هدوء حذر في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان بعد اشتباكات بين إسلاميين وحركة فتح

قائد «كتائب شهداء الأقصى» لـ («الشرق الأوسط»): فتح فقدت السيطرة على المخيمات

إجراءات أمنية مشددة حول مداخل مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان (رويترز)
إجراءات أمنية مشددة حول مداخل مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان (رويترز)
TT

هدوء حذر في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان بعد اشتباكات بين إسلاميين وحركة فتح

إجراءات أمنية مشددة حول مداخل مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان (رويترز)
إجراءات أمنية مشددة حول مداخل مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان (رويترز)

يسود هدوء حذر مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان بعد اشتباكات بين إسلاميين وعناصر من حركة «فتح» استُخدمت خلالها القذائف الصاروخية، وأدت لسقوط ثمانية جرحى. ودفع هذا التطور الأمني بمشروع توسيع صلاحيات وعديد القوة الأمنية التي تحفظ أمن المخيم إلى الواجهة مجددا بالتزامن مع إقرار قائد كتائب شهداء الأقصى منير المقدح بتراجع دور حركة فتح في المخيمات في لبنان وفقدانها السيطرة عليها بنسبة فاقت الـ80 في المائة.
وكانت الاشتباكات اندلعت بعد ظهر أول من أمس على خلفية محاولة اغتيال علاء حجير قبل أيام، وهو أحد العناصر التابعين لمجموعة بلال بدر الذي يتزعم تنظيم «جند الشام» الإسلامي المتشدد. واستهدف أنصار بدر مقر القوة الأمنية في المخيم ومقر حركة فتح بقذائف صاروخية مما دفع عناصر الأخيرة إلى الرد، وكانت حصيلة الاشتباكات ثمانية جرحى.
وينضوي في كنف «جند الشام» نحو 150 عنصرا بحسب مصادر فلسطينية داخل مخيم عين الحلوة، انضمت إليهم خلال الإشكال مجموعات إسلامية أخرى متشددة مثل «فتح الإسلام» ومجموعة هيثم الشعبي.
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هدوءا حذرا يسيطر على المخيم بعد انسحاب المسلحين من الشوارع وانتشار لجنة أمنية مؤقتة مؤلفة من «عصبة الأنصار» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» لضبط الأوضاع ومنع تجدد الاشتباكات.
وكانت الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان أطلقت نهاية مارس (آذار) الماضي مبادرة للتصدي للفتنة المذهبية ومنع وقوع اقتتال فلسطيني – لبناني، أو فلسطيني - فلسطيني، جددت فيها التزامها بسياسة الحياد الإيجابي ورفض الزج بالفلسطينيين في التجاذبات والصراعات الداخلية اللبنانية، إلا أن أكثر من حادثة أمنية خرقت المبادرة، أبرزها عملية اغتيال مسؤول جمعية «المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) الشيخ عرسان سليمان في «عين الحلوة»، ومقتل ثمانية أشخاص في اشتباكات بمخيم المية ومية في الجنوب.
ورد قائد كتائب شهداء الأقصى منير المقدح، وهو قائد المقر العام لحركة فتح سابقا، الإشكالات الأمنية المتكررة في «عين الحلوة» لتراجع دور الحركة في المخيمات الفلسطينية، لافتا إلى أنها فقدت السيطرة عليها بنسبة فاقت الـ80 في المائة.
وشدد المقدح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب إعادة ترتيب وضع «فتح» كمرجعية داخل «عين الحلوة»، وتمتين القوة الأمنية داخل المخيم لمنع بروز مجموعات متطرفة تزعزع أمنه، لافتا إلى أن التنسيق الدائم بين الفصائل الفلسطينية والجيش اللبناني جنب إلى حد كبير تدهور الأوضاع الأمنية وأخذ المخيم إلى الهاوية.
وحذر المقدح من مشروع لتفتيت وتهجير لاجئي «عين الحلوة» بوصفه أكبر المخيمات الفلسطينية، ولم يستبعد أن تكون مجموعات من «الموساد» الإسرائيلي تسعى لزعزعة أمنه من خلال تنظيمات وأفراد متواطئين مع الموساد.
وتتولى حاليا لجنة أمنية مشتركة، مؤلفة من 70 ضابطا مفرزين من الفصائل، ضبط الأمن في عين الحلوة، حيث لا وجود للجيش والقوى الأمنية اللبنانية تماما كما في المخيمات الفلسطينية الأخرى.
وأكد أمين سر القوى الإسلامية في المخيم ورئيس «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب أنه جرى احتواء الإشكال الأمني الأخير، منبها إلى أن الأوضاع تبقى غير مستقرة ومفتوحة على مواجهات جديدة إذا لم يتخذ قرار نهائي بتشكيل قوة أمنية جديدة بصلاحيات مختلفة.
وأوضح خطاب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن لجنة معنية حضرت مشروعا لتشكيل القوة الأمنية المطلوبة وأن الأمر سيناقش خلال ساعات بهدف إقراره، وقال: «ستكون مهمة هذه اللجنة حماية سكان المخيم والتدخل عسكريا لفض أي إشكالات، فلا تكون كما هي حاليا شرطة سير، بل قوة قادرة على ضبط الأوضاع».
وأكد خطاب أن القوة الأمنية الجديدة ستضم كل الفصائل الأساسية، ولم يستبعد أن يُعرض على بعض الأفراد الذين يعدون متطرفين أو متهمين بأعمال تخريب، الانضمام إلى هذه القوة لضبطهم واحتوائهم وبالتالي محاولة الالتفاف على القوى التي تسعى لضرب أمن المخيم.
يُذكر أن مئات الآلاف من الفلسطينيين لجأوا إلى لبنان عام 1948 مع «النكبة» الفلسطينية، وما زالوا، بعد مرور أكثر من 65 سنة، ينتشرون على 12 مخيما موزعة في أكثر من منطقة لبنانية. وتقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 460 ألفا.
وتفاقمت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين على حد سواء من سوريا بعد اندلاع الأزمة هناك، إلى المخيمات في لبنان، مما أدى إلى تضخم في أعداد السكان وتبعته تداعيات إنسانية واجتماعية وأمنية على المجتمعات اللبنانية والفلسطينية والسورية.
وكان «عين الحلوة» يضم 80 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في كيلومتر مربع واحد، لكن وبعد اندلاع الأزمة السورية في مارس 2011، ارتفع هذا العدد إلى 105 آلاف شخص، معظمهم من الفلسطينيين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.