تثبيت نجل الباجي قائد السبسي على رأس إدارة هياكل «نداء تونس» أجج الصراعات داخل الحزب

قيادي في الحركة عد ما يحدث حالات حوار غير عادي بين تيارات سياسية مختلفة

تثبيت نجل الباجي قائد السبسي على رأس إدارة هياكل «نداء تونس» أجج الصراعات داخل الحزب
TT

تثبيت نجل الباجي قائد السبسي على رأس إدارة هياكل «نداء تونس» أجج الصراعات داخل الحزب

تثبيت نجل الباجي قائد السبسي على رأس إدارة هياكل «نداء تونس» أجج الصراعات داخل الحزب

تعيش حركة نداء تونس، المنافس الرئيسي لحركة النهضة في الانتخابات المقبلة على وقع خلافات داخلية لم تفلح مساع كثيرة في حلها من خلال اجتماع أول عقدته يوم الخميس الماضي، واجتماع ثان من المتوقع عقده بعد غد الخميس.
وطفت خلافات حادة بين قيادات الحركة التي أسسها ويقودها الباجي قائد السبسي، رئيس الحكومة التونسية الأسبق، بعد تثبيت حافظ قائد السبسي نجل رئيس الحركة يوم الخميس الماضي على رأس إدارة الهياكل في الجهات.
واجتمعت الهيئة التأسيسية لحزب حركة نداء تونس المعروفة باسم مجموعة «الإحدى عشرة» يوم الخميس 8 مايو (أيار) الجاري في محاولة أولى لنزع فتيل الخلافات والقضاء مبكرا على حرب المواقع التي تدور رحاها قبل أشهر من إجراء الانتخابات نهاية السنة الحالية.
وطفت على السطح تلك الخلافات في مرحلة أولى بعد تعيين محمد الناصر، وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق نائبا للباجي قائد السبسي، وبدا التعيين بمثابة تغليب لشق الدساترة (أنصار الحزب الاشتراكي الدستوري الذي أسسه بورقيبة ومن بعده التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل) في قيادة الحركة، وذلك في مواجهة تيار اليساريين، من ناحية ثانية، وشق التيارات النقابية، من ناحية ثالثة، واستفحلت الخلافات بعد وضع الباجي قائد السبسي ابنه على رأس إدارة هياكل الحزب في الجهات. ولم يعقد حزب حركة نداء تونس منذ تأسيسه القانوني منتصف يونيو (حزيران) 2012. مؤتمره الأول، وهو ما فتح فرصا للتجاذب بين التيارات السياسية المكونة لهذه الحركة.
ويقود «نداء تونس» تحالف «الاتحاد من أجل تونس»، وهو تحالف انتخابي يجمع أربعة أحزاب يسارية وليبرالية، ومن المتوقع أن يترشح قائد السبسي للانتخابات الرئاسية المقبلة بعد أن فسح له انسلاخ الحزب الجمهوري عن الاتحاد الفرصة كاملة للفوز بالترشح. ولم يشارك حزب نداء تونس في انتخابات 2011 لكن استطلاعات الرأي تضعه في مواقع متقدمة في نوايا التصويت وتقدمه ندا قويا لحركة النهضة. وتخشى عدة أطراف سياسية من خلخلة الحزب الذي يعد أكبر منافس لحركة النهضة الإسلامية من الداخل قبل أشهر قليلة من حلول موعد إجراء الانتخابات. وتتحاشى قيادات حركة نداء تونس تفسير ما يحدث من خلافات داخلية، ولا تسعى تسمية الأسماء بمسمياتها. واكتفى القيادي نور الدين بن تيشة بالإشارة إلى «رأس المال الفاسد والمشبوه الذي اتهمه بالوقوف وراء الخلافات الأخيرة التي شهدتها الحركة». وتابع بن تيشة، في تصريح لوسائل الإعلام أن «أشخاصا داخل الحزب لم ينزعوا ثوب الممارسات القديمة وهم يقفون اليوم وراء افتعال هذه الخلافات»، على حد تعبيره. وأبقت الحركة على اجتماع هيئتها التأسيسية مفتوحا لمدة أسبوع بهدف الحد من تبعات التقلبات الداخلية الأخيرة، وإخماد فتيل الأزمة. ورفضت قيادات من الحزب البيان الذي تلا اجتماع يوم الخميس. وكشفت مصادر داخل حركة نداء تونس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن قرار تعيين نجل قائد السبسي كان محل خلاف بل إنه أحدث اصطفافا مؤيدا لحافظ قائد السبسي من ناحية، في مقابل اصطفاف ثان مناهض لأمر «التوريث»، ويرى أن تثبيت ابن السبسي فيه تضخيم في حجم الشق الدستوري التجمعي داخل الحزب على حساب الشق اليساري (يسار ونقابيين)، ويعدون أن هذا الأمر ستكون له تداعيات حاسمة خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة. وتستعد حركة نداء تونس من جديد للاجتماع يوم الخميس المقبل للنظر في بعض الملفات العالقة من جديد وخاصة تعذر وضوح هيكلة الحزب، وعد بعض القياديين أن «المشاكل تنظيمية داخل حركة نداء تونس وليست سياسية بين اليساريين وأنصار التجمع على الأخص»، كما يجري الترويج لذلك. وتضغط بعض الأطراف داخل نداء تونس من أجل أن ينظر الباجي قائد السبسي في تجاوز مشكلة الخلافات بين قيادات الحركة عبر انتخاب هيئة سياسية جديدة توكل لها مهمة تسيير الحزب، واحترام التوازن السياسي بين مختلف مكوناته.
وعقب ربح الحركة لمعركة العزل السياسي من خلال التصويت ضد اعتماد الفصل 167 من القانون الانتخابي الذي كان يريد منع أنصار النظام السابق من الترشح للانتخابات المقبلة، فإن معركة داخلية بين التجمعيين واليساريين والنقابيين باتت مفتوحة ولا يمكن تجاوزها وفق تصريحات لعدة متابعين للشأن السياسي التونسي إلا بانعقاد مؤتمر الحزب وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات وفق ما تفرزه القاعدة الانتخابية، وهو ما تخشاه قيادات الحركة خلال هذه المرحلة الحساسة.
ونفى رضا بلحاج المدير التنفيذي لحزب حركة نداء تونس، لدى إشرافه نهاية الأسبوع الماضي على عدد من اللقاءات السياسية، ما يتردد من شائعات حول تصدع الحزب، وقال: إن ما يحصل من خلافات على مستوى أعلى هرم الحزب «غير صحيح وهي ظاهرة صحية إن ثبت وجودها». وعزا الخلافات إلى اختلافات عميقة حول صلاحيات أو اختصاص بعض المؤسسات في الحزب، ونفى أن تكون تلك الخلافات تمس جوهر الحزب أو كيانه.
وقال محسن مرزوق عضو المكتب التنفيذي المكلف العلاقات الخارجية أن ما يحدث في الحزب «حالات حوار غير عادي بين تيارات سياسية مختلفة تتعايش مع بعضها البعض تحت سقف واحد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.