إثارة سوق الانتقالات لا تعكس حجم الضرر في كرة القدم

جنون الشراء والبيع يصب في مصلحة الأندية ويعيق تطور الشباب

هل يستفيد الدوري الانجليزي من انتصار منتخب الشباب بكأس العالم تحت 20 عاما  -  سولانكي فاز بلقب أفضل لاعب في مونديال الشباب (أ.ب)
هل يستفيد الدوري الانجليزي من انتصار منتخب الشباب بكأس العالم تحت 20 عاما - سولانكي فاز بلقب أفضل لاعب في مونديال الشباب (أ.ب)
TT

إثارة سوق الانتقالات لا تعكس حجم الضرر في كرة القدم

هل يستفيد الدوري الانجليزي من انتصار منتخب الشباب بكأس العالم تحت 20 عاما  -  سولانكي فاز بلقب أفضل لاعب في مونديال الشباب (أ.ب)
هل يستفيد الدوري الانجليزي من انتصار منتخب الشباب بكأس العالم تحت 20 عاما - سولانكي فاز بلقب أفضل لاعب في مونديال الشباب (أ.ب)

رغم أن المنتخب الإنجليزي قد ودع بطولة كأس الأمم الأوروبية تحت 21 عاما بشكل معتاد أمام منافس معتاد في مرحلة معتادة، فإن هذه الفترة هي الأفضل بكل تأكيد لكرة القدم الإنجليزية على مستوى الشباب، فقد فاز المنتخب الإنجليزي بكأس العالم تحت 20 عاما وحقق نتائج جيدة للغاية في دورة تولون ووصل إلى المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية تحت 17 عاما والدور قبل النهائي لكأس الأمم الأوروبية تحت 21 عاما، وهي إنجازات لم تحققها الكرة الإنجليزية على مستوى الشباب من قبل.
ويمكننا أن نقول إن هذا هو الجيل الذهبي لإنجلترا الذي أعاد كرة القدم الإنجليزية إلى الواجهة مرة أخرى بعدما فشلت في الفوز بأي لقب على مدى العقد الماضي، وبات الجميع يتساءل الآن عما إذا كان نجما منتخب الشباب لويس كوك ولويس بيكر يمكنهما أن يلعبها جنبا إلى جنب سويا في خط وسط المنتخب الإنجليزي الأول.
ومع بداية فترة الانتقالات الصيفية في الأول من يوليو (تموز) من كل عام، بعد انتهاء جميع العقود التي تنتهي في 30 يونيو (حزيران)، تبدأ عملية بيع وشراء اللاعبين بشكل محموم. وفي ظل سيطرة الأندية الأغنى على سوق انتقالات اللاعبين، لم يعد أمام النجوم الشابة الفرصة لكي يشاركوا في المباريات لمدة 90 دقيقة كاملة، بعدما باتت الأندية التي تملك الأموال الطائلة تعتمد على شراء اللاعبين البارزين وتتجاهل لاعبيها الشباب الذين يحتاجون لتطوير موهبتهم من خلال المشاركة واكتساب الخبرات.
ومن الواضح للغاية أن المنتخب الإنجليزي قد شارك في بطولة كأس العالم تحت 21 عاما هذه المرة بمجموعة قوية من اللاعبين، على عكس ما حدث في بطولة 2011 عندما انسحب 36 لاعبا، سواء بسبب الإصابة أو بسبب شعورهم باللامبالاة وعدم الاهتمام، وهو ما يجعلنا نسأل عن الأسباب التي أدت إلى هذا التحول الكبير.
ويكفي أن نعرف أن الـ11 لاعبا الذين بدأوا التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي تحت 21 عاما أمام فنزويلا في مدينة سوون الكورية الجنوبية كان من بينهم أربعة لاعبين فقط بدأوا مباريات بشكل أساسي في الدوري الإنجليزي الممتاز. وقد خاض هؤلاء الـ11 لاعبا مجتمعين 13 مباراة بشكل أساسي و30 مباراة كبدلاء في الدوري الإنجليزي الممتاز. ومن بين هذه المشاركات الأساسية، كان هناك تسع مشاركات لثلاثة لاعبين من نادي إيفرتون - وهم جونوي كيني وأديمولا لوكمان ودومينيك كالفيرت ليون - في حين كانت المشاركات المتبقية من نصيب لاعب بورنموث لويس كوك.
ويوضح هذا أن السبب الذي يجعل أندية الدوري الإنجليزي الممتاز سعيدة الآن بمشاركة لاعبيها في مسابقات الشباب في الصيف لا يتمثل في أن تلك الأندية ترغب في تطوير قدرات لاعبيها الشباب ولكن لأنها لا تحتاج لهؤلاء اللاعبين في حقيقة الأمر. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: من الذي سيعاني إذا عاد أحد لاعبي تشيلسي الثلاثة المشاركين في بطولة كأس العالم تحت 20 عاما وهو في حالة سيئة؟ بالتأكيد ليس تشيلسي هو الذي سيعاني، ولكن النادي الذي يلعب له هذا اللاعب على سبيل الإعارة.
هذه هي اللعنة التي تصيب اللاعبين الشباب الذين يلعبون في أكاديميات الناشئين بالأندية التي تلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، فبغض النظر عن البرامج التي تشجع اللاعبين الشباب على التطور وبغض النظر عن الأسباب التي يزعم الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أنها كانت وراء هذا التحول المفاجئ في نتائج فرق الشباب، لا تزال هناك عقبة هائلة أمام اللاعبين الشباب لكي يلعبوا في الفريق الأول لأنديتهم.
ولا يعد تشيلسي هو المذنب الوحيد في هذا الصدد، ولكنه يتحمل النصيب الأكبر من ذلك، نظرا للنجاح الذي يحققه النادي على مستوى الشباب - فاز الفريق بكأس إنجلترا للشباب أربع مرات على التوالي وست مرات في آخر ثماني مسابقات، كما فاز بدوري أبطال أوروبا للشباب مرتين في آخر ثلاث سنوات - علاوة على أن تشيلسي كان أكثر أندية الدوري الإنجليزي الممتاز إعارة للاعبين للأندية الأخرى الموسم الماضي بـ48 لاعبا.
ويضم تشيلسي ثلاثة لاعبين في منتخب إنجلترا تحت 20 عاما - المدافعان فياكو توموري وجاك كلارك سالتر والمهاجم دومينيك سولانكي – وثلاثة لاعبين في منتخب إنجلترا تحت 21 عاما – ناثانيل تشالوبا ولويس بيكر وتامي أبراهام -. وشارك هؤلاء اللاعبون الستة مجتمعين في مباراة واحدة فقط بشكل أساسي في الدوري الإنجليزي الممتاز. ولذا لم يكن غريبا أن يمل سولانكي، هداف بطولة كأس العالم تحت 20 عاما، من انتظار فرصة المشاركة في المباريات ويفضل الانتقال إلى ليفربول في صفقة انتقال حر.
ويكفي أن نعرف أن تشيلسي قد أعار تشالوبا لسبعة أندية، في الوقت الذي يسعى فيه للتعاقد مع تيموي باكايوكو الذي لا يكبره سوى بخمسة أشهر لكنه شارك في 49 مباراة مع موناكو الفرنسي وكان أحد الأعمدة الأساسية التي ساعدت النادي الفرنسي على الوصول للدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي. وربما أدرك اللاعبون الشباب، في النهاية، خطورة أن يتم تكديسهم في ناد واحد ولا يشاركون بصفة أساسية في المباريات.
ويعد أبرز مثال على ما يحدث مع اللاعبين الشباب هو ما حدث مع نيمانيا ماتيتش، الذي باعه تشيلسي إلى بنفيكا البرتغالي قبل أن يعود لشرائه مرة أخرى بعد ثلاث سنوات، وكأن الطريقة الوحيدة لحصول اللاعب على الخبرات هي أن يدفع تشيلسي ملايين الجنيهات لناد آخر! والسؤال الآن هو: لماذا يحدث ذلك؟
لقد أثبت رونالد كومان، سواء في ساوثهامبتون أو في إيفرتون، أنه يمكن الاعتماد على اللاعبين الشباب في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن المديرين الفنيين في الأندية الأعلى - ربما باستثناء المدير الفني لتوتنهام ماوريسيو بوكيتينو - لا يثقون في اللاعبين الشباب. وللأسف، انطبق نفس الأمر الموسم الماضي على المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا، رغم أنه كان يعتمد على الشباب في كل من برشلونة وبايرن ميونيخ.
ومع ذلك، يجب ألا نلقي باللوم على المديرين الفنيين وحدهم، إذ يبدو أن هناك مشكلة ثقافية هنا ورغبة جامحة في شراء وبيع اللاعبين. وعلاوة على ذلك، يفضل اللاعبون الانتقال بين الأندية لأنهم يعملون على تحسين عقودهم وغالبا ما يحصلون على نسبة من قيمة الانتقال. وبالطبع، يحب وكلاء اللاعبين الانتقالات بسبب المقابل المادي الذي يحصلون عليه، كما يحب مديرو الكرة والمديرون التنفيذيون انتقالات اللاعبين لأنها تبرر وجودهم وتعطيهم فرصة إبرام تعاقدات جديدة. وحتى الصحافيون يحبون انتقالات اللاعبين لأنها تعطيهم شيئا يتحدثون عنه. ويحب المشجعون انتقالات اللاعبين لأنهم دائما ما يرغبون في رؤية اللاعبين وهم يدافعون عن ألوان فرق جديدة في مغامرات جديدة.
وعلى المدى القصير، يستفيد الجميع من جنون شراء وبيع اللاعبين. ولكن في نهاية المطاف، فإن العالم الذي يقوم على الإنفاق يعزز قوة وسلطة الأثرياء ويخنق الجوانب الفنية ويعيق تطور الشباب. ولذا، تخسر كرة القدم ويخسر الجميع على المدى البعيد.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».