قانون الانتخاب يكرّس هيمنة الأحزاب التقليدية على السلطة

حظوظ التكتلات غير الحزبية شبه مستحيلة وفق الصيغة المعتمدة

ناشطون لبنانيون خلال وقفة احتجاج على قانون الانتخابات الجديد أمام البرلمان اللبناني وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
ناشطون لبنانيون خلال وقفة احتجاج على قانون الانتخابات الجديد أمام البرلمان اللبناني وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

قانون الانتخاب يكرّس هيمنة الأحزاب التقليدية على السلطة

ناشطون لبنانيون خلال وقفة احتجاج على قانون الانتخابات الجديد أمام البرلمان اللبناني وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)
ناشطون لبنانيون خلال وقفة احتجاج على قانون الانتخابات الجديد أمام البرلمان اللبناني وسط بيروت أمس (إ.ب.أ)

في وقت بدأت فيه معالم التوزيع السياسي للمجلس النيابي ترتسم انطلاقا من القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد على النسبية وفق 15 دائرة، لا يبدو أن حظوظ المجتمع المدني والتكتلات الصغيرة أو تلك الآتية من خارج الأحزاب التقليدية، مرتفعة وفق الصيغة الجديدة التي وإن وضعت في الإطار «النسبي»، إنما يبقى مفعولها أكثريّاً.
وفي حين يجمع الخبراء والجهات المختصة على أن القانون الذي سيقرّه اليوم مجلس النواب، أتى لصالح الثنائيين «الشيعي» («حزب الله» وحركة أمل)، و«المسيحي» (التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية»)، وقد يؤدي إلى تراجع في حصة «تيار المستقبل»، يستبعد رئيس مركز بيروت للأبحاث والمعلومات عبدو سعد، أن تتمكن الأحزاب غير التقليدية من إحداث خرق في الانتخابات النيابية التي من المتوقع أن تجرى في شهر مايو (أيار) المقبل، مؤكدا أن قانون النسبية وفق الدائرة الواحدة هو الوحيد الذي يحقّق صحة التمثيل، بينما يرى البعض أن لكل منطقة أو دائرة حساباتها، وبالتالي قد يختلف الأمر بين منطقة وأخرى انطلاقا من انتشار الحزب أو أي تكتل في مجتمع مدني.
من جهتها، ترى زينة الحلو، الأمينة العامة في «الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات (لادي)»، أن الكرة اليوم في ملعب الشعب اللبناني والمقترعين، مع تأكيدها على أن صيغة القانون الجديد تحمل كثيرا من الثغرات التي تساهم في إقفال النظام بدل أن تساهم في توسيع دائرة المشاركة.
وفي ملاحظاتها على القانون، عدّت «لادي» أن اعتماد الدوائر الصغيرة والمتوسطة والعتبة الانتخابية المرتفعة إضافة إلى الآلية المعتمدة في احتساب الأصوات، مع إمكانية تشكيل لوائح غير مكتملة، من شأنها أن تؤدي جميعها إلى فقدان النسبية معناها الحقيقي والعودة إلى مفاعيل النظام الأكثري، مما يضعف دينامية التغيير بالحد الأدنى.
ويوضح سعد لـ«الشرق الأوسط»: «لو كان لبنان دائرة انتخابية واحدة، لكانت هذه المجموعات حقّقت فرقا كبيرا قد يصل إلى تشكيل أكبر تكتّل نيابي، خصوصا إذا تحالفت فيما بينها، بما لا يقل عن 15 نائبا، أما وفق هذا التقسيم، فإن الأمر يكاد يكون مستحيلا في ظل الدوائر الصغيرة». ويقول: «يهلّلون للصيغة الجديدة تحت شعار النسبية، إنما بتوزيعها على 15 دائرة فقدت مفاعيلها وباتت تمثل (الأكثريات) ولم تحرر لبنان من طغيانهم بدل أن تهدف إلى صون حقوق الأقليات وحضورهم».
وفي حين يرى سعد إمكانية حدوث خرق بسيط بما لا يزيد على نائب واحد في دائرة «بيروت الأولى»، يعطي مثالا على «البلوك الحزبي» الذي قد ينتجه هذا القانون في معظم الدوائر، قائلا: «في دائرة الزهراني وصور في الجنوب مثلا حيث تحتاج أي لائحة 25 ألف صوت للعتبة الانتخابية، لا يمكن لأي لائحة من خارج اصطفاف الثنائي الشيعي أن تجد لها أي مكان».
وتقدم الحلو الملاحظات على القانون الجديد الذي من شأنه قطع الطريق أمام خلق دينامية جديدة في المجتمع اللبناني، موضحة لـ«الشرق الأوسط»: «من حيث الشكل، هناك 3 نقاط أساسية ساهمت في إقفال النظام وهي: النسبية في دوائر صغيرة ومتوسطة وكوتة مناطقية وطائفية، بحيث لا يتعدى عدد النواب في أكبر دائرة 13 نائبا، كذلك الصوت التفضيلي الذي حول المنافسة من المرشحين إلى الأسماء في اللائحة الواحدة، أضاف إلى الحاصل والعتبة الانتخابية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى 20 في المائة، وبالتالي إبقاء معظم المجموعات السياسية الصغيرة خارج المنافسة النهائية»، وتشير كذلك إلى الإنفاق الانتخابي الكبير الذي يثبت عدم تكافؤ الفرص بين كل المرشحين.
وأشارت «لادي» في ملاحظاتها إلى أن اعتماد اللوائح غير المكتملة (40 في المائة) من شأنه أن يؤدي إلى دفع الأحزاب المسيطرة في الدائرة الانتخابية إلى تشكيل عدد من اللوائح المختلفة، وذلك لإلغاء أي فرصة للمرشحين الآخرين في الفوز في الانتخابات.
وفي حين يرى سعد أن «الإنجاز الوحيد في هذا القانون هو إخراج الانتخابات من الصيغة الأكثرية التي كانت تأتي بنتائج مسبقة»، يؤكد في الوقت عينه أنها «لن تحدث تغييرا بنيويا في المجتمع اللبناني المتعطّش لنشوء نخب سياسية جديدة، ظهرت أولى بوادره في الانتخابات البلدية وإن لم تحقّق النجاح».
في المقابل، تعد الحلو أن تجربة الانتخابات البلدية التي خاضتها العام الماضي تكتلات عدّة من خارج الاصطفاف الحزبي التقليدي في عدد من المناطق تختلف عن الانتخابات النيابية، وهي انطلقت مما يمكن وصفه بـ«التصويت الاعتراضي» على أداء الأحزاب التقليدية. مع العلم بأن الانتخابات البلدية شهدت حضورا لافتا ومنافسة جديدة من قبل المجتمع المدني وتكتلات من خارج الأحزاب، التي استطاعت تسجيل خرق وإن من حيث الشكل، بحصولها على أرقام متقاربة مع الفائزين، على غرار ما حصل في انتخابات بيروت، بحيث لم يكن الفارق بين الفائز برئاسة البلدية جمال عيتاني والمرشّح عن لائحة «بيروت مدينتي» إبراهيم منيمنة كبيرا؛ إذ نال الأول 45874 صوتاً، فيما نال منيمنة 31933 صوتاً.
وفي حين لم تحسم لغاية الآن «بيروت مدينتي» قرارها حول المشاركة في الانتخابات من عدمها، وهي ستعلن موقفها النهائي في وقت لاحق، يصف القانون الجديد، بـ«المخيب للآمال»، معتبرا في الوقت عينه أن التحالفات ستكون لها كلمة أساسية في النتائج بالنسبة إلى كل التكتلات الحزبية الكبيرة أو القوى الصغيرة. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شك فيه أن اعتماد النسبية أمر جيد، إنما الصوت التفضيلي أطاح بكثير من هذه الإيجابيات، إضافة إلى عدم خفض سن الاقتراع إلى 18 عاما، لأن المسؤولين يخافون من هذه الفئة من الشباب الذين قد يكون لهم موقف مغاير للأحزاب التقليدية، إضافة إلى إبعاد الكوتة النسائية التي لطالما كانوا وعدوا بها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.