التحالف الوطني يشكل لجنة لإعادة هيكلته وسط خلافات شديدة بشأن الولاية الثالثة

قيادي صدري لـ («الشرق الأوسط»): حسنة المالكي الوحيدة أنه اختلف مع الجميع

علي دواي محافظ {ميسان}
علي دواي محافظ {ميسان}
TT

التحالف الوطني يشكل لجنة لإعادة هيكلته وسط خلافات شديدة بشأن الولاية الثالثة

علي دواي محافظ {ميسان}
علي دواي محافظ {ميسان}

في وقت أعلن فيه التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان العراقي) عن تشكيل لجنة ثمانية لإعادة هيكلته وصياغة نظام داخلي له، وذلك خلال اجتماع عقده حتى ساعة متأخرة من ليلة أول من أمس، بحضور رئيس الوزراء وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فإنه، وطبقا لما أعلنته وسائل إعلام ناطقة باسم الأخير، قد بدأ مشاورات مع عدد من الشخصيات البرلمانية والسياسية من كتل مختلفة بهدف تشكيل الحكومة المقبلة طبقا لمبدأ الأغلبية السياسية.
وقال التحالف الوطني في بيان له أمس إن «الهيئة السياسية للتحالف الوطني العراقي اجتمعت أول من أمس بمكوناتها كافة، وحضور رئيس الوزراء نوري المالكي في مكتب إبراهيم الجعفري، وناقشت الهيئة السياسية التجربة الانتخابية، وما تخللها من نتائج، معتبرة نجاح الانتخابات إنجازا وطنيا يحسب للعراقيين كافة، كما ناقشت الهيئة التقرير الأمني الميداني الذي قرأه المالكي، كما جرت مناقشة النظام الداخلي للتحالف الوطني، وشكلت لجنة لمراجعته، وإدخال التطويرات عليه بما يتلاءم والمرحلة المقبلة».
وأضاف البيان أن «الهيئة السياسية شكلت لجنة بعد أن توقفت كثيرا عند تقييم مسيرة التحالف الوطني، والهيئة السياسية عبر مسيرة السنوات الأربع الماضية؛ وحرصا منها على تطوير عمل اللجنة؛ ليضاهي، ويواكب التطورات الجديدة، واستشراف المستقبل، والإفادة من الماضي، شكلت لجنة من ثمانية شخصيات؛ لدراسة النظام الداخلي، وما يتطلبه من تطورات جديدة في بنوده». وأوضح أن «التحالف الوطني ركز على ضرورة تأمين أجواء جيدة ومتكاملة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وردم الفجوة التي حصلت في الماضي، التي تسببت بعرقلة بعض الإنجاز».
وبشأن تشكيل حكومة أغلبية سياسية، أكد البيان أنه «من الصعب الآن، فحتى اليوم لم تفرز الأسماء بشكلها النهائي، لكن توجد هناك حالة صعود في عدد المقاعد التي كسبها التحالف الوطني، وسوف تمتد الجسور مع البقية، وأيا تكون النسب بين الكتل، فسأشعر أن هناك تطورا ملحوظا، ليس فقط في تنوع الشخصيات التي أفرزت، وإنما في الخطاب والأداء، والنمطية، والروحية التي يتعاملون بها».
من جهتهما، أكدت كتلتا «المواطن» التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، و«الأحرار» التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، أهمية الحفاظ على وحدة التحالف الوطني، وطبقا للتصريحات التي يدلي بها قياديون في «دولة القانون» التي يتزعمها المالكي، فإن الأخير هو المرشح الوحيد للتحالف الوطني بصيغته الجديدة مثلما أعلن عضو البرلمان العراقي عن «دولة القانون» علي الشلاه مرة، وإن هناك اتجاها لتشكيل حكومة أغلبية سياسية خارج إطار التحالف الوطني مرة أخرى، مثلما أشار القيادي في «دولة القانون» شاكر الدراجي.
وكان المالكي التقى خلال الأيام الأخيرة عددا من أعضاء البرلمان العراقي المنشقين عن كتلة «متحدون» التي يتزعمها أسامة النجيفي، وهما أحمد الجبوري وعبد الرحمن اللويزي، كما التقى سياسيين آخرين من بينهم وزير الداخلية الأسبق جواد البولاني، والقيادي البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح.
وبينما بدأت كل الكتل والقوى السياسية لقاءات تمهيدية في بغداد وأربيل بهدف بلورة الصيغ الخاصة للتحالفات المقبلة، فإن وسائل الإعلام المقربة من المالكي أشارت إلى أن لقاءات المالكي هذه تهدف إلى تشكيل الحكومة المقبلة في وقت لم تعلن بعد مفوضية الانتخابات نتائج الانتخابات ولم تعرف بعد الكتلة الأكبر القادرة على تشكيل الحكومة.
الناطق باسم كتلة «المواطن» التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بليغ أبو كلل، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التحالف الوطني بالنسبة لنا هو الأساس، وهو الكتلة الأكبر التي يأتي إليها الآخرون بوصفه قوة حقيقية وليست محسوبة لطرف ضد طرف آخر، أو مصادرة من حيث القرار، وبالتالي، فإنه الكتلة التي ترشح هي رئيس الوزراء دون وضع خطوط حمراء مسبقة»، مشيرا إلى أن «وضع الشروط المسبقة عملية مرفوضة، بل الأهم هو صياغة نظام داخلي وتحديد آليات عمل واضحة وصريحة يسير عليها التحالف الوطني للمرحلة المقبلة». وردا على سؤال بشأن شخصية رئيس الوزراء المقبل في ضوء إصرار «دولة القانون» على ترشيح المالكي لهذا المنصب لدورة ثالثة، قال أبو كلل إن «أول الشروط التي يجب أن تتوفر في المرشح لهذا المنصب هو أن يكون محل توافق داخل التحالف الوطني، وأن يحظى بتوافق وطني عام»، مؤكدا أن «المالكي وخلال الدورتين الماضيتين جاء بتوافق وطني داخل التحالف الوطني وليس من خلال التصويت».
في السياق ذاته، أكد الناطق الرسمي باسم كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري جواد الجبوري في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «الاجتماع الأخير للتحالف الوطني يمثل فرصة أساسية له لإثبات وجوده بعد كل ما عصف به من متغيرات خلال الفترة الماضية، وبالتالي، فإن ما خرج به الاجتماع عبر تشكيل اللجنة الثمانية لإعادة هيكلته وإعادة تشكيل هيئته السياسية بما يتوافق مع المرحلة المقبلة فضلا عن اعتباره القوة الأساسية التي يرجع إليها رئيس الوزراء بدلا من سياسة الاستفراد، إنما يمثل ثوابت أساسية لا يمكن الخروج عليها».
وأضاف الجبوري أن «الرؤية المؤسساتية والنظام الداخلي هو الأهم وليس شخصية رئيس الوزراء، حتى إننا لم نناقش خلال الاجتماع هذا الأمر، لأننا ناقشنا الثوابت والأسس، وتركنا مسألة ترشيح شخصية لمنصب رئاسة الوزراء إلى مرحلة لاحقة».
وردا على سؤال بشأن تحركات المالكي على كتل وشخصيات بهدف تشكيل الحكومة المقبلة، قال الجبوري إن «المالكي كان جزءا من الاجتماع، وكان معه قياديون بارزون في (دولة القانون)، وكانوا متفاعلين مع ما طرح على هذه الأصعدة، أما كونه بدأ يتحرك هنا وهناك، فإن هذه مسائل جانبية الآن، لأنه إذا كانت هناك حسنة للمالكي ولـ(دولة القانون)، فهي أنها لم تترك جهة دون أن تختلف معها، وبالتالي، فإنها وحدت خطاب مناوئيها في الفضاء الوطني ضدها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.