أقرّ وزير داخلية النظام السوري اللواء محمد الشعار بوجود «انفلات أمني كبير» في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، في وقت تواردت فيه أنباء من حلب عن مواجهات بين الأجهزة الأمنية واللجان الشعبية الموالية للنظام على خلفية ارتكابها جرائم شبه يومية بحق المدنيين.
وقال الشعار لصحيفة «الوطن» الموالية لدمشق، إنه «تم إبلاغ جميع وحدات قوى الأمن الداخلي للتعامل مع أي مظاهر مسيئة، والإبلاغ عنها أينما وجدت»، مضيفا أن «النظام العام سيطبق على الجميع دون استثناء».
وإذ يعم الانفلات الأمني مناطق سيطرة النظام، فإن أعنفها يقع في مدن حلب واللاذقية والسويداء، حيث ينتشر السلاح من دون ضوابط ويستخدم في أعمال القتل والسلب والاختطاف.
وخلال شهر رمضان تم رصد حالة انفلات أمني غير مسبوقة في حلب، حيث تم تسجيل وقوع 47 حالة اغتصاب ارتكبها مسلحون في اللجان الشعبية و«قوات الدفاع الوطني»، وهي ميليشيات قاتلت إلى جانب النظام، بحسب ما أفادت به مصادر في حلب لـ«الشرق الأوسط». كما تم تسجيل 8 جرائم خطف و13 حالة قتل وأكثر من 18 سرقة.
منذ استعادة النظام السيطرة على كامل حلب نهاية العام الماضي، تعيش المدينة حالة انفلات أمني واسع تفاقم خلال الشهر الأخير. واندلعت مواجهات كانت بحي الأشرفية في 4 يونيو (حزيران) الجاري، أسفرت عن مقتل وجرح ستة عناصر من الميليشيات، وإصابة مدني بجروح خطيرة، كما تم اعتقال أربعة عناصر من الميليشيات، الأمر الذي اضطر بشار الأسد إلى إرسال اللواء ديب زيتون مدير إدارة شعبة الأمن السياسي إلى حلب منتصف الشهر الحالي للوقوف على الوضع الأمني في حلب بعد تزايد الشكاوى خصوصا من ميليشيات علي الشلّي، ويقدر عددهم بألف عنصر مسلح يتبعون «الدفاع الوطني»، ويتمتعون بحماية قوات سهيل الحسن المعروف بـ«النمر».
لكن الأمور في حلب ازدادت تعقيدا مع إصدار ديب زيتون أوامر بشن حملة اعتقالات واسعة استهدفت اللجان الشعبية في عدة أحياء من مدينة حلب منها الأعظمية والأكرمية وسيف الدولة. وفي حي سليمان الحلبي حصلت مواجهة مسلحة أصيب فيها قائد الدورية الأمنيّة التابعة للنظام وعدد من عناصره لدى إلقاء أحد عناصر «اللجان» قنبلتين يدويتين على الدورية التي كانت تستهدف إلقاء القبض على ماهر السخني أحد أبرز أعضاء «اللجان»، لارتباطه بجرائم قتل وسرقة في المدينة.
كما جرت عدة اشتباكات بالأسلحة الفردية بين قوات الأمن، وعناصر من «الدفاع الوطني» واللجان الشعبية في عدة أحياء غرب وشرق المدينة، آخرها وقع الثلاثاء الماضي في منطقة «مشروع 3000» في حي الحمدانية، حيث جرى تبادل لإطلاق النار والقنابل اليدوية بين عناصر «اللجان» ودورية للأمن، قامت بعدها قوات النظام بتطويق الحي، فيما قامت مجموعة من «لواء القدس الفلسطيني» الموالية للنظام باقتحام السكن الجامعي في اليوم التالي وسط إطلاق للنار. وجرى اعتقال الحرس الجامع وسجنهم داخل فرع حزب الجامعة، لـ«الضرورات الأمنية».
وتواكبت حملة الاعتقالات مع صدور قرارات عن أفرع حزب البعث في حلب بمنع حمل السلاح وارتداء اللباس العسكري في مدينة حلب لغير المكلفين، عززتها أوامر من الأسد بتكليف وزارة الداخلية بمكافحة المظاهر المسيئة و«التشبيح» وتخصيص خط ساخن لتلقي الشكاوى في هذا الخصوص. ومن جانبها أعلنت القيادة القطرية لحزب البعث استنفار جميع مؤسساتها وكوادرها لمنع «ظواهر المواكب والمرافقات وإزعاج المواطنين وإهانتهم تحت طائلة المحاسبة الشديدة». وأصدرت القيادة بيانا أعلنت فيه استعدادها «لتلقي جميع الشكاوى على بريد صفحة القيادة الرسمية».
ويشكل الانفلات الأمني في حلب، بحسب مراقبين، تهديدا مباشرا لتطلعات النظام إلى الاستثمار في إعادة إعمار حلب بالتعاون مع حلفائه الإيرانيين والروس، الذين فرضوا سيطرتهم على المدينة إلى جانب قوات النظام. وسبق أن تدخل الأسد بشكل مباشر لردع عمليات سرقة المعامل في منطقة الراموسة وقطع الطرق وفرض إتاوات على البضائع و«التشبيح» بعد استغاثة التجار والصناعيين الموالين للنظام، وطلب رئيس غرفة الصناعة والتجارة في حلب وعضو مجلس الشعب من الرئيس الأسد التدخل الشخصي لوقف تلك الأعمال التي تمنع إعادة الحياة إلى المدينة التي دمر أكثر من ثلثها بشكل كامل.
وتنتشر الشرطة العسكرية الروسية في عدة أحياء للحفاظ على الأمن بعد انسحاب فصائل المعارضة منها، فيما تنشر إيران ميليشياتها في حلب وريفها التي كانت شريكا في معارك حلب وأبرزها مجموعة «الإمام الباقر» وتعدادها 26 ألف عنصر، وهي ميليشيا سوريا - لبنانية مشتركة، تأسست عام 2013. ومعظم مقاتليها من أفراد عشيرة البكارة الموجودة في حلب، إضافة إلى «الدفاع الوطني» ومعظم منتسبيه من السوريين وتم تشكيله بإشراف إيران. وتضم اللجان الشعبية متطوعين محليين. وبحسب مصادر أهلية، أن «عناصر الدفاع الوطني والفرقة الرابعة في مناطق الشاغور والصناعة وغيرها يعتبرون أنفسهم فوق القانون ولا حدود لسلطاتهم».
النظام يقر بـ«الانفلات الأمني» في مناطقه... ومواجهات غير مسبوقة مع ميليشيات
حلب تشهد 47 حالة اغتصاب و13 جريمة قتل و8 حوادث خطف و18 سرقة
النظام يقر بـ«الانفلات الأمني» في مناطقه... ومواجهات غير مسبوقة مع ميليشيات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة