«داعش» يستهدف الفارين من الرقة

عنصر من قوات سوريا الديمقراطية في محيط الرقة (رويترز)
عنصر من قوات سوريا الديمقراطية في محيط الرقة (رويترز)
TT

«داعش» يستهدف الفارين من الرقة

عنصر من قوات سوريا الديمقراطية في محيط الرقة (رويترز)
عنصر من قوات سوريا الديمقراطية في محيط الرقة (رويترز)

قال شهود عيان إن عناصر تنظيم داعش في الرقة يتظاهرون أنهم مدنيون لمحاولة تجنب الضربات الجوية المكثفة ويطلقون النار على أي شخص يحاول الهرب للفرار من معقلهم في سوريا مع تضييق التحالف الدولي الخناق عليه.
وقال عدد من الأشخاص الذين وصلوا إلى مخيم للنازحين في قرية عين عيسى شمال المدينة، لوكالة «رويترز»، إن الضربات الجوية التي تدعم هجوما تشنه قوات «سوريا الديمقراطية» والتي تساندها الولايات المتحدة أحدثت دمارا واسع النطاق مع احتدام المعركة.
وأفاد الفارون بأن الضربات الجوية سوت بالأرض صفوفا من المباني السكنية على امتداد طريق رئيسي لكن كثيرا منها كان خاليا من السكان الذين فروا بالفعل من حكم الرعب الذي يمارسه «داعش» ومن هجوم على المدينة بدأ الأسبوع الماضي.
وذكر محققون في جرائم الحرب تابعون للأمم المتحدة أن الحملة الجوية أودت بحياة 300 مدني على الأقل في المدينة التي سيطر عليها «داعش» في العام 2014. كما عبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان عن قلقها بشأن استخدام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أسلحة مزودة بمادة الفوسفور الأبيض الحارق قائلة إن استخدامها في مناطق مأهولة تعرض المدنيين للخطر.
ويساند التحالف قوات «سوريا الديمقراطية»، وهي جماعة من فصائل كردية وعربية مسلحة تحركت على مدى أشهر لتطويق الرقة في شمال سوريا استعدادا للهجوم بغية استعادة المدينة.
وقال أشخاص وصلوا إلى عين عيسى في الأيام القليلة الماضية إن الضغط يؤثر بشدة على «داعش» الذي بات على وشك فقدان مدينة الموصل العراقية المركز الآخر له في العراق.
وقال عبد الرزاق كريس إن «داعش» يستخدم مكبرات الصوت لثني الناس عن المغادرة. أضاف: «سكبوا البنزين على سيارات الذين حاولوا الفرار ثم أشعلوا عود ثقاب وأحرقوا العربات، وشاهدتهم يسحبون الناس من سياراتهم ويطلقون عليهم الرصاص من بنادق كلاشنيكوف».
ويقدر التحالف أن ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف من مقاتلي «داعش» متحصنون في الرقة المقر الإداري للتنظيم، الذي يزرع، وفق من فر من المدينة، الألغام الأرضية في الشوارع وينصب الشراك الخداعية في المنازل ويحفر الأنفاق استعدادا للمعركة.
وقال ثائر إبراهيم: «استولوا على منازل الناس وأحدثوا فتحات كبيرة في جدرانها كي يتسنى لهم التحرك بحرية أثناء القتال». وذكر آخرون في المخيم أن عناصر «داعش» يخفون الأسلحة ويركبون السيارات مع المدنيين لتجنب الضربات الجوية.
وقال باولو بينيرو رئيس لجنة التحقيق بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة إن المدنيين معرضون لخطر شديد الآن. أضاف: «الضربات الجوية للتحالف اشتدت على أنحاء المدينة. ومع تسارع وتيرة العملية بشدة تتقطع السبل بالمدنيين في المدينة تحت حكم تنظيم داعش القمعي بينما يواجهون خطرا داهما إذا تحركوا بسبب الضربات الجوية المفرطة».
وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن نحو عشرة آلاف مدني فروا إلى مخيم عين عيسى الذي تديره قوات «سوريا الديمقراطية» على بعد 60 كيلومترا تقريبا إلى الشمال من الرقة وإن مئات آخرين يصلون كل يوم.
وتدهورت الأوضاع بسبب حر الصيف القائظ، لكن أشخاصا مثل محمد نحاف جازف بالفرار من «داعش» ومن معركة للسيطرة على المدينة قد تستغرق أشهرا. وقال: «قطعوا جميع الطرق، كان علينا دفع 200 دولار للمهرب كي يمكننا من الهرب».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.