عودة مهجري بلدة الطفيل اللبنانية تنتظر تعبيد الطرقات

عودة مهجري بلدة الطفيل اللبنانية تنتظر تعبيد الطرقات
TT

عودة مهجري بلدة الطفيل اللبنانية تنتظر تعبيد الطرقات

عودة مهجري بلدة الطفيل اللبنانية تنتظر تعبيد الطرقات

لا يزال أهالي بلدة الطفيل اللبنانية على الحدود السورية، مهجّرين في بلدهم وينتظرون تبلغ القرار النهائي للعودة إلى منازلهم من السلطات المعنية، وعلى رأسها وزارة الداخلية بعدما كان «حزب الله» أبلغهم قبل أكثر من شهر أنهم باتوا قادرين على العودة، وإنهاء رحلة تهجير قسري استمرت أكثر من ثلاث سنوات.
ورغم بعض المعلومات التي تشير إلى أن هذه العودة باتت قريبة، قال مصدر متابع للقضية: «إنه لغاية الآن ليس هناك موعد محدد»، رابطاً الأمر بانتهاء التحضيرات اللوجيستية، وبشكل أساسي تعبيد الطريق التي تحتاج بدورها إلى تحويل الاعتمادات اللازمة إلى وزارة الأشغال لتتولى المهمة، خصوصاً أنه لا طريق معبدة تربط البلدة ببقية القرى اللبنانية والمدخل الوحيد إليها هو من الداخل السوري. وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس «إن التنسيق في هذه القضية يتم بين وزارة الداخلية وقيادة الجيش والأمن العام، وعند اكتمال التحضيرات التي لا تقتصر فقط على العودة إنما لتأمين بقائهم في منازلهم، يتم إبلاغ الأهالي بموعد عودتهم».
من جهتها، أفادت مصادر أمنية بأن الجيش اللبناني جاهز لتأمين عودة الأهالي وحمايتهم، وهو ينتظر الضوء الأخضر بهذا الشأن من وزارة الداخلية. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شك فيه أن الطريق هو العائق الأساس الذي يحول لغاية الآن دون عودتهم، لكن وانطلاقاً من موقع البلدة الجغرافي الدقيق يتم العمل على إنشاء مركز للأمن العام اللبناني في المنطقة الحدودية التي ستعتبر معبراً بين لبنان وسوريا وقد يتحول إلى طريق للتهريب في غياب أي وجود أمني».
وتقع الطفيل في أقصى جرود سلسلة لبنان الشرقية، وتحدها من الشرق عسال الورد وحوش عرب في سوريا، وعلى مسافة نحو ثلاثة كيلومترات من الغرب حام، ومن الشمال معربون وبريتال اللبنانية التي تبعد 25 كيلومتراً، ومن الجنوب رنكوس السورية على مسافة خمسة كيلومترات.
وفي حين اتخذت عشرات العائلات قرار العودة على مسؤوليتها، وذلك عبر سلوك الطريق من سوريا إلى الطفيل، وهم في معظمهم من السوريين الذين كانوا يقطنون في البلدة، أكد مواطنون أن «الأهم بالنسبة إليهم هو تأمين حمايتهم للوصول إلى بلدتهم عبر بلدة بريتال اللبنانية، وهم على استعداد لسلوك الطريق الترابية للوصول إلى أراضيهم»، وهو ما يشير إليه أحد مهجري الطفيل الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «السلطات اللبنانية تربط عودتنا بتعبيد الطريق ونحن لا يمكننا المخاطرة بحياتنا من دون حماية الجيش».
بدوره، يقول مفتي البقاع السابق بكر الرفاعي، الذي يتابع هذه القضية، لـ«الشرق الأوسط»: «حصلنا على وعود بأن العودة قد تكون بعد عيد الفطر المبارك وننتظر تأكيد الموضوع». وسأل الرفاعي: «لماذا ربط عودة الأهالي إلى أراضيهم بتعبيد الطريق بشكل كامل في حين أن الطريق الترابية باتت سالكة لسيارات الدفع الرباعي، ومن شأنها أن تفي بالغرض المطلوب في الوقت الحالي، وهو ما أكده وفد من الأمن العام قام بكشف على المنطقة، علما بأن انتظار تحويل الاعتمادات اللازمة، ومن ثم تعبيدها قد يطول إلى أشهر وحتى سنوات؟».
وأكد الرفاعي أن «حزب الله» أكد أن يضمن عودة الأهالي وعدم تعرض النظام السوري لهم، مضيفا: «بذلك، تكون شروط العودة باتت متوفرة وتنتظر القرار النهائي من السلطات اللبنانية»، مشيراً إلى أن نحو 27 عائلة سورية عادت إلى الطفيل، في حين لا تزال 60 عائلة لبنانية تنتظر العودة.
وكانت هذه القضية فجرت خلافاً بين وزير الداخلية نهاد المشنوق و«حزب الله» قبل أكثر من شهر إثر اتخاذ «حزب الله» قراراً بعودة الأهالي إلى الطفيل بعد إنهاء عملية سيطرته على البلدات المحيطة بها ومنطقة القلمون، كما خضع معظمها لما بات يعرف بـ«المصالحات» التي أدت إلى خروج مقاتلي المعارضة منها. وهو ما استدعى رداً من المشنوق، مؤكداً أن «الوزارة لم تنسق في هذا الموضوع وأجهزتها لم تتعاون مع أي حزب أو طرف أو جهة أمنية أو سياسية»، ليعود بعدها، ويؤكد أنه يبذل المساعي اللازمة للإشراف على العودة الآمنة، بالتنسيق مع قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، معتبراً أن «الحكومتين السابقة والحالية قصّرتا في قضيتهم».
وتظهر بلدة الطّفيل بشكل واضح في خريطة لبنان على شكل «إصبع»، تقع في قضاء بعلبك، في البقاع. وكانت وقعت خلافات بشأنها بين لبنان وسوريا قبل أن يعاد ضمّها رسميّاً إلى لبنان عام 1925، لكن ورغم ذلك بقيت البلدة تعاني من إهمال الدولة اللبنانية ويعيش أبناؤها «حياة سورية» أكثر منها «لبنانية» نظراً إلى سهولة الخروج والدخول منها وإليها.
وفي شهر أبريل (نيسان) من عام 2014 دخلت أجهزة الدولة اللبنانية للمرّة الأولى، منذ الاستقلال إلى الطفيل، حين أدخلت المساعدات إلى العائلات بعد شهر من الحصار المزدوج على الجهتين، من سوريا حيث سيطرة قوات النظام ومن البقاع، حيث المناطق المحسوبة على حزب الله، ولا سيما بريتال التي كانت المنفذ الوحيد للطفيل إلى الأراضي اللبنانية عبر طريق ترابي، لتكتمل بعد ذلك وعلى مراحل فصول التهجير إثر اشتداد المعارك في المنطقة بين حزب الله والنظام السوري من جهة والفصائل المعارضة من جهة أخرى، وصولاً إلى سيطرة الحزب والنظام على القلمون والمناطق المحيطة بـ«الطفيل»، وتحديداً درة وسبنا وسهل رنكوس التي خضعت لما بات يُعرَف بـ«المصالحات»، ونتج عنها خروج مقاتلي المعارضة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.