إيران تواصل اعتقال أعضاء «داعش» في المناطق الكردية

طهران تعلن إحباط هجمات في عمق الأراضي الإيرانية

إيران تواصل اعتقال أعضاء «داعش» في المناطق الكردية
TT

إيران تواصل اعتقال أعضاء «داعش» في المناطق الكردية

إيران تواصل اعتقال أعضاء «داعش» في المناطق الكردية

أعلن القضاء الإيراني، أمس، عن اعتقال أكثر من 50 شخصاً بتهمة الانتماء لتنظيم داعش منذ هجومي طهران في السابع من الشهر الحالي، وذلك غداة إعلان المخابرات الإيرانية اعتقال خلايا «تابعة لتنظيم داعش»، وإحباط مخطط لها في مظاهرة الجمعة بمناسبة «يوم القدس» بمدن مذهبية، ومحافظات في عمق الأراضي الإيرانية.
وقال المدعي العام بمدينة كرمانشاه، نعمت صادقي، ذات الأغلبية الكردية، أمس، إن السلطات «ضبطت ذخيرة ومتفجرات وأحزمة ناسفة من المعتقلين» وفق ما نقلت عنه وكالة «إيرنا».
ويأتي الإعلان بعد أسبوعين على إعلان وزير المخابرات الإيراني محمود علوي القضاء على تنظيم داعش في إيران، كما أكد مقتل العقل المدبر لهجومي طهران في خارج الحدود الإيرانية.
وقالت وزارة المخابرات الإيرانية، أول من أمس، إنها اعتقلت «خلية على صلة بتنظيم داعش كانت تنوي القيام بعمليات إرهابية». وبحسب بيان المخابرات الإيرانية فإنها «اعتقلت الخلية يوم الجمعة»، مشدداً على أنها كانت تنوي القيام بعمليات في مدن «دينية» ومحافظات في عمق الأراضي الإيرانية، من دون الإشارة إلى اسم المحافظات، لكن البيان أوضح أن قوات الأمن ضبطت متفجرات.
وأعلنت دائرة العلاقات العامة في الحرس الثوري بمحافظة كردستان عن تفكيك خلية «إرهابية» كانت «تخطط لزعزعة الاستقرار داخل البلاد»، وأشار البيان إلى مقتل ثلاثة مسلحين، واعتقال آخر، من دون تقديم تفاصيل.
وأفادت وكالة «تسنيم»، نقلاً عن المسؤول الإيراني، بأن قوات الأمن «تشرف على المحافظات الحدودية»، نافياً حدوث مواجهات عسكرية وتبادل إطلاق نار مع المسلحين.
وكان بيان للمخابرات الإيرانية بعد 48 ساعة على هجومي مقر البرلمان ومرقد الخميني، أعلن عن اعتقال 41 شخصاً من أعضاء «داعش» في خمس محافظات إيرانية، بما فيها العاصمة طهران.
في السابع من الشهر الحالي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجومي «داعش»، اللذين أسفرا عن مقتل وجرح أكثر من 60 شخصاً بمقر البرلمان ومرقد الخميني.
وشن الحرس الثوري بداية الأسبوع الماضي هجوماً بإطلاقه سبعة صواريخ باليستية باتجاه دير الزور السورية ضد مواقع تنظيم داعش.
ويأتي الإعلان عن الاعتقالات الجديدة بعد أيام من تحذيرات أطلقتها رئيس مجمع مدافعي حقوق الإنسان الإيرانية، شيرين عبادي، حول اتخاذ الهجومين كـ«ذريعة» لقمع القوميات في إيران، كما حذرت من تفاقم «التوتر» في مناطق ذات الأغلبية العرقية في مناطق مختلفة من إيران بسبب تشديد الأجواء الأمنية.
سبق ذلك، تحذير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية من ارتكاب السلطات «أعمالا غير قانونية كالتعذيب والاعترافات القسرية والإعدام، وطالبت بإجراء محاكمة شفافة وعادلة للموقوفين بتهمة الإرهاب». وقال المنظمة إن «الإعدامات العشوائية والقمع والسلوك غير القانوني على يد القوات الأمنية من شأنها أن تساهم في تنامي العنف والتطرف».
وكان النائب نادر قاضي بور، أعلن الثلاثاء الماضي، عن اعتقال 40 شخصا آخرين بتهمة الانتماء لتنظيم داعش في خمس مدن كردية بمحافظة أذربيجان شمال غربي البلاد.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».