النظام يسيطر على حقول النفط في ريفي حمص والرقة ويتجه نحو الطبقة

خبراء وضعوا العملية في سياق الاستراتيجية الروسية للإمساك بمصادر الطاقة

النظام يسيطر على حقول النفط في ريفي حمص والرقة ويتجه نحو الطبقة
TT

النظام يسيطر على حقول النفط في ريفي حمص والرقة ويتجه نحو الطبقة

النظام يسيطر على حقول النفط في ريفي حمص والرقة ويتجه نحو الطبقة

سيطرت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، على مساحات واسعة في ريفي محافظتَي الرقة وحمص، من بينها حقول نفط كانت خاضعة لتنظيم داعش، لتبدو حرب تسابق على النفط ومصادر الطاقة، بما لها من تأثير على الواقع العسكري للحرب السورية. ومن ناحية أخرى، اعتبر خبراء أن «هذه الحرب تقع في أولوية الاستراتيجية الروسية، الهادفة إلى وضع اليد على حقول النفط والغاز، مستفيدة من الغفلة الأميركية عن سوريا».
موقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض، قال أمس إن قوات النظام والميليشيات الموالية لها، سيطرت خلال الساعات الماضية، على مناطق محمية التليلة ومفرق آرك وقرية آرك وحقل آرك شمال شرقي مدينة تدمر، بريف محافظة حمص الشرقي، بعد اشتباكات مع عناصر «داعش» في هذه المنطقة. ونقل الموقع عن مصادر ميدانية تأكيدها، أن «العمليات العسكرية للنظام لا تزال مستمرة باتجاه منطقتي الحفنة والمحطة الثالثة، حيث تدور اشتباكات عنيفة لليوم الثاني على التوالي في محيط المحطة الثالثة شرق مدينة تدمر». وقالت المصادر إن «ميليشيات موالية للنظام، وصلت إلى مفرق المحطة، ولا تزال تحاول الوصول إليها من جهة منطقة العباسية».
أهداف هذه المعركة تتخطى رغبة النظام في استعادة السيطرة على مناطق خسرها منذ سنوات. إذ رأى الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني العميد نزار عبد القادر، أن «معركة السيطرة على حقول النفط، تقع في صميم الاستراتيجية الروسية»، وأكد عبد القادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أحد الأهداف استراتيجية روسيا في سوريا، هي السيطرة على حقول النفط والغاز، بالإضافة إلى إقامة القواعد العسكرية البحرية والجوية، وهو ما تركز عليه موسكو في استثماراتها الخارجية». وقال عبد القادر - وهو عميد متقاعد في الجيش اللبناني - إنه «في ظلّ الحاجة للقوة الروسية في سوريا، فإن موسكو تستثمر هذه الحاجة في وضع اليد على حقول النفط ومصادر الطاقة، فضلاً عن أنها تعتبر سوريا، ممراً إلزامياً لأنابيب النفط الروسية، باتجاه تركيا والبحر المتوسط وحتى أوروبا».
ورأى أن «التقدم العسكري للنظام وحلفائه من بادية حمص باتجاه الطبقة ودير الزور، يأتي ترجمة لسياسة موسكو التوسعية في سوريا، مستفيدة من غياب استراتيجية أميركية في سوريا، باستثناء احتلالها للرقة وطرد (داعش) من شمال شرقي سوريا، ولذلك يجد الروس الفرصة مناسبة للسيطرة على حقول النفط في مرحلة الغفلة الأميركية».
وكانت قوات النظام سيطرت خلال اليومين الماضيين، على مفرق الرصافة وحقول نفط الصفيح والثورة وصفيان، وقرية الصفيان، جنوب مدينة الطبقة، بريف محافظة الرقة الغربي، بالتزامن مع محاولاتها التوسع في المنطقة.
من جانب ثانٍ، قدّم الدكتور سامي نادر، مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية في لبنان، مقاربته للمشهد من زاوية أخرى، إذ اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهمية السيطرة على البادية الشرقية تكمن في أهمية موقعها الجغرافي وقربها من الحدود العراقية، وقوتها بمخزونها النفطي، ولكونها ممر أنابيب النفط إلى الغرب».
ورأى مادر أن «كلاً من روسيا والولايات المتحدة لديها أولويتها التي تختلف عن الأخرى في سوريا»، مؤكداً أن «الأميركيين يرغبون بتحرير الرقة والسيطرة على ضفتي نهر الفرات، ووضع اليد على مصادر المياه باعتبارها أهم من النفط، في حين أن أولوية روسيا هي الإمساك بحقول النفط، والسيطرة على المناطق التي تربط سوريا بالعراق، بما يعزز حلم حليفتها إيران بتثبيت مقومات الهلال الشيعي».
ويبدو أن الأحلام الإيرانية في ربط العراق بسوريا بدعم روسي، صعبة المنال، وفق تقدير سامي نادر، الذي أوضح أنه «بعد نشر الأميركيين بطاريات صواريخ في منطقة التنف، والتلويح وتهديد الممرات الجغرافية بين العراق وسوريا، ستصبح قوات النظام والقوات الإيرانية محاصرة في البادية السورية، لأن طرق إمدادها ستكون مقطوعة، وعندها تتحول هذه المنطقة إلى نقطة ضعف لروسيا، باعتبار البادية خاصرة مفتوحة وواسعة ولا يمكن حمايتها والاحتفاظ بها».
هذا، وكان «داعش» قد انسحب في الأيام الماضية من عدة قرى بريف محافظة الرقة لصالح النظام السوري، أبرزها رجم عسكر وبئر إنباج وظهر إنباج وجب عزيز وجب الغانم وأبو صوصة وجب أبيض وأبو خيمة وجب الغوالي، وبذلك تكون قوات النظام وصلت إلى طريق أثريا - الرقة الاستراتيجي، وتسعى لتأمين طريق إمداد لقواتها في حلب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».