حثت كل من سيول وواشنطن، أمس، الصين على فرض مزيد من الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على كوريا الشمالية لإجبارها على كبح جماح برنامج أسلحتها النووية.
وقال وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون الذي وصف كوريا الشمالية بأنها «أكبر تحد أمني» لبلاده، إن على الصينيين «مسؤولية دبلوماسية للقيام بمزيد من الضغوطات الاقتصادية والدبلوماسية على النظام (في بيونغ يانغ)، إذا كانوا يريدون تفادي تصعيد أكبر في المنطقة».
وتعد مدى قدرة بكين في التأثير على بيونغ يانغ عاملا أساسيا في محاولات نزع فتيل الأزمة الكورية الشمالية. وجاءت تصريحات تيلرسون بعدما التقى إلى جانب وزير الدفاع جيم ماتيس مع مسؤولين صينيين في وزارة الخارجية، حيث أفاد الجنرال السابق أنه يرى فرصة لتحسين العلاقات الدفاعية بين بكين وواشنطن.
من جهتهم، عبّر المبعوثون الصينيون عن معارضتهم لنشر واشنطن منظومة «ثاد»، الدرع الأميركية المتطورة المضادة للصواريخ، في كوريا الجنوبية وطالبوا بسحبها، بحسب بيان لوزارة الخارجية الصينية. وطالبت الصين التي مثلها مستشار الدولة يانغ جيشي، الذي يتولى فعليا الشؤون الخارجية في البلاد، والجنرال فانغ فنغهوي، بإجراء مفاوضات، داعية مجددا إلى اتباع «مسار مزدوج» تعلق من خلاله كوريا الشمالية أنشطتها النووية والصاروخية، فيما توقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تدريباتهما العسكرية الواسعة.
وسعى الرئيس الأميركي، الذي انتقد بكين بشدة خلال حملته الانتخابية، إلى حثها على المساعدة في الضغط على حليفتها كوريا الشمالية، وهو ما أثار قلقا في أوساط الشركاء الآسيويين بأن الولايات المتحدة قد تتساهل في مسألة النزاعات على الأراضي في بحر الصين الجنوبي. لكن ترمب كتب في تغريدة عبر موقع «تويتر» الثلاثاء أن جهود شي لم تؤت ثمارها، وهو ما عاد وأكد عليه أمام أنصاره في آيوا. وقال الرئيس الأميركي أمام حشود ليل الأربعاء «أنا أحب الرئيس شي (....) وأتمنى بأن تقدم الصين المزيد من المساعدة حيال كوريا الشمالية. ولا يبدو أن ذلك يأتي بنتيجة».
ولم يعط ترمب تفاصيل بشأن ما سيحدث في حال لم يعد لدى الصين، أهم شريك تجاري ودبلوماسي لكوريا الشمالية، مقترحات جديدة. أما تيلرسون، فقال إن المسؤولين الأميركيين والصينيين اتفقوا على أنه على الشركات في البلدين عدم التعامل مع أي من الكيانات المدرجة على لائحة العقوبات الأممية.
وجعلت الإدارة الأميركية الحالية من وقف التهديد الكوري الشمالي أولوية لسياسته الخارجية.
ومدد الرئيس الأميركي، أول من أمس، لعام إضافي حالة طوارئ وطنية متعلقة بكوريا الشمالية، فرضها لأول مرة الرئيس السابق جورج بوش الابن عام 2008. وفي رسالة لإخطار الكونغرس بالإجراء، تحدث ترمب عن «خطر انتشار مواد انشطارية يمكن أن تستخدم في الأسلحة في شبه الجزيرة الكورية»، إضافة إلى «التصرفات الاستفزازية والقمعية التي تقوض الاستقرار»، والتي يمارسها نظام بيونغ يانغ و«لا تزال تشكّل تهديدا غير عادي واستثنائيا للأمن الوطني، والسياسة الخارجية، واقتصاد الولايات المتحدة».
من جهته، قال رئيس كوريا الجنوبية مون جيه - إن، أمس الخميس، إن على الصين بذل مزيد من الجهد لكبح برنامج كوريا الشمالية النووي، وإنه سيتصل بالرئيس شي جينبينغ «لرفع كافة الإجراءات» التي اتخذت ضد شركات كورية جنوبية بسبب قرار سول استضافة نظام دفاع صاروخي أميركي.
وقال مون، في مقابلة مع رويترز قبيل سفره إلى واشنطن الأسبوع القادم لعقد قمة مع نظيره الأميركي، إنه يتعين فرض عقوبات «صارمة» إذا أجرت كوريا الشمالية اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات أو أجرت تجربة نووية سادسة.
وقال مون إن كوريا الشمالية ستملك التكنولوجيا اللازمة لنشر صواريخ باليستية ذات رؤوس نووية قادرة على ضرب الأراضي الأميركية «في المستقبل غير البعيد». وأضاف في مجمع البيت الأزرق الرئاسي مترامي الأطراف «أعتقد أن الصين تبذل جهودا لمنع كوريا الشمالية من التمادي في الاستفزازات، إلا أنه ليست هناك نتائج ملموسة بعد». وقال مون «الصين هي الحليف الوحيد لكوريا الشمالية، والصين هي الدولة التي تقدم أغلب المساعدات الاقتصادية لكوريا الشمالية. من دون مساعدة الصين لن تكون العقوبات فعالة على الإطلاق».
على صعيد متصل، وصفت كوريا الشمالية أمس الرئيس الأميركي بـ«المضطرب عقليا» وسط ازدياد التوتر بسبب وفاة الطالب الأميركي أوتو وارمبير الذي أطلق سراحه الأسبوع الماضي وأعيد إلى الولايات المتحدة وهو في حالة غيبوبة بعد سجنه في كوريا الشمالية.
وقالت صحيفة بيونغ يانغ الرسمية «رودونغ سينمون» إن الرئيس الأميركي «في موقف صعب» في بلاده، ويقول إنه يفكر في تسديد ضربة استباقية لكوريا الشمالية لتحويل الانتباه عن أزمة سياسية داخلية. وأضاف تعليق الصحيفة «على كوريا الجنوبية أن تدرك أن اتباع خطى ترمب المضطرب عقليا... لن يؤدي إلا لكارثة».
وتصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية منذ العام الماضي إثر سلسلة من التجارب النووية وعمليات إطلاق الصواريخ التي قام بها النظام الكوري الشمالي، وزادت وفاة وارمبير الذي دفن أمس من توتر العلاقات بين بيونغ يانغ وواشنطن.
وكان ترمب قد هاجم «النظام الوحشي» في بيونغ يانغ بعد وفاة وارمبير، وقال إنه مصمم على «منع مآس كهذه من أن تصيب أشخاصا أبرياء على يد أنظمة لا تحترم حكم القانون أو الأخلاق الإنسانية الأساسية».
وكرر هذه اللهجة الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي - إن، الذي قال إن كوريا الشمالية تتحمل مسؤولية وفاة الطالب. وقال مون لبرنامج «ذيس مورنينغ» على شبكة «سي بي إس» التلفزيونية «أعتقد أننا ندرك الآن أن كوريا الشمالية نظام غير عقلاني».
واشنطن وسيول تحضان الصين على زيادة ضغوطها على كوريا الشمالية
بيونغ يانغ تصعد وتصف ترمب بـ«المضطرب عقلياً»
واشنطن وسيول تحضان الصين على زيادة ضغوطها على كوريا الشمالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة