لافروف: «لقاء آستانة» المقبل لبحث تفاصيل مناطق خفض التصعيد

تركيا ترى تحسناً في الوضع بسوريا بعد الاتفاق

طفل من دوما يلعب أمام مبنى دمره القصف على البلدة التي تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق (رويترز)
طفل من دوما يلعب أمام مبنى دمره القصف على البلدة التي تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق (رويترز)
TT

لافروف: «لقاء آستانة» المقبل لبحث تفاصيل مناطق خفض التصعيد

طفل من دوما يلعب أمام مبنى دمره القصف على البلدة التي تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق (رويترز)
طفل من دوما يلعب أمام مبنى دمره القصف على البلدة التي تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق (رويترز)

اتهم التحالف الدولي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بالشفقة على «جبهة النصرة»، وشدد على أن «لقاء آستانة» المقبل حول الأزمة السورية سيركز على وضع تفاصيل إقامة مناطق «خفض التصعيد»، في الوقت الذي رأت فيه تركيا أن تغييراً حصل في سوريا بعد تطبيق هذا الاتفاق.
وفي مؤتمر صحافي عقب محادثاته في موسكو، أمس، مع نظيره الإثيوبي وركنيه غيبيهو، أشار لافروف إلى أن «اللقاء المرتقب بعد عدة أيام في آستانة، سيكون كما اتفقت الدول الضامنة، مكرساً لصياغة تفاصيل عقيدة إقامة مناطق خفض التصعيد، بدعم من الحكومة السورية وبمشاركة المعارضة السورية المسلحة التي انضمت إلى عملية آستانة». وأكد أنه سيتم وضع تلك العقيدة بكل تفاصيلها، لافتاً إلى لقاءات تجرى حالياً على مستوى الخبراء، وأنهم عقدوا لقاء مؤخراً في موسكو، وأكد: «ويجري نقاش لصياغة كل التفاصيل الضرورية، ليبدأ التنفيذ في الواقع العملي».
يذكر أن الدول الضامنة شكلت بعد «لقاء آستانة» الأخير، في 3 - 4 مايو (أيار) الماضي لجنة خاصة مهمتها الاتفاق على تفاصيل تنفيذ مذكرة مناطق «خفض التصعيد». وكان مقررا في البداية أن تنهي اللجنة عملها في 4 يونيو (حزيران) الحالي الموعد الأولي للقاء جديد في آستانة برعاية الدول الضامنة، غير أن موسكو أعلنت في البداية تأجيل الموعد حتى منتصف الشهر، ومن ثم حتى مطلع يوليو (تموز) بذريعة شهر رمضان. وطيلة الفترة الماضية تضاربت الأنباء حول عمل لجنة الخبراء، وبينما قال البعض إنهم اتفقوا عمليا على الجزء الأكبر من التفاصيل لبدء إقامة مناطق «خفض التصعيد»، أشارت مصادر إلى بقاء عقبات جدية فشل الخبراء الروس والأتراك والإيرانيون في تجاوزها. ومؤخراً تضاربت الأنباء حول مشاركة مراقبين من كازاخستان وقرغيزستان في الرقابة على تلك المناطق. ومن المنتظر أن تعرض اللجنة على المشاركين في لقاء «آستانة»5 في 4 - 5 يوليو المقبل، ما اتفقت عليه من تفاصيل حول حدود المناطق، وآليات الرقابة، ومن هي الدول التي ستشارك في تلك المهام، وطبيعة تفويضها. وتشترط كازاخستان وقرغيزستان تفويضا دوليا وقرارا من مجلس الأمن الدولي لإيفاد مراقبين إلى مناطق خفض التصعيد، وكانت روسيا قد عرضت مذكرة حول تلك المناطق على مجلس الأمن، للحصول على الدعم، لكنها قالت إن الأمر لا يتطلب قرارا من المجلس أو رعاية دولية، وإن الدول الضامنة قادرة على القيام بالمهمة.
وحسب تصريحات وزير الخارجية الروسي، أمس، فإن العمل حتى الآن مستمر، وما زالت لجنة الخبراء الخاصة بمذكرة مناطق «خفض التصعيد» تبحث «المسائل العملية، والتقنية، والمهنية العسكرية، ويجري حاليا النظر بصورة مستقلة لكل منطقة من تلك المناطق، وتحديد الطرق الأمثل لضمان عملها، إن كان لجهة المراقبة على الالتزام بوقف الأعمال القتالية، أو لجهة ضمان الوصول دون عراقيل، وإيصال المساعدات الإنسانية، وتنقل المدنيين». وأكد لافروف أنه «منذ أن تم الإعلان عن إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، يُلاحظ تراجع ملموس للنشاط العسكري والعنف» في تلك المناطق.
في شأن متصل، اتهم وزير الخارجية الروسي دول التحالف الدولي ضد الإرهاب بـ«الشفقة» على «جبهة النصرة» وقال إن أدلة ظهرت مؤخراً تثبت أنهم يحاولون تجنيب «جبهة النصرة» الضربات، وعدّ أن مثل هذه الممارسات «لعبة خطيرة لا بد من الكف عنها».
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الكازاخي خيرات عبد الرحمنوف في تصريحات، أمس، إن كلا من روسيا وإيران وتركيا والأردن والمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أكدوا مشاركتهم في «آستانة5» يومي 4 و5 يوليو المقبل. ولم يوضح ما إذا كانت الولايات المتحدة أكدت مشاركتها أم لا، لكنه قال إنه «من المتوقع أن توفد واشنطن ممثلا رفيع المستوى للمشاركة بصفة مراقب في جولة جديدة من المفاوضات في إطار عملية آستانة»، بينما ما زالت الخارجية الكازاخية «تنتظر من الدول الضامنة التأكيد بصورة نهائية حول مشاركة وفد الحكومة السورية، ووفد المعارضة السورية المسلحة، في اللقاء».
من جهته, قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الوضع في سوريا تحسن كثيراً وأصبح أفضل حالياً مما كان عليه في الماضي، وتوقفت الاشتباكات إلى حد كبير على خلفية المبادرة التركية مع كل من روسيا وإيران.
وأضاف جاويش أوغلو في تصريحات الليلة قبل الماضية في مدينة أنطاليا جنوب تركيا في إشارة إلى اتفاق مناطق «خفض التوتر» الذي تقول تقارير إن خلافات تركية - إيرانية تحول دون البدء في تنفيذه: «في السابق كنا نذكر سوريا من خلال الإدانات التي نطلقها بسبب إلقاء القنابل والقذائف على النساء والأطفال، وبفضل المبادرة التركية مع روسيا وإيران، تم وقف الاشتباكات في سوريا إلى حد كبير».
ولفت جاويش أوغلو إلى أنّه على الرغم من كون الأوضاع في سوريا أفضل مما هي عليه في العام الماضي، فإن المشكلة السورية لا يمكن أن تنتهي من دون إيجاد حل سياسي.
وكانت تركيا اتفقت في اجتماع آستانة الرابع، مع كل من روسيا وإيران على إقامة مناطق خالية من الاشتباكات، والتي يتم على أساسها نشر قوات تابعة للدول الثلاث بهدف حفظ الأمن في مناطق معينة من سوريا، التي اتفق على أن تكون في حلب وحماة وإدلب وأجزاء من محافظة اللاذقية الساحلية.
وأشار جاويش أوغلو إلى أن بلاده تقوم بمساعٍ كبيرة لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في المناطق المحررة السورية، وكذلك في سبيل إيجاد حل نهائي فيها.
في سياق متصل، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن تركيا أوقفت محاولة إقامة «حزام إرهابي» على طول حدودها مع سوريا، «إلا أن هناك بعض الدول التي نعتبرها حليفة وصديقة لنا (في إشارة إلى الولايات المتحدة) لم ترَ حرجاً في التعاون مع تنظيمات إرهابية تستهدف وحدة بلادنا».
وأضاف الرئيس التركي خلال لقاء مع أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم للتهنئة بمناسبة عيد الفطر أن «من يعتقدون أنهم يخدعون تركيا بقولهم إنهم سيستعيدون لاحقاً الأسلحة الممنوحة لوحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري سيدركون بعد فوات الأوان أنهم ارتكبوا خطاً فادحاً، في إشارة إلى تقديم الولايات المتحدة الدعم العسكري لحزب الاتحاد وقواته.
وأكد أنه «كما حررت القوات التركية بالتعاون مع الجيش السوري الحر، 2000 كلم شمال سوريا، فإنها ستفعل الشيء نفسه في الفترة المقبلة».
وشدد على أن تركيا تكافح الهجمات التي تقوم بها المنظمات الإرهابية من جهة، وتجابه الألاعيب الدبلوماسية من جهة أخرى، ومساعي النيل من اقتصادها في الوقت نفسه. كما دعا البلدان الأوروبية إلى مراجعة أنفسها مرة أخرى حيال دعم المنظمات الإرهابية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».