لا تزال الاستعدادات التركية في ريف حلب الشمالي لحملة عسكرية مماثلة لحملة «درع الفرات» مستمرة وتتكثف مع مرور الأيام، مقابل استنفار كردي للتصدي لأي تحرك من قبل أنقرة وفصائل المعارضة السورية التي تدعمها يهدف إلى الدخول لمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، في المنطقة الممتدة بين مارع في ريف حلب الشمالي ودير جمال في ريف عفرين.
وقال رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «مزيدا من التعزيزات التركية دخلت يوم أمس الثلاثاء إلى ريف أعزاز الجنوبي استعدادا للمعركة المقبلة التي تبدو أقرب من أي وقت مضى، إلا إذا جرى تفاهم اللحظات الأخيرة بين موسكو وواشنطن وأنقرة لاستيعاب التطورات»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الاستعدادات التركية تُظهر أن الحملة بوجه (سوريا الديمقراطية) ستكون أكبر من تلك التي حملت اسم (درع الفرات)». وأضاف: «من المتوقع أن تتركز الحملة في المنطقة الممتدة بين مارع ودير جمال وعند أطراف عفرين بهدف كسر الحلم الكردي بوصل مناطق سيطرة (وحدات حماية الشعب) في الشمال السوري، وحصارهم في عفرين الذي سيبقي لهم عندئذ منفذا واحدا هو مناطق نبل والزهراء، وهذا أشبه بخط أحمر للنظام والأرجح من خلفه موسكو».
واللافت أن روسيا التي توجد بشكل علني في عفرين منذ مايو (أيار) الماضي تغض النظر منذ أسابيع عن الاشتباكات والمناوشات التي تحولت إلى شبه يومية في ريف حلب الغربي بحجة منع صدام محتمل بين الأكراد وبين القوات التركية وفصائل المعارضة. وقد أعلن مسؤولون أكراد في حينها أن الوجود الروسي يأتي ضمن اتفاق بين «وحدات حماية الشعب» والقوات الروسية في سوريا ضمن إطار التعاون في مكافحة الإرهاب، والمساعدة في تدريب القوات على الحرب الحديثة، وبناء نقطة اتصال مباشرة مع القوات الروسية.
وفي حين أكّد مصدر في «درع الفرات» لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعركة مع (سوريا الديمقراطية) باتت وشيكة وسيشارك فيها أبناء المناطق العربية التي تحتلها القوات»، رجحت مصادر قيادية كردية أن تكون موسكو حقيقة ستسمح لتركيا بشن الحملة العسكرية بوجه «سوريا الديمقراطية»، ردا على الخطوات الأميركية الأخيرة بوجه النظام السوري وبالتحديد إسقاط واشنطن طائرة حربية سورية فوق الرقة إضافة للضربات التي توجهها لحلفاء روسيا في محيط التنف، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «تحركات تركية كبيرة ومريبة في ريف حلب الشمالي، وإلى دخول تعزيزات وكميات من الأسلحة الثقيلة غير المسبوقة». وأضافت المصادر: «نحن كقوات كردية مستنفرون ومستعدون تماما للتعاطي مع سيناريو الهجوم التركي، وقد أتممنا استعداداتنا لاقتناعنا بأن أنقرة قد تحاول الاستفادة من خلط الأوراق الحاصل في سوريا، خصوصا من توتر العلاقات الأميركية – الروسية، والأهم من قرار موسكو بغض النظر عن عملية مماثلة لزكزكة واشنطن».
ويعد نواف خليل، «مدير المركز الكردي للدراسات»، أن هدف تركيا ليس عفرين أو المناطق المحيطة بها، بل كل مناطق سيطرة الأكراد على طول الحدود السورية - التركية، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «استعدادات أنقرة لعملية عسكرية في أطراف عفرين تنطلق من حسابات تقول بقدرتها على حصار المنطقة من منطلق أنها غير متواصلة مع كوباني والجزيرة». ويضيف خليل: «أما الأهداف الرئيسية للحملة العسكرية المرتقبة فتأخير تحرير الرقة والتصدي لتوجه (قسد) بعدها لتحرير دير الزور، مستفيدة من خلط الأوراق الحاصل مؤخرا في سوريا وبالتحديد من الموقف الروسي».
وتشير المعطيات إلى أن الحملة التركية لن تتركز فقط في الريف الشمالي لحلب؛ بل ستلاقيها فصائل تنطلق من ريف حلب الغربي، لتنفيذ هجمات متزامنة في المنطقتين على مواقع «قوات سوريا الديمقراطية»، حيث تأتي هذه التحضيرات بعد تصاعد وتيرة الاشتباكات والقصف المتبادل بين الأخيرة من جهة، والفصائل المقاتلة والقوات التركية من جهة أخرى في ريف حلب الشمالي، وفي أعقاب الكمين الذي نصبته القوات الكردية مؤخرا خلال تقدم الفصائل في محيط دير سمعان ومحيط دارة عزة بريف حلب الغربي، التي قضى خلالها 36 مقاتلاً من الفصائل.
استنفار كردي في ريف حلب يقابل تعزيزات أنقرة العسكرية
استنفار كردي في ريف حلب يقابل تعزيزات أنقرة العسكرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة