بوتين يخطط لـ«تعزيز» قوات النظام... ولا يرى حلاً من دون واشنطن

قال إن الجيش الروسي كسب {خبرات لا تقدر بثمن} في سوريا

بوتين خلال توجهه للقاء الصحافيين أمس (أ.ف.ب)
بوتين خلال توجهه للقاء الصحافيين أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين يخطط لـ«تعزيز» قوات النظام... ولا يرى حلاً من دون واشنطن

بوتين خلال توجهه للقاء الصحافيين أمس (أ.ف.ب)
بوتين خلال توجهه للقاء الصحافيين أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده تخطط لتحسين قدرة قوات النظام السوري، مما يسمح بنقل القوات الروسية في البلاد إلى القواعد الروسية القائمة هناك، لافتا إلى أن الجيش الروسي حصل على «خبرات لا تقدر بثمن» جراء مشاركته في العمليات العسكرية في سوريا.
وقال بوتين خلال جلسة أسئلة وأجوبة مع المواطنين: «نهدف إلى التأسيس لعملية تسوية سياسية (في سوريا) بين كل الأطراف المعنية». وأضاف أن الطيران الروسي سيواصل المساعدة عندما تقتضي الضرورة بعد تعزيز قدرات الجيش السوري.
وقال بوتين أيضا إن المجمع الصناعي للجيش الروسي استفاد كثيرا من اختبار أحدث أسلحته في سوريا.
وكان الرئيس الروسي قال خلال حلقة من فيلم وثائقي أعده المخرج أوليفر ستون حول شخصية بوتين، إن روسيا تدرك تماماً أن أخطاء كثيرة موجودة في بنية النظام السوري، وأنه ارتكب أخطاء محددة في بناء العلاقات داخل البلاد، وأكد أن روسيا أجرت حوارا مع بشار الأسد قبل بدء العملية العسكرية في سوريا في نهاية 2015... «واتضح خلال الحوار أنه (الأسد) يفهم كثيرا من المشاكل. وهو مستعد للحوار مع المعارضة بما في ذلك حتى مع المعارضة المسلحة، مستعد للعمل معهم على الدستور الجديد». وأضاف أن «الأسد مستعد للموافقة على أن تكون الانتخابات الرئاسية المستقبلية المحتملة تحت رقابة دولية صارمة».
وفي حديثه عن التعاون الدولي حول الأزمة السورية، قال بوتين إنه «ليس من السهل علينا أن نتوصل لإجماع ما» في هذا الخصوص، وعدّ أن «الحوار المباشر مع شريك ومع آخر يمنحنا فرصا لتحقيق ذلك، وبشكل عام نحقق النجاح. وسنتصرف بحذر شديد، كي تساعد كل خطوة تالية على تثبيت النتائج التي حققناها لا تدميرها». وشدد على أن «روسيا بحاجة ماسة لمساعدة الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن ومصر لحل الأزمة السورية».
وفي برنامج سنوي تقليدي يجيب فيه الرئيس عن أسئلة المواطنين، أكد بوتين عزم بلاده تعزيز القدرة القتالية لقوات الأسد، وقال: «مهمتنا في المستقبل القريب رفع المستوى والقدرة القتالية للجيش (النظامي) السوري، والعودة بهدوء إلى قواعدنا التي أسسناها هناك، في مطار حميميم وفي القاعدة البحرية في طرطوس، وأن نتيح للقوات السورية العمل بنفسها وتحقيق النتائج المرجوة». وقال إن «القوات الروسية ستوجد فقط في طرطوس وحميميم، لكنها ستقدم الدعم للجيش السوري عند الحاجة».
ولم يخف الرئيس الروسي المنفعة التي جلبتها تلك العملية لمجمع الصناعات الحربية الروسي، وأكد أن العملية العسكرية الروسية في سوريا أتت بمنفعة كبيرة لمجمع الصناعات الحربية الروسي، وقال إن ممثلي مجمع الصناعات الحربية زاروا وما زالوا يقومون بزيارات إلى سوريا حيث تستخدم تلك الأسلحة، ويقومون بإدخال التعديلات عليها.
وعاد بوتين وتناول خلال حواره التلفزيوني المباشر مع المواطنين أمس، أهمية التعاون مع الولايات المتحدة لحل الأزمة السورية، وأشار إلى النتيجة التي حققتها موسكو وواشنطن حين عملتا معاً على حل أزمة الملف النووي الإيراني. ورأى أن التوصل لاتفاق حول تلك الأزمة «يعني أنه هناك مثالا إيجابيا لتعاوننا، مما يعني أنه بوسعنا أن نعمل معاً»، وشدد على أن «الجميع يدركون أنه لا يمكن حل المشكلة السورية، والصراع في الشرق الأوسط، دون عمل مشترك بناء، ودون ذلك لن يتحقق أي شيء».
من جانبها، قالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، في تصريحات أمس، إن «هناك دينامية إيجابية مستمرة للوضع العسكري السياسي في سوريا»، وقالت إن «تنفيذ مذكرة إقامة مناطق خفض التصعيد، وتثبيت وقف إطلاق النار في سوريا بعد ذلك، سيسمح لقوات النظام السوري بالتركيز على القتال ضد (داعش) و(جبهة النصرة)».
وقال مراقبون إن مؤشرات تنذر بفشل الجهود الروسية - التركية - الإيرانية عبر مسار آستانة، تلوح في الأفق، في ظل تضارب المعلومات حول موعد اللقاء الجديد في آستانة، والغموض بخصوص نتائج عمل اللجنة الخاصة بوضع آليات تنفيذ مذكرة «خفض التصعيد».
وكانت زاخاروفا أكدت أن «الدول الضامنة لعملية آستانة؛ روسيا وتركيا وإيران، تعمل على تحديد موعد عقد لقاء جديد في آستانة حول الأزمة السورية. وتجري مشاورات مكثفة للتوافق على مجموعة الوثائق المتصلة بتنفيذ مذكرة آستانة حول مناطق خفض التصعيد». وكان لقاء آستانة الخامس مقررا يوم 4 يونيو (حزيران) الحالي، غير أن روسيا أعلنت تأجيله بداية حتى 12 - 13 يونيو، ومن ثم أعلنت تأجيلا آخر حتى مطلع يوليو (تموز) المقبل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».