«سي اللول»... ملتقى الفنانين ومحبي البساطة ورائحة اليود

مطعم أسماك بداخل سفينة راسية على شاطئ المكس

يرتاد المطعم العديد من الفنانين أثناء تصوير الأفلام والمسلسلات 
وجبة سمك بين منازل الصيادين على  شاطئ المكس 
طاولة مطلة على فنار المكس
يرتاد المطعم العديد من الفنانين أثناء تصوير الأفلام والمسلسلات وجبة سمك بين منازل الصيادين على شاطئ المكس طاولة مطلة على فنار المكس
TT

«سي اللول»... ملتقى الفنانين ومحبي البساطة ورائحة اليود

يرتاد المطعم العديد من الفنانين أثناء تصوير الأفلام والمسلسلات 
وجبة سمك بين منازل الصيادين على  شاطئ المكس 
طاولة مطلة على فنار المكس
يرتاد المطعم العديد من الفنانين أثناء تصوير الأفلام والمسلسلات وجبة سمك بين منازل الصيادين على شاطئ المكس طاولة مطلة على فنار المكس

أمام فنار المكس التاريخي وفي بقعة هادئة على شاطئ البحر المتوسط لا تزال محافظة على طرازها البكر، خضت تجربة زيارة مطعم أسماك غير عادي هو مطعم «قلعة سي اللول» أو أسماك «اللول». يقع المطعم على الرمال بين كبائن المكس الخاصة بالصيادين منذ نهايات القرن الـ19، والتي كانت تخص اليونانيين والمالطيين والإيطاليين العاملين بالصيد. المطعم عبارة عن متن سفينة خشبية عملاقة. وهو بالكامل مبني بالأخشاب ومطلي باللون الأزرق بتدرجاته. شعور جميل يتملكك وأنت بهذا المكان الذي يتسم بروح سكندرية مصرية خالصة تتسم بالبساطة كما يقال «قعدة بلدي».
بمجرد دخولك سيدخلك العاملون بالمطعم لصالة الاستقبال التي تزدان بلوحات زيتية لكبار الفنانين المصريين والعالميين ممهورة بتوقيع الفنان التشكيلي عادل بسيوني، ثم تستقبلك أم ميادة صاحبة المطعم بزيها الشعبي الأنيق الجلباب المزركش، لتشعر أنك في بيت أحد أفراد أسرتك، تسألك عن الأسماك التي ترغب في تناولها وتصطحبك لانتقاء الأسماك وفواكه البحر من حجرة مخصصة لحفظها، بعدها يمكنك الاستمتاع بالهواء المشبع باليود المنعش على طاولتك المطلة على البحر مباشرة أو الاستلقاء على أريكة في أجواء مصرية، في الطابق العلوي من قلعة «اللول».
يقوم الزبائن باختيار الأسماك بالكيلو، وهي أسعار معقولة وغير مبالغ فيها، يشتهر المطعم بالمذاق البيتي السكندري، ونرشح لك صينية السمك بالبطاطس المتبلة بالثوم والبهارات مع أرز الصيادية البني اللون، كما تشتهر أم ميادة بإعداد الجمبري بطريقة مميزة تحافظ على نكهته مع تتبيلة خاصة تفوق المطاعم الخمس نجوم. أيضاً للأسماك المشوية مذاق شهي ومنها الدينيس والمياس والبوري والبلطي، أما السَلطات فهي على الطريقة المصرية «البيتي» حيث تقدم الخضراوات الطازجة مع عصير الليمون والخل والملح وحلقات البصل.
تقوم «أم ميادة» بإعداد الوجبات والإشراف عليها بنفسها يومياً، وعن قصة قلعة «سي اللول» تقول لـ«الشرق الأوسط» بعد نفس عميق استعادت معه ذكريات كفاحها هي وزوجها: «كل هذا المكان بدأ بطاولة خشبية ووابور، بدأنا منذ كنا نطهو الطعام للصيادين وزوار المكس من السياح والفنانين، ومع الوقت بدأ المكان يتوسع، أحرص على أن يكون الطعام طازجاً ومحضراً بعناية يساعدني عدد من الشيفات والعمال، ويوميا يحرص زوجي «اللول» على جلب الأسماك بنفسه فجر كل يوم ويباشر العمل بنفسه حتى بعد منتصف الليل، وهو من قام بتصميم هيكل السفينة الراسية التي تضم المطعم».
وتضيف بفخر: «لدي زبائن يأتون إلي خصيصاً من كل مكان وأحياناً يأتي لي زبائن من القاهرة مخصوص وأهمهم حبيبتي الفنانة عبلة كامل، والفنانة نبيلة عبيد، والفنان يحيى الفخراني، وكان الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة زبوناً دائماً لدي ويحب أن يجلس ساعات يتأمل شارداً ويكتب أحياناً».
تصطحبني في جولة في الطابق العلوي للمطعم وتقول بفخر: «هنا تم تصوير مشاهد من فيلم (من 30 سنة) كمنزل إقامة الفنانة منى زكي، والفنان أحمد السقا، وأيضاً مشهد من فيلم «المرأة والساطور» قلت لها أيضاً أمام المطعم كان مكان تصوير مسلسل «ليلة القبض على فاطمة» بطولة فردوس عبد الحميد وفاروق الفيشاوي، قالت: «لقد تم تصويره في هذا الشاليه المواجه لنا وكان منزل والدة زوجي، هناك كثير من الأفلام والمسلسلات تم تصويرها هنا؛ نظراً لتميز المكان وطبيعته».
تجربة مطعم «اللول» تجربة ثرية على المستوى الإنساني قبل أن تكون مجرد تجربة «أكلة سمك» ستتعرف خلالها على أهل الإسكندرية بأصالتهم وشهامتهم، طبيعة المكان الهادئة وتعاون كل أهل المنطقة لتلبية أي استفسار لك.. وفوق ذلك ستتمكن من التقاط «سيلفي» مع فنار المكس الأثري أحد أهم معالم الإسكندرية والذي يعود تاريخه لأكثر من 150 عاماً.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».