تضارب حول هجوم مضاد لـ«داعش» في الموصل

الشرطة تتحدث عن «خطة تكتيكية»... ومصادر أمنية تؤكد صد «انغماسيين»

عراقي يفر بطفلتيه من المعارك قرب البلدة القديمة في الموصل (رويترز)
عراقي يفر بطفلتيه من المعارك قرب البلدة القديمة في الموصل (رويترز)
TT

تضارب حول هجوم مضاد لـ«داعش» في الموصل

عراقي يفر بطفلتيه من المعارك قرب البلدة القديمة في الموصل (رويترز)
عراقي يفر بطفلتيه من المعارك قرب البلدة القديمة في الموصل (رويترز)

في وقت أعلنت مصادر أمنية عراقية «صد هجوم مضاد كبير» نفذه مسلحو تنظيم داعش ضد القوات في غرب الموصل، أمس، نفت قيادة قوات الشرطة الاتحادية حدوث الهجوم، وأكدت أنها نفذت «خطة تكتيكية لاستدراج العشرات من مسلحي التنظيم إلى خارج المدينة القديمة».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الشرطة العراقية لم تسمِّه، أن قواته صدت فجر أمس «هجوماً مضاداً كبيراً نفذه مسلحون من (داعش) ارتدى كثير منهم سترات ناسفة في منطقة إلى الجنوب من المدينة القديمة بالموصل»، وهي المنطقة المتبقية تحت سيطرة التنظيم. وأشارت إلى أن «عشرات المسلحين من التنظيم قُتلوا خلال العملية».
وأوضح المسؤول أن «الإرهابيين جاءوا من المدينة القديمة وهاجموا قواتنا باستخدام قذائف المورتر ورصاص القناصة. وتمكنوا من السيطرة بشكل مؤقت على بعض المباني، لكننا أجبرناهم على التقهقر بعد قصف مواقعهم». وقال سكان إن مسلحين سيطروا على عدد من المباني في حي الدندان قبل إجبارهم على التقهقر في اشتباكات عنيفة، بحسب الوكالة التي نقلت عن فريق تابع لها كان في طريقه إلى الموصل من الطرف الشمالي «وقوع قصف مدفعي عنيف في الصباح».
ولفت مسؤول آخر إلى أن «عملية لا تزال مستمرة لملاحقة مسلحين ربما لا يزالون مختبئين في بعض المباني»، فيما زعم التنظيم في بيان نشر على الإنترنت، أنه قتل 40 من أفراد قوات الشرطة الاتحادية في غرب الموصل ودمر ثماني مركبات عسكرية.
غير أن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت قال لـ«الشرق الأوسط» إن قواته «نفذت فجر أمس عملية تكتيكية لاستدراج عشرات من إرهابيي (داعش) من محيط جامع النوري الكبير (وسط المدينة القديمة) إلى حي الدندان المحرر خارج المدينة القديمة، ونجحت الخطة وأوقعنا الإرهابيين في كماشة محكمة من القناصة والقصف الموجه، وقضينا عليهم». وأشار جودت إلى أن عدد مسلحي التنظيم الذين وقعوا في كمين الشرطة الاتحادية بلغ «أكثر من 40، غالبيتهم من الانغماسيين». وأوضح: «بعد اشتباكات استمرت نحو ثلاث ساعات، قُتل المسلحون المحاصرون كافة».
وتستعد القوات العراقية لاقتحام المدينة القديمة من ثلاثة محاور رئيسية، بعد تحرير حيي الشفاء وباب سنجار المحاذيين لها اللذين يشهدان منذ يومين معارك شرسة بين مسلحي التنظيم وقوات الشرطة والجيش.
وتقدر السلطات عدد المسلحين المتحصنين في المدينة القديمة بنحو 500 من العراقيين والأجانب، غالبيتهم من «الانغماسيين»، وهم مسلحون يرتدون أحزمة ناسفة ويخوضون معارك قريبة ضد القوات المهاجمة قبل تفجير أنفسهم. ويستفيد التنظيم من جغرافيا المدينة القديمة التي تتسم بضيق أزقتها التي تعيق استخدام المدرعات والدبابات، وبيوتها القديمة المتلاصقة ذات الكثافة السكانية، فعدد المدنيين المحاصرين في هذه المنطقة التي تعتبر آخر معاقل التنظيم في الموصل يبلغ أكثر من 100 ألف مدني يعيشون في ظروف صعبة ويعانون المجاعة، بسبب نفاد مخزونهم من الطعام خلال أشهر من المعارك. ويمنع هذا القوات من استخدام الأسلحة الثقيلة، بسبب سقوط ضحايا في السابق. ويرى ضابط برتبة عقيد في الجيش أن المعركة قد لا تنتهي قبل حلول عيد الفطر، الموافق نهاية الشهر الحالي.
وتتقدم الشرطة الاتحادية المتوغلة في حي الشفاء شمال المدينة القديمة بحذر، للوصول إلى ضفة نهر دجلة لاستكمال حصار المدينة القديمة من الاتجاهات كافة، بينما يعتمد التنظيم على قناصيه لإعاقة هذا التقدم. وتحاول القوات فتح أكبر عدد من الممرات الآمنة لخروج المدنيين من المدينة القديمة. لكن كثافة العبوات الناسفة التي فخخ بها مسلحو «داعش» الطرق والبنايات وتحصن قناصي التنظيم بين المدنيين، تحول دون تمكُّن الأهالي من الخروج بسلام من المناطق الخاضعة لسيطرته باتجاه القوات الأمنية.
وقال لـ«الشرق الأوسط» رعد بكر الذي تمكن قبل أيام من الخروج مع عائلته من حي الشفاء: «كنا نسير بين الجثث. التنظيم قتل عشرات المدنيين الذين حاولوا الخروج باتجاه القوات الأمنية... تمكنت من الخروج بسلام لكن لا أعلم حتى الآن ما حدث لبيت والدي وأخوتي، فهم لم يتمكنوا من الخروج. أتمنى أن يكونوا سالمين».
وقال مسؤول إعلام الشرطة الاتحادية العقيد عبد الرحمن الخزعلي لـ«الشرق الأوسط» إن قواته «قتلت خلال نحو أربعة أشهر من المعارك، 27 قيادياً و214 قناصاً من (داعش)، واستعادت السيطرة على 300 كيلومتر مربع، منذ انطلاق معركة غرب الموصل، ودمرت 865 عجلة مفخخة وأتلفت 780 لغماً أرضياً». وأشار إلى مقتل «أكثر من ألف مسلح من التنظيم خلال معارك الأشهر الأربعة الماضية» في غرب المدينة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».