«خطاب الملكة» يعكس لهجة حكومة ماي الجديدة تجاه «بريكست»

تضمن تراجعات عن خطوات تقشفية

الملكة إليزابيث تلقي خطاب الحكومة أمام البرلمان البريطاني أمس (أ.ف.ب)
الملكة إليزابيث تلقي خطاب الحكومة أمام البرلمان البريطاني أمس (أ.ف.ب)
TT

«خطاب الملكة» يعكس لهجة حكومة ماي الجديدة تجاه «بريكست»

الملكة إليزابيث تلقي خطاب الحكومة أمام البرلمان البريطاني أمس (أ.ف.ب)
الملكة إليزابيث تلقي خطاب الحكومة أمام البرلمان البريطاني أمس (أ.ف.ب)

أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي مرات عدة رغبتها في الخروج من السوق الأوروبية الموحدة واستعادة بريطانيا السيطرة على حدودها؛ للحد من الهجرة الأوروبية فيما يرغب بعض وزرائها في «بريكست» بشروط أكثر ليونة مع البقاء في السوق الموحدة. لكن قبل يوم من إلقاء «خطاب الملكة» الذي افتتح فيه برلمان ويستمنستر أمس وعرضت فيه الحكومة برنامجها لمدة عامين، ألقى وزير الخزانة فيليب هاموند خطابا في حي لندن المالي، قال فيه إن «الشعب البريطاني صوت من أجل الخروج من التكتل الأوروبي، لكنه لم يصوت من أجل أوضاعا اقتصادية أسوأ». هاموند الذي كان متوقعا أن يخسر وظيفته في حكومة ماي كان يحاول أن يبعد نفسه عن توجهات ماي السابقة بخصوص المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي والتي بدأت رسميا يوم الاثنين الماضي. وجاءت تصريحات هاموند لتعكس المزاج العام حول المفاوضات مع بروكسل، والتي أظهرت مواقف شبيهة بالتي تتبناها أحزاب المعارضة.
التوجهات السابقة لماي كان تدور حول ما رددته سابقا بأن «لا صفقة أفضل من صفقة سيئة». خطاب هاموند اعتبر إشارة جديدة بأن حكومة ماي تحاول خروجا سهلا من الاتحاد.
في خطابها أمس، قالت الملكة إليزابيث الثانية أمام النواب من مجلسي اللوردات والعموم: إن الحكومة ملتزمة بالتوصل إلى «أوسع توافق ممكن في الآراء» بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأضافت: «تعطي حكومتي الأولوية للتوصل لأفضل اتفاق ممكن مع خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي».
ونص البرنامج التشريعي على مجموعة من السياسات يهيمن عليها الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يشير إلى أن ماي حريصة على الحصول على دعم موسع للانسحاب من التكتل في تغيير عن توجهها الحاد قبل الانتخابات البرلمانية في الثامن من يونيو (حزيران).
وقالت ماي «رغم أن هذه ستكون حكومة تتشاور وتستمع إلا أننا سنكون واضحين في أننا سنمرر الخروج من الاتحاد الأوروبي بالعمل مع البرلمان ورجال الأعمال والإدارات وغيرها لضمان انسحاب سلسل ومنظم». ومن ناحيتها تعهدت ماي أمس بالاستماع بشكل أكبر لمخاوف رجال الأعمال فيما يتعلق بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبعد أن خسر حزب المحافظين الذي تنتمي له أغلبيته البرلمانية، ومع إعادة فتح النقاش بشأن طبيعة خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي، قدمت ماي تعهدات ثابتة بشأن الرعاية الاجتماعية والتعليم وإدارة الشركات.
وبرنامج الخروج من الاتحاد الأوروبي المؤلف من ثماني مواد من أصل 27 قدمتها الحكومة، هدفه إلغاء مادة في قانون العام 1972 دمجت التشريعات الأوروبية بالقانون البريطاني وخلق قوانين جديدة في مجالات التجارة والهجرة والصيد أو حتى الزراعة.
وفي ظل غموض سياسي غير مسبوق تتعرض ماي لضغط متزايد من أجل التوصل لاتفاق مع الحزب الديمقراطي الوحدوي بآيرلندا الشمالية لدعم حكومتها. وقالت ماي في تصريحات عن برنامجها السياسي «نتيجة الانتخابات لم تكن النتيجة التي أتمناها، ولكن هذه الحكومة سترد بتواضع وعزم على الرسالة التي بعث بها الناخبون». وأضافت: «أولا نحن في حاجة إلى الخروج بشكل صحيح من الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني التوصل إلى اتفاق ينفذ نتيجة استفتاء العام الماضي، ويحقق ذلك بطريقة تحظى بأقصى دعم شعبي».
ويجب أن يقر المشرعون الآن البرنامج عن طريق تصويت، ومن المتوقع أنه سيكون تصويتا فعليا على الثقة. وحكومات الأقلية أمر نادر الحدوث في الحياة السياسية البرلمانية في بريطانيا، حيث عادة ما تسفر الانتخابات عن أغلبية حاكمة. وألقت الملكة إليزابيث كلمتها أمام البرلمان بعد مراسم هادئة؛ إذ تم الاستغناء عن موكبها إلى البرلمان الذي تجره الخيول، كما تخلت عن ارتداء التاج وارتدت قبعة زرقاء. وتم تغيير المراسم مسبقا جراء عدم توفر وقت كاف للتدريبات. ورافق الملكة إليزابيث إلى البرلمان ابنها ولي العهد الأمير تشارلز بعد نقل زوجها الأمير فيليب (96 عاما) إلى المستشفى لإصابته بالتهاب.
وإضافة إلى مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي، تضمن برنامج الحكومة أيضا تعهدا بالانتباه بشكل أكبر لمخاوف المواطنين إزاء التقشف، ولكن لا يغير من التزام الحكومة بتقليل العجز في الميزانية.
وتحتاج خطط ماي إلى دعم الحزب الديمقراطي الوحدوي الذي من المتوقع أن يصوت أعضاؤه العشرة في البرلمان لصالحها مقابل الحصول على تمويل أكبر لآيرلندا الشمالية لتعزيز اقتصادها مع الحصول على ضمانات بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي لن يقطعها عن جمهورية آيرلندا المجاورة.
ولكن لم يعلن عن اتفاق بعد، وقال الحزب: إن المحادثات لا تسير كما هو متوقع. وقال الحزب إنه لا ينبغي التعامل معه بصفته أمرا مسلما به. وقال متحدث باسم ماي إن «الحكومة قدمت برنامجا موسعا. نعتقد أنه برنامج جيد للحكومة يمكن للبرلمان بمجلسيه دعمه».
ولم تأت الملكة في خطابها على ذكر زيارة الدولة للرئيس الأميركي دونالد ترمب ما يلقي بشكوك حول حصولها كما هو مرتقب في الخريف.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».