طهران تتهم واشنطن بخرق 3 بنود في الاتفاق النووي

استدعاء القائم بالأعمال الأميركية احتجاجاً على تصريحات تيلرسون

مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي (مهر)
مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي (مهر)
TT

طهران تتهم واشنطن بخرق 3 بنود في الاتفاق النووي

مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي (مهر)
مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي (مهر)

قال مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، إن بلاده وجهت رسالة إلى منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، تتهم فيها واشنطن بخرق 3 بنود في الاتفاق النووي.
وذكر ولايتي أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف «أبلغ الجانب الأوروبي بخرق بنود 26 و27 و28 من الاتفاق النووي، عبر إقرار قانون العقوبات الجديد، في مجلس الشيوخ الأميركي». موضحا أن الطرف الأوروبي «صادق على وقوع خروقات الاتفاق النووي من الجانب الأميركي».
وتشمل البنود الثلاثة آلية رفع العقوبات، والإجراءات الإدارية بين إيران والمجموعة الدولية (5+1)، مقابل التزام طهران بالاتفاق النووي.
ولم تعلن الدول المشاركة في اتفاق فيينا موقفها من قانون العقوبات الجديد في مجلس الشيوخ، إلا أن وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إيرنا) أفادت نقلا عن مصادر مطلعة، بأن الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين «لا يعتبرون قرار مجلس الشيوخ الأميركي خرقا للاتفاق النووي».
وأقر مجلس الشيوخ الأميركي الخميس الماضي بإجماع غالبية الأعضاء «قانون مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار» ويتعين على القانون أن يحصل على موافقة مجلس النواب وتوقيع الرئيس الأميركي قبل تطبيقه.
ويفرض القانون عقوبات مشددة من 3 محاور تستهدف «فيلق القدس» الذراع الخارجي للحرس الثوري، وتطوير الصواريخ الباليستية، وانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي تعليقه على القانون، وجه ولايتي انتقادات ضمنية إلى الجهاز الدبلوماسي والفريق المفاوض النووي الإيراني، وقال إن «الخطوة الأميركية الأخيرة ساعدت على اتفاق في وجهات النظر بين من يشككون في نوايا واشنطن، وأشخاص يحسنون الظن بالجانب الأميركي» حسبما نقلت عنه وكالة أنباء هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.
وكشف ولايتي عن خطوة إيرانية للرد المماثل على قانون «مكافحة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار»، وبحسب ولايتي فإن البرلمان الإيراني سيوافق بالإجماع على «مشروع شامل ضد أميركا ومواجهة قانون مجلس الشيوخ الأميركي». وتابع بأن القانون «سيبلغ للحكومة بعد موافقة مجلس صيانة الدستور عليه».
وبحسب ولايتي، فإن الهيئة الإيرانية العليا المشرفة على الاتفاق النووي اجتمعت الأسبوع الماضي، تمهيدا لتقديم المشروع في الأيام القليلة المقبلة، إلى وزارة الخارجية الإيرانية.
في سياق آخر، استدعت طهران القائم بالأعمال السويسري، الذي تمثل بلاده المصالح الأميركية في إيران، للاحتجاج على تصريحات وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، حول تغيير النظام في إيران.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي: «استدعي القائم بالأعمال السويسري إلى وزارة الخارجية لتسليمه احتجاجا شديد اللهجة، على تصريحات وزير الخارجية الأميركي... التي تتناقض مع القواعد الدولية وميثاق الأمم المتحدة».
وكان ريكس تيلرسون، قد أكد الأسبوع الماضي أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، أن السياسة الأميركية حيال إيران تقضي «بدحر هيمنتها (في الشرق الأوسط) واحتواء قدرتها على تطوير أسلحة نووية، ودعم عناصر في داخل إيران من أجل انتقال سلمي» للنظام.
وسلمت إيران الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أيضا، رسالة احتجاج على هذه التصريحات، كما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا).
ومنذ وصوله إلى الحكم، ينتقد الرئيس دونالد ترمب إيران، بعد نوع من التقارب بدأه سلفه باراك أوباما الذي توصل إلى اتفاق مع طهران حول ملفها النووي في 2015.
وتوعد ترمب مرارا خلال حملته الانتخابية بـ«تمزيق» هذا الاتفاق، وزار في أول انتقال له إلى الخارج السعودية، المنافس الإقليمي الكبير لإيران.
وصوت مجلس الشيوخ الأميركي لتوه بأكثرية ساحقة على قانون لتبني عقوبات جديدة ضد إيران، بسبب «دعمها أعمالا إرهابية دولية» وبرنامجها للصواريخ الباليستية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».