مطلوب يتسبب بأزمة دبلوماسية بين المغرب وهولندا

الرباط قالت إنه «تاجر مخدرات» واتهمته بدعم احتجاجات الريف... واستدعت سفيرها في لاهاي

مطلوب يتسبب بأزمة دبلوماسية بين المغرب وهولندا
TT

مطلوب يتسبب بأزمة دبلوماسية بين المغرب وهولندا

مطلوب يتسبب بأزمة دبلوماسية بين المغرب وهولندا

استدعى المغرب سفيره لدى هولندا، عبد الوهاب البلوقي، من أجل التشاور، في شأن رفض لاهاي تسليم هولندي من أصل مغربي، تتهمه الرباط بـأنه «تاجر مخدرات» يدعم احتجاجات الريف.
وأعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي المغربية، أول من أمس، أن المملكة قررت الاستدعاء الفوري لسفيرها، موضحة أنه خلال اليومين الماضيين جرت اتصالات بين السلطات المغربية والهولندية على مستوى رئيسي الحكومة ووزيري الخارجية على التوالي، «تمحورت حول ممارسات مهرب مخدرات معروف من أصل مغربي مقيم في هولندا».
وأضاف البيان أن «هذا المهرب المعروف كان موضوع مذكرتي بحث دوليتين أصدرتهما في حقه العدالة المغربية، لتكوينه عصابة إجرامية منذ 2010 والتهريب الدولي للمخدرات منذ سنة 2015».
ويتعلق الأمر، بالنائب السابق سعيد شعو، المتحدر من مدينة الحسيمة والمقيم حالياً في هولندا. وكان شعو قد فاز عام 2007 بمقعد نيابي باسم حزب صغير اسمه «العهد»، قبل أن يثار اسمه في محاضر الشرطة القضائية التي حوكم على إثرها بارون المخدرات المغربي نجيب الزعيمي.
وغادر شعو المغرب عام 2010 ليستقر في هولندا، وعرف بدعمه لـ«حركة 18 سبتمبر»، الداعية إلى استقلال منطقة الريف عن المغرب. وكشف بيان وزارة الخارجية المغربية أن الرباط أمدت السلطات الهولندية منذ أشهر عدة، «بمعلومات دقيقة تفيد بتورط هذا المهرب في تمويل وتقديم الدعم اللوجيستي لبعض الأوساط في شمال المغرب»، في إشارة إلى احتجاجات الريف. وسجل أن «المغرب الذي، وبطلب ملح من الاتحاد الأوروبي وهولندا، ما فتئ يتعاون بإخلاص في مجال مكافحة تهريب المخدرات، لن يسمح بأن يعمل مهرب معروف تمكن من تجفيف موارده على إعادة خلق ظروف ملائمة لأنشطته الإجرامية». وذكر المصدر ذاته أنه «تم إبلاغ السلطات الهولندية بوضوح بأنه يتعين اتخاذ تدابير ملموسة وعاجلة ضد هذا المهرب، الذي يرتزق من الاضطرابات».
وتابع البيان أن «المغرب يحتفظ بحقه في استخلاص كل التبعات والآثار التي قد تفرض نفسها على مستوى العلاقات الثنائية واتخاذ الإجراءات، خاصة السياسية والدبلوماسية، الضرورية». وتابع أن المملكة المغربية قررت الاستدعاء الفوري لسفيرها بلاهاي للتشاور، وستدرس إمكانية عودته إلى منصبه الوظيفي حسب تطور هذا الملف.
وتوقف المراقبون كثيرا عند الفقرة الأخيرة للبيان، إذ اعتبروا أن الأمر أكبر من دعوة السفير للتشاور، بل سحب له، ذلك أن البيان ربط عودة السفير إلى لاهاي بتطور الملف.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن المغرب عالج هذا الموضوع على مستوى رئيسي حكومة البلدين ووزيري الخارجية، وليس على مستوى السفراء.
وعرفت منطقة الريف في السنوات الأخيرة صرامة في تعامل الأمن مع تجار المخدرات، وهو ما جعل هؤلاء يدخلون على خط تأجيج الاحتجاجات في المنطقة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر أمني وثيق الإطلاع «أن سيولة الأموال تدفقت بغزارة على شمال المغرب في الأشهر الأخيرة»، مشيراً إلى أن «مصدرها ومسارها ووجهتها معروفة».
ولَم تتأخر هولندا في الرد على المغرب، إذ صدر بيان مقتضب لوزارتي العدل والأمن الهولنديتين نشرته مواقع إخبارية جاء فيه أن «هولندا ملتزمة مع المغرب بالتعاون الفعال، والمبني على الأسس القانونية الدولية، وسلطة القانون». وأن بيان وزارة الخارجية المغربية «غير مفهوم، وغير ضروري أيضاً»، مشدداً على أن «وزارتي الأمن والعدل لا تتعاملان مع الحالات الفردية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.