اتخذت إسرائيل إجراءات عقابية جماعية قاسية ضد الفلسطينيين بعد تنفيذ ثلاثة شبان عملية مزدوجة في القدس أدت إلى مقتل شرطية إسرائيلية قبل أن يقضوا جميعا برصاص الجنود، وبادرت إلى وقف التصاريح التي منحتها لربع مليون فلسطيني بمناسبة رمضان وعيد الفطر، وحولت القدس إلى ثكنة عسكرية، وحاصرت واقتحمت قرية دير مشعل التي خرج منها المنفذون وعزلتها عن الضفة.
وقال رئيس الإدارة المدينة التابعة للجيش الإسرائيلي، منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية يؤاف مردخاي، إنه تقرر سحب 250 ألف تصريح «زيارة عائلية» وإلغاءها تماما: «عقب هذه العملية الإجرامية النكراء، وهذا التحريض من قبل جهات فلسطينية رسمية زوراً وبهتاناً لكسب الشعبية... كما تم أيضا سحب تصاريح أفراد عائلات منفذي العملية، سواء تلك التي تتعلق بتصاريح العمل أو غيرها».
وهاجم ثلاثة شبان أفرادا للشرطة الإسرائيلية في منطقة باب العامود في القدس، وقتلوا شرطية إسرائيلية وجرحوا آخرين قبل أن تقتلهم قوات الاحتلال. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن المهاجمين نفذوا عملية مزدوجة تضمنت هجوما بالسكاكين وإطلاق نار.
وبحسب بيان الشرطة، فإن المجندة هداس مالكا قتلت متأثرة بجراحها، في حين أصيب شرطي آخر ومارة بجروح طفيفة. كما أعلنت الشرطة كذلك، أن المهاجمين الثلاثة قتلوا برصاص عناصرها.
واتضح لاحقا أن منفذي العملية انطلقوا من قرية دير أبو مشعل في رام الله، وهم براء صالح (19 عاما)، وعادل عنكوش (18 عاما)، وأسامة عطا (19 عاما).
وجاءت هذه العملية مفاجئة تماما لقوات الأمن الإسرائيلي بعد أسابيع طويلة من الهدوء النسبي. ومباشرة بعد ذلك أغلقت إسرائيل منطقة باب العامود في القدس وحولتها إلى ثكنة عسكرية، مع الزج بمزيد من الجنود الإسرائيليين إليها وإقامة الكثير من الحواجز العسكرية. وبدت المدينة أمس شبه خالية من المارة بسبب منع فلسطيني الضفة الغربية من الوصول إلى المدينة واختصار المقدسيين الاحتكاك بالجنود، الذين اعتدوا بالضرب على المارة وأخضعوهم لتفتيشات مذلة.
ونفذت القوات الإسرائيلية في القدس حملة اعتقالات، واقتحمت كذلك مستشفى المقاصد في المدينة بدعوى البحث عن أحد المصابين.
وتحركت القوات الإسرائيلية في الوقت نفسه تجاه رام الله، وفرضت حصارا على قرية دير أبو مشعل التي خرج منها منفذو العملية.
كما اقتحم الجيش الإسرائيلي منازل منفذي العملية وحققت مع أهاليهم، قبل أن تتفجر مواجهات عنيفة بين السكان والجنود الإسرائيليين، خلفت مصابين بالرصاص. وقد حولت الإجراءات الإسرائيلية القرية الصغيرة إلى بلدة معزولة عن محيطها بالكامل.
ومباشرة بعد العملية شنت إسرائيل هجوما حادا على السلطة الفلسطينية، على الرغم من أنها التزمت الصمت، وحملتها بشكل غير مباشر المسؤولية عن العملية التي حاولت 3 جهات تبنيها، الجبهة الشعبية، وحماس، وتنظيم داعش المتطرف.
وفي الوقت الذي اتهم فيه مردخاي «جهات رسمية» بالتحريض عبر مباركة العملية، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون «إن المخصصات المالية التي تدفعها السلطة الفلسطينية للمخربين وعائلاتهم تشجع عمليات إرهابية قاتلة كتلك التي وقعت في القدس». وطالب دانون مجلس الأمن الدولي بإدانة العملية فورا.
من جهته، أدان نيكولاي ملادينوف، المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط عملية القدس، وطالب ملادينوف في بيان، الجميع بإدانة هذه الأعمال «الإرهابية» بشكل واضح، قائلا إنه يشعر بالفزع حين يجد البعض تبريراً لمثل هذه الهجمات ويصفها بالبطولية، مشددا على أن «هذه الأعمال غير مقبولة؛ لأنها تهدف إلى إقحام الجميع في دوامة عنف أخرى».
وحتى الأمس لم يتضح من يقف فعلا خلف العملية. فقد أكدت الشرطة الإسرائيلية أنه لم يتم التوصل إلى أي صلة بين المنفذين وأي «تنظيم إرهابي»؛ إذ قالت لوبا السمري، المتحدثة باسم الشرطة «لقد كانت خلية محلية. وفي هذه المرحلة ليست هناك أي مؤشرات على أن منظمات إرهابية وجهت (الهجومين) كما لم نكتشف أي صلة بأي تنظيم».
وجاء حديث السمري بعد أن أعلن تنظيم داعش المتشدد أنه يقف خلف العملية، وهو الأمر الذي حاولت حركتا حماس والجبهة الشعبية نفيه.
وأصدرت «داعش» بيانا قالت فيه: إن «ثلة من آساد الخلافة قاموا بعملية مباركة بمدينة القدس»، وتعهدت بأن الهجوم «لن يكون الأخير».
وفي مرات سابقة، اتضح أن منفذي بعض العمليات يستلهمون نهج «داعش»، لكن من دون صلات تنظيمية. وحاولت «داعش» القول عبر بيانها الفوري بعد الإعلان عن العملية إن هذا الهجوم كان مخططا له وليس ارتجاليا.
لكن عزت الرشق، القيادي في حركة حماس، اتهم «داعش» بمحاولة خلط الأوراق، وقال في تغريدة على «تويتر» «الشهداء الثلاثة أبطال عملية القدس لا علاقة لهم بـ(داعش)، وهم ينتمون إلى الجبهة الشعبية وحماس، وتبني (داعش) للعملية تقف وراءه مخابرات العدو بهدف خلط الأوراق».
وأضاف الرشق في تغريدة أخرى إن «عملية القدس تأتي في إطار المبادرات الفردية لأبطال شعبنا في انتفاضة القدس ردا على جرائم الاحتلال وتدنيسه للأقصى والمقدسات».
وكانت حركة حماس نعت الشهداء الثلاثة، مشيرة إلى أن العملية تأتي رداً طبيعيا على جرائم الاحتلال.
كما أصدرت الجبهة الشعبية بيانا نعت فيه منفذي العملية وباركتها، وقالت: إن براء وأسامة ينتميان إليها، وسبق أن اعتقلا في السجون الإسرائيلية. لكن إسرائيل عادت لتؤكد أن منفذي العملية شكلوا خلية محلية من دون أي تنسيق مع أي جهة.
إسرائيل تنتقم لهجوم القدس بعقوبات جماعية قاسية
«داعش» و«حماس» و«الجبهة» يتبنون بشكل منفصل... وتل أبيب: خلية محلية بلا ارتباطات
إسرائيل تنتقم لهجوم القدس بعقوبات جماعية قاسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة