قال وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى إن اتهامه من طرف تنظيم دولي حقوقي بـ«كره طائفة الأحمدية، واستعداء أتباعها، لا أساس له من الصحة»، ودافع عن «حق الحكومة في متابعة كل من يهدد المجتمع في عقيدته وأمنه»، في إشارة إلى محاكمة 6 من أتباع الأحمدية اليوم بمحكمة الاستئناف.
وصرح عيسى لصحافيين بالعاصمة بأنه ينفي «مزاعم» فرع «منظمة العفو الدولية» بالجزائر، الذي قال في بيان، أول من أمس، إن تصريحات صدرت عن المسؤولين الجزائريين، وعن الصحافة الجزائرية، «تحرض على الكراهية والتمييز ضد الأحمديين. ففي يونيو (حزيران) 2016، وصف وزير الشؤون الدينية والأوقاف وجود الأحمديين في الجزائر بأنه جزء من غزو طائفي مدبر. وفي فبراير (شباط) 2017، قال إن الأحمديين ليسوا مسلمين. وفي أبريل (نيسان) الماضي، دعا أحمد أويحي، مدير ديوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الجزائريين إلى الحفاظ على البلاد من الطائفة الشيعية والطائفة الأحمدية».
ورداً على هذه التهم، قال عيسى إن الملاحقات الأمنية والقضائية التي تمت في حق الأحمديين «تعود أساساً لمخالفتهم التشريع الخاص بجمع الأموال بالمساجد».
وعبر فرع «أمنيستي» بالجزائر، في بيانه، عن قلقه حيال «التضييق» على أتباع الطائفة الأحمدية عشية انطلاق محاكمة 6 منهم، وفق تهم كثيرة، منها «ممارسة شعائر دينية دون ترخيص، وتهديد عقيدة الجزائريين، وجمع تبرعات دون ترخيص، وتوزيع مطبوعات أجنبية تهدد المصلحة الوطنية».
وأفاد التنظيم الحقوقي بأن 280 من أتباع الأحمدية على الأقل، نساء ورجالاً، خضعوا لتحقيقات الأمن ومتابعات القضاء خلال السنة الماضية، وأن «موجة اعتقال» طالتهم، على أثر رفض السلطات الترخيص لنشاط جمعية تضم ناشطين ينتمون لهذه الطائفة، ومحاولتهم فتح مسجد لهم عام 2016 بمدينة البليدة، جنوب العاصمة.
ويقف الأحمديون الستة بين يدي القاضي بعد الطعن في أحكام بالسجن صدرت بحقهم، تراوحت بين عامين و4 سنوات، وتم تطبيق مواد قانون العقوبات على هؤلاء، وسط جدل كبير مستمر منذ سنوات يتعلق بـ«حرية المعتقد»، وهو شعار ترفعه أحزاب وتنظيمات وشخصيات محسوبة على التيار العلماني. ويزداد هذا الجدل حدة هذه الأيام بسبب اعتقال ومتابعة أشخاص بتهمة الإفطار في رمضان في الساحات العامة.
ومن جهتها، قالت هبة مرايف، مديرة البحوث لشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: «إن قمع الأحمديين على مدى العام الماضي يبعث على القلق، فهذه الحملة التي شملت توقيف الأحمديين وملاحقتهم قضائياً هي إشارة واضحة إلى أن السلطات تعمل على تصعيد القيود المفروضة على الحرية الدينية في البلاد»، وأضافت موضحة أنه «يجب على السلطات الجزائرية أن تضمن إسقاط الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الأحمديين، التي تتعلق بممارستهم السلمية لشعائر دينهم، وتفرج فوراً عن هؤلاء المعتقلين».
وأوضحت «أمنيستي» أنه يوجد أكثر من ألفين من الأحمديين في الجزائر. ويعتبر الأحمديون أنفسهم مسلمين، إلا أن المسؤولين الجزائريين يصدرون، حسبه، تصريحات عامة تصفهم بالهرطقة، وبأنهم يمثلون تهديداً للبلاد. وتابع التنظيم أنه «طبقاً لما قاله عدد من أعضاء الطائفة الأحمدية، و3 محامين التقت بهم منظمة العفو الدولية، إلى جانب الوثائق القانونية التي اطلعت عليها المنظمة، فإن أكثر من ثلث المرفوع ضدهم دعاوى قضائية سبقت إدانتهم والحكم عليهم بالسجن لمدد تصل إلى 4 أعوام، أو بتغريمهم مبالغ تصل إلى 300 ألف دينار جزائري (نحو 2.750 دولاراً)، ومعظمهم في حالة إفراج بانتظار نتيجة الدعاوى، عدا 4 منهم مودعين حالياً بالسجن الاحتياطي».
وفي مايو (أيار) الماضي، أطلق سراح رئيس الطائفة الأحمدية في الجزائر بعد 3 أشهر قضاها محبوساً على ذمة المحاكمة، وكان قد أدين بتهم مماثلة، وحكم عليه بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ، وبغرامة مالية. كما حُكم على 10 متهمين آخرين في القضية نفسها بالسجن لمدد تتراوح بين 3 و6 أشهر مع إيقاف التنفيذ، وبغرامات مالية.
ويتكفل وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى بملف الأحمدية، وبنشاط التشيع، بنفسه. وقد صرح للإذاعة الحكومية أخيراً بأن الجزائر «هدف لتيارات إسلامية بعيدة عن ثقافتنا وقيمنا الدينية التي ورثناها عن السلف»، في إشارة إلى انتشار طوائف في كثير من المساجد بالبلاد لم يكن يعرفها المجتمع.
وذكر عيسى أن «تيارات تحاول اختراق المجتمع الجزائري، مثل الطريقة الأحمدية والمذهب الشيعي، أفكارها لا تتماشى مع الإسلام الوسطي الذي يؤمن به غالبية الجزائريين». وحذر الوزير من «التطرف الديني من خلال الأفكار التي تحملها هذه المذاهب التي تستهدف إبعاد الجزائري عن منهجه، وتبث الفرقة والطائفية، بينما الإسلام المطبق في الجزائر هو إسلام وسطي يتعايش مع المذاهب والديانات الأخرى».
وأضاف عيسى أن «الخيار الاشتراكي الذي انتهجته الجزائر غداة الاستقلال (1962) جعل البعض في بلدان أجنبية يتوهم أنّ الجزائر بحاجة إلى إعادة أسلمتها. ومن هنا، بدأ توافد الأفكار والمذاهب الأخرى عليها»، وتحدث عن «غزو مذهبي للجزائر»، وتابع: «إن إسلامنا في الجزائر هو ذاك الذي نزل على النبي محمد، ومارسه في المدينة المنورة، ولا يتأثر بالآيديولوجيات أو الاستغلال السياسي».
الجزائر: جدل حول محاكمة أتباع الطائفة الأحمدية
منظمة العفو الدولية: السلطات تصعد القيود المفروضة على الحرية الدينية في البلاد
الجزائر: جدل حول محاكمة أتباع الطائفة الأحمدية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة