى وقوع أحداث مؤسفة وزيادة معاناة المواطنين، لا سيما الفقراء»، بحسب بيان صادر عن مكتبه. ودعا البرلمان إلى «استدعاء وزير الكهرباء واستجوابه، وفي حال ثبت تقصيره في الأزمة الحالية فيجب إقالته واستبداله بشخصية تكنوقراط مستقلة لإدارة الوزارة نتيجة للفشل المتكرر فيها».
وعبر نائب الرئيس إياد علاوي عن «أسفه وحزنه العميق» لسقوط ضحايا من المدنيين المطالبين بتحسين الخدمات في المحافظة، داعياً إلى فتح «تحقيق عاجل» في شأن مظاهرة النجف. وأكد في بيان «التزامه بحق التظاهر والاحتجاج السلمي المكفول دستورياً، خصوصاً أن المظاهرة المذكورة جاءت على خلفية المطالبة بحقوق مشروعة».
وطالب بـ«تحقيق عاجل ومستقل في صحة الادعاءات حول إخلال بعض المتظاهرين بسلمية المظاهرة، وفيما إذا كان ذلك موجباً لاستخدام القوة بالطريقة التي تمت، للحفاظ على حقوق الدولة والمواطن والأجهزة الأمنية وضمان سيادة القانون». ولفت إلى «حق المواطنين في الحصول على الخدمات، ومنها الكهرباء بشكل كافٍ، والتزام الجهات المعنية بتوفيرها». ويعاني العراق منذ سنوات من أزمة في الخدمات عموماً، والكهرباء خصوصاً، وليس من المرجح حلها قريباً.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.