قالت تقرير لمركز حقوقي سوري: إن سياسة التهجير القسري والتغيير الديموغرافي في سوريا تهدد النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية في ظل صراع إرادات دولية يجذب البلاد كل بحسب أجندته، وتشريد ما يزيد على 15 مليون نسمة من بيوتهم ما بين لاجئٍ ونازحٍ، أغلبهم يعيش ظروفاً إنسانية صعبة للغاية في مخيمات الداخل ودول الجوار.
ولفت تقرير «التهجير في سوريا» الصادر عن (المركز السوري للدراسات القانونية)، إن التهجير مورس بشكل ممنهج وواسع على يد النظام السوري الذي اتبع - منذ بدء الاحتجاجات عليه عام 2011 - استراتيجية تهدف إلى تذرير المجتمع السوري عبر تفخيخه بالثنائيات الضدية المتناحرة (سنة- شيعة، عرب- كرد، أكثرية- أقليات، حاضنة موالاة- حاضنة معارضة...)؛ وهو ما سهل عليه قمع الثورة، ودفع شريحة واسعة من أبنائها نحو التطرف، صار السعي لمواجهتهم هدفاً دوليا، بعد وسمهم بالإرهاب.
وأضاف: «مهدت هذه الاستراتيجية الطريق أمام مشروع (ولاية الفقيه) الذي يسعى إلى نقل الصراع في سوريا من دائرة الثورة على الاستبداد إلى التأسيس لصراعٍ سني – شيعي، وذلك عبر تحشيد الشيعة واستقطابهم من خلال تفعيل المظلوميات لديهم، والاستثمار في مشاعرهم الدينية، ليكونوا وقوداً لهذا المشروع الهادف إلى قضم المنطقة وتثبيت النفوذ الإيراني».
واعتبر المركز أن سياسة التهجير كانت نقطة تلاقٍ بين الأسد وإيران مع اختلاف أهداف ودوافع كل منهما؛ «فالأسد يريد ضرب حاضنة الثورة وإعادة السيطرة الكاملة على سوريا، ولو كانت حطاماً. بينما تسعى إيران إلى تغييرٍ ديموغرافي يحقق لها وجوداً ونفوذاً على الأرض يُمكنها من التحكم في مسار عملية السلام في سوريا لاحقاً بصفتها مركزا لا طرفا، وإن كانت حتى الآن لا تزال تدفع باتجاه إطالة أمد الأزمة السورية وحرب الجميع ضد الجميع».
وأوضح التقرير، أن «التهجير في سوريا تنفذه الحكومة السورية بمساندة من ميليشياتٍ طائفية رديفة لها»، وأن «التجمعات السكانية التي تم تهجيرها تنتمي في غالبيتها إلى مذهبٍ ديني واحد»، وأنه «تم إحلال مجاميع سكانية لها صبغة مذهبية واحدة في بعض المناطق السورية التي تم تهجيرها». وأكد معدو التقرير، أن التهجير في سوريا «بغالبيته لا يكون إراديا، بل يحدث وفق مفاوضاتٍ تجبر السكان على ترك مناطق سكنهم باتجاه مناطق غير آمنة أيضاً، بل أقل أمناً من المناطق التي هُجروا منها (ومنه ما يجري من تهجير ممنهج للسكان باتجاه محافظة إدلب).
وقال: إن الممارسات المتبعة من قبل النظام في مناطق سيطرة المعارضة لتهجيرها، تتمثل في «القتل الممنهج»، و«الحصار والتدمير الممنهج للبنية التحتية»، فضلاً عن استخدام سياسة الحصار التي تهدف إلى خنق السكان وتجويعهم، لإجبارهم على المفاوضات التي غالباً ما تنتهي بتهجيرهم من مناطقهم، وفق معادلة «الجوع أو الركوع». كما اعتمدت استراتيجية «نهب وتدمير ما تبقى من ممتلكات السكان».
أما «الممارسات المتبعة في مناطق سيطرة النظام»، فتتمثل في «الاستيلاء على الأملاك الشخصية»، و«التضييق الأمني»، و«سوء الخدمات وافتعال الأزمات».
ورأى المركز أن أهداف النظام السوري من التهجير تتمثل في «خلق الأزمات على المستويين المحلي والدولي»، و«تهجير حاضنة الثورة في المناطق المُنتفضة عليه»، و«تأمين المعبر الحدودي مع لبنان»، و«تأمين محيط العاصمة»، و«إيجاد محشر للمعارضة السورية المسلحة، ولا سيما أن قوات النظام قد أُنهكت نتيجة تشتت الجبهات؛ وهذا ما يفسر تهجير المعارضة المسلحة وحاضنتها إلى محافظة إدلب».
كما رأى تقرير المركز، أن إيران «تسعى لإحداث تغييرٍ ديموغرافي في بعض المناطق في سوريا، إما بالقوة العسكرية كما حدث في القصير والقلمون الغربي وبعض مناطق ريف دمشق، أو من خلال القوة الناعمة (شراء العقارات، وإقامة المشروعات والاستثمارات، وخلق الألفة الدينية والاجتماعية...)».
أما روسيا، فـ«تشترك مع النظام في هدف نقل مسلحي المعارضة إلى إدلب وتجميعهم هناك؛ ما يسهل عليها التغطية الجوية، ويقلل من تكلفتها الناجمة عن الأعمال القتالية في معظم المناطق السورية؛ من حلب شمالاً إلى ريف دمشق جنوباً، مستفيدة من تجربتها في الشيشان». ومن ناحية أخرى «يمكن وسمُ مسلحي المعارضة آنذاك بالإرهاب؛ كون محافظة إدلب تخضع لتنظيم (فتح الشام) المصنف عالميا تنظيماً إرهابياً، ومن ثم يمكن القضاء عليهم بمباركة دولية».
تقرير حقوقي يحذر من {صراع طائفي} في سوريا بعد حملات التهجير
قال إن إيران تحدث {تغييراً ديموغرافياً} بالقوة العسكرية... والناعمة
تقرير حقوقي يحذر من {صراع طائفي} في سوريا بعد حملات التهجير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة