دخلت الأزمة الخليجية مع قطر منعطفاً جديداً، بعد الكشف عن قائمة مطالب خليجية وعربية سلّمتها الدول الأربع إلى الكويت التي تضطلع بدور الوساطة في هذه الأزمة، لكن هذه الدول اتهمت الدوحة بـ«تسريب» قائمة المطالب لوسائل الإعلام بما يدفع الأزمة لمزيد من التصعيد.
وفي أقوى ردّ فعل بعد هذا التسريب حذّرت الإمارات العربية المتحدة من أن هذا التسريب يمثل إعلاناً لفشل جهود الوساطة، ملوحة بـ«الطلاق» كحل نهائي لمواجهة التحديات التي تمثلها قطر على الأمن الخليجي. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش: «التسريب يسعى إلى إفشال الوساطة في مراهقة تعودناها من الشقيق. كان من الأعقل أن يتعامل مع مطالب وشواغل جيرانه بجدية، دون ذلك فالطلاق واقع». وأضاف: «لا يمكن القبول باستمرار دور الشقيق كحصان طروادة في محيطه الخليجي ومصدر التمويل والمنصة الإعلامية والسياسية لأجندة التطرف، وعودته مشروطة».
وتتضمن قائمة المطالب الخليجية التي تم تسريبها، 13 بندا، منها إغلاق قناة الجزيرة وخفض مستوى العلاقات مع إيران. كما تشمل المطالب التي لم تعلن رسميا، بإغلاق قاعدة عسكرية تركية، وهو ما سارع وزير الدفاع التركي فكري إشيق الذي أرسلت بلاده أول من أمس، الدفعة الثانية من قواتها إلى الدوحة، وتستعد لتنظيم مناورة عسكرية مشتركة مع القوات القطرية بعد عيد الفطر، للمبادرة برفض هذا المطلب. وقال إشيق: «إعادة تقييم اتفاقية القاعدة مع قطر ليست مطروحة».
وتطالب الدول الأربع، وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، الحكومة القطرية قطع علاقاتها مع المنظمات الإرهابية بما فيها جماعة الإخوان المسلمين ذات النفوذ المتصاعد هناك، وكذلك قطع علاقاتها مع تنظيمات مصنفة بالإرهاب مثل تنظيم داعش، وجبهة النصرة، وفتح الشام (فرع القاعدة السابق في سوريا)، وتنظيم «حزب الله» في لبنان. ومن بين المطالب وقف دعم الدوحة للإرهابيين، والتخلي عن شخصيات مطلوبة دوليا وإقليميا. ويتعين على قطر أن تجيب على هذه المطالب خلال 10 أيام أو تعتبر هذه المطالب لاغية.
كما طالبت من الدوحة، تسليم جميع المذكورين على قوائم الإرهاب الموجودين على أراضيها. ووقف تمويل الإرهاب والامتناع عن زعزعة الاستقرار الإقليمي. ووقف كل الشبكات الإعلامية التي تديرها جهات قطرية، والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأربع، والامتناع عن تجنيس مواطني هذه الدول، وتسليم المطلوبين، وقواعد البيانات المتعلقة بالتعامل مع المنشقين والمتهمين بالإرهاب. وتشمل أيضاً مطالبة قطر أن تدفع لهذه الدول تعويضات عن أي ضرر أو تكاليف تكبدتها على مدى السنوات الماضية بسبب السياسات القطرية. وأن يخضع الاتفاق على تنفيذ هذه المطالب المراقبة وستصدر بشأنه تقارير شهرية في السنة الأولى ثم كل ثلاثة أشهر في السنة التالية ثم تقرير سنوي لمدة عشرة أعوام، لكن مصادر في القاهرة شككت فيما تم تسريبه، وأكدت أنه غير دقيق، وأن الأسباب التي أدت للمقاطعة أكبر بكثير مما ذكر، «فهناك دعم غير مسبوق لتنظيمات كثيرة مثل الإخوان والحوثي والقاعدة، وتدخلات تخريبية للأمن القومي العربي، وإحداث الفوضى في المنطقة العربية، وتنفيذ مؤامرات ضد ليبيا والعراق والبحرين والإمارات والسعودية ومصر.
وأفادت المصادر المصرية التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، أن «الدوحة لا تلتزم بالإجماع العربي، فقد شاركت في القمة الإسلامية العربية الأميركية في الرياض، ومع ذلك تجاهلت إعلان الرياض، وترفض كل ما من شأنه العودة إلى الحاضنة العربية، كما تعمل على تجميد نشاط مجلس التعاون الخليجي من خلال ممارسات لا ترقى إلى العمل الدبلوماسي لدولة عربية، والأعراف والقوانين الدولية التي تشدد على منع التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول». وأشارت المصادر إلى أن «جهود الوساطة الكويتية مجرد محاولة سوف تكشف الأيام المقبلة عن مدى تجاوب الدوحة معها، مضيفة أنه يجب التعامل مع جميع التنظيمات الإرهابية بمعيار واحد، لاستعادة الاستقرار بالمنطقة، ومنع تمويل الجماعات الإرهابية وإيقاف مدها بالسلاح والمقاتلين».
ولم يرد المسؤولون القطريون على الطلبات بالتعقيب. لكن وزير الخارجية القطري الشيح محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قال يوم الاثنين الماضي إن قطر لن تتفاوض مع الدول الأربع ما لم توقف إجراءاتها ضد الدوحة.
ودعت الإمارات العربية المتحدة جارتها قطر أمس إلى أخذ مطالب دول الجوار بجدية وإلا فإن الأزمة الخليجية يمكن أن تتحول إلى «طلاق» مع الدوحة. واتهم وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش قطر بتسريب وثيقة المطالب، وكتب قرقاش في تغريدة على «تويتر»: «التسريب يسعى إلى إفشال الوساطة في مراهقة تعودناها من الشقيق. كان من الأعقل أن يتعامل مع مطالب وشواغل جيرانه بجدية، دون ذلك فالطلاق واقع». وقال قرقاش: «على الشقيق (قطر) أن يدرك أن الحل لأزمته ليس في طهران أو بيروت أو أنقرة أو عواصم الغرب ووسائل الإعلام، بل عبر عودة الثقة فيه من قبل محيطه وجيرانه». وأضاف: «لا يمكن القبول باستمرار دور الشقيق كحصان طروادة في محيطه الخليجي ومصدر التمويل والمنصة الإعلامية والسياسية لأجندة التطرف، وعودته مشروطة». وقال أيضاً: «الأزمة حقيقية وتصرفات الشقيق وإدارته المرتبكة يمدها، سجل من تقويض أمن المنطقة على المحك، ويبقى أن الوضوح أفضل لنا جميعا والطلاق أحياناً أخير».
ومن ناحية أخرى، رفض وزير الدفاع التركي فكري إشيق مطلب إغلاق القاعدة العسكرية في قطر: وقال «لم أر هذا المطلب رسميا بعد ولكنه قد يعني تدخلا في علاقات ثنائية». وأضاف: «أقول إن القاعدة التركية في قطر لتدريب الجنود القطريين ولأمن قطر والمنطقة. ويجب ألا يستاء أحد من هذا. لا يوجد تفكير لإعادة طرح الاتفاق الخاص بذلك إلى الطاولة». وقال: «إذا كان هناك مثل هذا الطلب فإنه يعني تدخلا في العلاقات الثنائية»، مشيراً إلى أن تركيا قد تواصل تعزيز وجودها في قطر.
ووصلت خمس مركبات مدرعة بالإضافة إلى 23 عسكريا إلى الدوحة يوم الخميس في تحرك قالت القوات المسلحة التركية إنه يأتي ضمن تدريبات عسكرية واتفاق تعاون. وذكرت صحيفة «حريت» أن هناك نحو 88 جنديا تركيا بالفعل في قطر. وقالت الصحيفة إن من المتوقع أن تجري القوات التركية والقطرية مناورة مشتركة بعد عيد الفطر. وأضافت أن عدد الجنود الأتراك في قطر قد يصل في نهاية الأمر إلى ألف جندي وإن من الممكن إرسال وحدة من القوات الجوية أيضاً.
اتهامات خليجية لقطر بإفشال الوساطة عبر تسريب قائمة المطالب
الإمارات تلوح بـ«الطلاق» وتتهم الدوحة بأنها «حصان طروادة»
اتهامات خليجية لقطر بإفشال الوساطة عبر تسريب قائمة المطالب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة