معركة الموصل «تنتهي خلال أيام» والقوات العراقية في قلب المدينة القديمة

هجوم مضاد لـ«داعش» ينتهي بالفشل والتنظيم محاصر في مربع مساحته 600 متر فقط

معركة الموصل «تنتهي خلال أيام» والقوات العراقية في قلب المدينة القديمة
TT

معركة الموصل «تنتهي خلال أيام» والقوات العراقية في قلب المدينة القديمة

معركة الموصل «تنتهي خلال أيام» والقوات العراقية في قلب المدينة القديمة

قال قائد عسكري عراقي أمس إن المعركة لاستعادة السيطرة الكاملة على مدينة الموصل من تنظيم داعش ستنتهي خلال أيام وإن محاولة المقاومة من المتشددين فشلت. وجاء كلامه في وقت شن «داعش» هجوماً مباغتاً نفّذه انتحاريون على حي التنك في غرب الموصل وتقدم فيه، لكن القوات العراقية استعادت الحي وأفشلت الهجوم الذي بدا بمثابة انتحار في المربع الأخير الذي يحاصر فيه التنظيم في المدينة.
وتمكنت قوات جهاز مكافحة الإرهاب العراقية أمس من استعادة السيطرة على حي الفاروق في قلب المدينة القديمة في الجانب الأيمن من الموصل، بينما واصلت قطعات الشرطة الاتحادية تقدمها في اتجاه سوق السرجخانة آخر معاقل «داعش» في المدينة القديمة، وخاضت معارك شرسة ضد مسلحي التنظيم المحاصرين في آخر 600 متر مربع من مساحة مدينة الموصل.
وقال ضابط برتبة مقدم في قوات مكافحة الإرهاب (قوات عراقية تلقت تدريبات خاصة بحرب المدن والشوارع من القوات الأميركية)، لـ«الشرق الأوسط»: «المعارك تقترب من الحسم، لم يتبق سوى مساحة صغيرة من المدينة القديمة ونعلن الانتصار النهائي، تمكنت قطعاتنا (أمس) وبعد معارك ضارية واشتباكات عن قرب مع العدو من تحرير حي الفاروق الأولى بإسناد من طيران الجيش العراقي، وقتلت العشرات من مسلحي التنظيم المتحصنين في أحياء الموصل القديمة».
وعلى رغم أن القوات العراقية تؤكد أن «داعش» يلفظ أنفاسه الأخيرة عسكرياً في الموصل، إلا أن «انغماسيي» التنظيم شنوا الليلة قبل الماضية هجوماً على حي التنك وسوق المعاش في الجانب الأيمن من الموصل الذي حررته القوات الأمنية في نهاية أبريل (نيسان) الماضي. وقال المواطن مازن محمد من سكان الحي لـ«الشرق الأوسط»: «سمعنا أصوات اشتباكات ودوي انفجارات مساء. بدأ مسلحون من داعش في اقتحام الحي وهاجموا القوات الأمنية. استمرت الاشتباكات أكثر من ثلاث ساعات، كنا نخشى عودة سيطرة داعش على أحيائنا مرة أخرى، لكن قوات مكافحة الإرهاب استعادت السيطرة على الحي، رأينا جثث عدد من مسلحي داعش متناثرة في أزقة الحي بعد انتهاء المعارك».
وأعلنت خلية الإعلام الحربي العراقية، في بيان، أن قوات مكافحة الإرهاب استعادت السيطرة على الموقف وأعادت الاستقرار إلى حي التنك، ونفذت عمليات تفتيش وإعادة الانتشار فيه. وقال قادة عسكريون في الجيش العراقي إن التنظيم «يحاول من خلال شن مثل هذه الهجمات كسر الحصار على مسلحيه المحاصرين في المدينة القديمة لإعاقة تقدم القوات العراقية باتجاه تحرير ما تبقى من مدينة الموصل».
أما قائد قوات مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي فقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المجموعة (التي شنت الهجوم في حي التنك وسوق المعاش) خرجت مع النازحين واستقرت في حي التنك. أعادوا التجمع وانطلقوا بهجمات مضادة». وأضاف: «بعد الهجوم ليل البارحة (الأحد)، وصلت قواتنا إلى المكان وصدت المهاجمين. الآن لم يبق شيء. هناك فقط مجموعتان محاصرتان، ويتم تفتيش (منطقة) اليرموك من منزل إلى آخر. سنقوم بعمليات تفتيش في كل الجانب الأيمن (غرب الموصل)». وأوضح مصدر طبي في قوات مكافحة الإرهاب لوكالة الصحافة الفرنسية أن الهجوم أسفر عن سقوط «شهداء قتلهم داعش». ولفت إلى أن ما بين 15 إلى 20 عنصراً من التنظيم قتلوا خلال الاشتباكات مع القوات الأمنية.
وتزامناً مع تواصل المعارك في محاور مكافحة الإرهاب، خاضت قطعات الشرطة الاتحادية معارك شرسة أمس ضد مسلحي «داعش» في المدينة القديمة، وبين قائد قوات الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط»: «تصدّت قواتنا لهجوم من إرهابيي داعش في المدينة القديمة، وقتلت أربعة انتحاريين ودمرت دراجتين ناريتين».
وأحكمت الشرطة الاتحادية أمس حصارها على مسلحي التنظيم في سوق السرجخانة (أحد أقدم أسواق الموصل). وكشف الفريق جودت أن فرق الهندسة العسكرية التابعة لقواته أنجزت افتتاح شارع نينوى المؤدي إلى الجسر القديم، بعدما طهرته بالكامل من الأفخاخ والألغام، وفتحت أربعة ممرات آمنة للنازحين. وأردف شوكت: «وحدات القتال الليلية التابعة للشرطة الاتحادية مدعومة بالقناصين تواصل مهماتها القتالية وهي على مسافة 600 متر من إنجاز مهمتها في المربع المتبقي من المدينة».
أما الفريق عبد الغني الأسدي قائد جهاز مكافحة الإرهاب في الموصل فقال في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز»: «لم يبق إلا الشيء القليل من المدينة وتحديداً المدينة القديمة». وأضاف: «من حيث التقييم العسكري داعش انتهى. فقد روح القتال وفقد توازنه، ونحن نوجه لهم نداءات أن يستسلموا أو يلاقوا الموت».
وذكر الأسدي أن محاولة متشددي التنظيم في وقت متقدم مساء الأحد العودة إلى الأحياء خارج المدينة القديمة فشلت، مضيفاً أن استعادة الموصل كلها ستكون «خلال أيام قليلة». وقال الأسدي إن القوات العراقية التقت أمس عند شارع الفاروق وهو شارع رئيسي يقطع المدينة القديمة وستبدأ التوغل شرقاً صوب النهر، مضيفاً أن هذه هي المرحلة الأخيرة من المعركة.
ومع اقتراب القوات العراقية من حسم المعارك، ترتفع أصوات موصليين مطالبة بطرد عوائل مسلحي التنظيم. وشهدت المدينة خلال الأسبوع الماضي مظاهرة نظّمها متطوعون شباب وعائلات ضحايا التنظيم طالبت بطرد عائلات مسلحي «داعش» في الجانب الأيسر من المدينة، لكن الشرطة المحلية في المدينة منعت المتظاهرين من استكمال مظاهرتهم وطالبتهم بإنهائها. بدوره نفى مسؤول أمني عراقي في الموصل لـ«الشرق الأوسط» إلقاء منشورات تهديدية على منازل عائلات مسلحي التنظيم، مشيراً إلى أن مجلس قضاء الموصل أصدر أخيراً قراراً ينص على ترحيلهم إلى مخيمات خارج المدينة.
ودمر متشددو «داعش» الأسبوع الماضي جامع النوري التاريخي ومئذنته الحدباء. ومن هذا المسجد الشهير أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قيام ما وصفها بـ«دولة» على أراض في العراق وسوريا قبل ثلاثة أعوام. ولا تزال أرض المسجد تحت سيطرة «داعش».
وكانت القوات العراقية انتزعت السيطرة على الشطر الشرقي من الموصل في يناير (كانون الثاني) بعد مائة يوم من القتال وبدأت مهاجمة الشطر الغربي في فبراير (شباط). ويقدّر الجيش العراقي أن نحو 350 متشدداً ما زالوا محاصرين في المدينة القديمة، حيث يندسون وسط المدنيين في منازل متداعية. ويعتمد المتشددون بشكل مكثف على الشراك الخداعية والانتحاريين ونيران القناصة لإبطاء تقدم القوات العراقية.
وقال نازحون إنه لا يزال أكثر من 50 ألف مدني، أي نحو نصف سكان المدينة القديمة، محاصرين خلف خطوط «داعش» في ظل نقص الغذاء والمياه والأدوية. وتقول منظمات إغاثة إن التنظيم منع كثيرين من المغادرة ويستخدمهم دروعاً بشرية. وقتل مئات المدنيين وهم يهربون من المدينة القديمة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وسيمثل سقوط الموصل نهاية الشطر العراقي من دولة «داعش». وترك البغدادي القتال في الموصل لقادة محليين ويعتقد أنه يختبئ في المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا. ولم يرد تأكيد لتقارير روسية خلال الأيام القليلة الماضية بأنه قُتل.
وفي سوريا اقتربت «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي تحالف يقوده الأكراد وتدعمه الولايات المتحدة، من فرض حصار كامل على الرقة معقل التنظيم.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.