تصدر ملف استخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية قائمة الملفات التي طرحها الرئيس القبرصي نيكوس إنستاسيادس خلال زيارته الرسمية إلى بيروت، وسط تقديرات بأن تتولى قبرص مهام التنسيق حول الاستخراجات النفطية من شرق المتوسط، وتمر عبر مياهها الإقليمية أنابيب التصدير، على ضوء التواصل المفقود بين لبنان وإسرائيل، وغياب أي علاقة بينهما.
وطرح ملف النفط في اجتماعين عقدهما رئيس قبرص مع الرئيس اللبناني ميشال عون أول من أمس، ومع رئيس البرلمان نبيه بري أمس، إلى جانب لقاءين؛ جمع الأول وزير الطاقة القبرصي مع وزير الطاقة اللبناني، ووزير الخارجية القبرصي مع وزير الخارجية اللبناني.
وقال بري بعد لقائه الرئيس القبرصي، أمس، إن الطرفين «ناقشا أموراً كثيرة تتعلق بالجزيرة وبأمن المنطقة». كما أشار إلى «أننا ركزنا في حديثنا على موضوع النفط والمنطقة الاقتصادية بالنسبة إلى البحر والثروة النفطية، وما تحاول إسرائيل أن تنتزعه، سواء منا أو من الإخوة في قبرص، واتفقنا على أن يكون هذا الموقف موحداً، وأن نسعى لنعمل معاً، وتبقى علاقاتنا دائماً فوق كل المصالح».
ويفترض أن يفض لبنان عروض الشركات التي تقدمت بطلب التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية في سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك بعد أن فتح البرلمان اللبناني دورة التراخيص في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. لكن هناك عقبات أخرى تتمثل في حاجة الشركات إلى ضمانات دولية بعدم استهداف منشآتها من قبل إسرائيل في أي تطور عسكري لاحق بين البلدين، كما تتعلق بخطوط تصدير الطاقة بعد استخراجها، واشتراك لبنان بالأنبوب الذي يمر عبر قبرص ويصل إلى تركيا.
وقالت مصادر دبلوماسية مواكبة لحركة الوفد القبرصي في بيروت إن الحكومة اللبنانية تجري مباحثات منذ وقت طويل مع قبرص واليونان، في محاولة للتوصل إلى اتفاق يتيح للبنان الاستفادة من نفطه وغازه، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الدول الثلاث لم تجد بعد الحلول الكاملة، ولذلك تتواصل الاجتماعات والاتصالات، وسيكون الاجتماع الثلاثي بين لبنان وقبرص واليونان قريباً في هذا الاتجاه.
وكان رئيس قبرص قد وجه إلى الرئيس عون دعوة للانضمام إلى الاجتماع الثلاثي الذي سيعقد في قبرص، إلى جانب رئيس وزراء اليونان.
وقالت المصادر: «الاجتماعات تسعى لإيجاد حلول وقواسم مشتركة مرتبطة بخطوط تصدير الطاقة من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية»، لافتة إلى أن «تركيا وقبرص واليونان لهم مصالح مشتركة على صعيد التوصل إلى الحلول، وهم يدركون الخصوصية اللبنانية المرتبطة بالعلاقة مع إسرائيل. أما لبنان، فيسعى أيضاً لإيجاد حلول تتيح مد الأنابيب بطريقة مناسبة للجميع، من غير أن يكون له أي علاقة مباشرة مع إسرائيل»، مشددة في الوقت نفسه على أن الموقف السياسي اللبناني «لم يتغير، ولن يطرأ عليه أي تعديل مرتبط بالموقف من إسرائيل»، التي يعتبرها لبنان دولة عدوة.
وفيما يتعلق بالحلول المقترحة لمد أنابيب الغاز والنفط اللبنانيين لتصديرهما، قالت المصادر إن تمديدها باتجاه قبرص هو من الحلول المقترحة، وبالتأكيد ستكون مستقلة عن خطوط الأنابيب الإسرائيلية، لكنها أكدت أن البحث بخصوص خطوط الأنابيب «لا تزال مبكرة لأن لبنان لم ينهخ استخراج النفط، ولم يلزم بعد الشركات بالتنقيب عنه واستخراجه»، مشددة في الوقت نفسه على «ضرورة التوصل إلى حلول تتيح استخراج الطاقة من المياه اللبنانية لأن التأخير بها يصب لصالح إسرائيل التي تستفيد من الغاز والنفط اللبنانيين».
وفي إطار المباحثات التي واكبت زيارة الرئيس القبرصي، والوفد المرافق، استقبل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وزير خارجية قبرص يوانس كاسوليديس على رأس وفد، وقال باسيل: «ناقشنا أيضاً المشاريع المستقبلية في مجال النفط والغاز، وأعربت عن استعداد لبنان لزيادة مستوى التعاون من أجل إطلاق الحوار في قطاع الطاقة بين بلدينا، وفقاً لمبادئ القانون الدولي واتفاقية قانون البحار».
ورداً على سؤال عما إذا كان الوزيران قد اتفقا على إعادة النظر في الاتفاق الموقع بين البلدين في شأن النفط والغاز، قال باسيل: «هذا الاتفاق يأتي ضمن حل يعالج عملياً كل المشكلات الموجودة على حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وهناك إشكالات متعددة مع الدول المجاورة لنا، بحرياً ونفطياً، ولبنان يتصرف في هذه المسألة حسب القانون الدولي، ويتعاطى عبر الأمم المتحدة حسب الأعراف والأصول الدبلوماسية لمعالجة أي أمر. والقضية القائمة بيننا وبين قبرص من السهل معالجتها ومقاربتها لأن العلاقات أكثر من جيدة، ويمكن معالجتها بالنظر إلى موضوع الحدود. وهناك موضوع آخر مهم يمكن أن يستفيد منه البلدان، هو تقاسم الثروات في الحقول المشتركة بيننا».
ويرى الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة أن هناك مصلحة مشتركة للبنان وقبرص في إطلاق الاستخراجات النفطية، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن قبرص تعتبر أنه الوقت المناسب للاشتراك مع لبنان، والاستفادة من تصديره للنفط عبرها، بسبب إقفال الحدود السورية، وقطيعة لبنان مع إسرائيل. كما تطمح، بحسب عجاقة، للاستفادة من النفط اللبناني في القطاعات الصناعية في البتروكيماويات.
وقال عجاقة: «إن قبرص لها مصلحة أن تكون أراضيها نقطة التقاء للغاز والنفط اللبناني والإسرائيلي قبل تصديره عبر أنبوب مشترك إلى تركيا، وتسهيل استخراج النفط والغاز من البلدين»، وأعرب عن اعتقاده أن الرئيس القبرصي بسبب الموقع الجغرافي والأزمات في المنطقة «يسعى للحصول على أفضلية فيما يخص الاتفاقات التجارية مع لبنان، وما هو مرتبط بالغاز والنفط اللبنانيين».
قبرص تنسق استخراج وتصدير النفط والغاز مع اللبنانيين
رئيسها دعا لبنان للمشاركة في اجتماع ثلاثي إلى جانب اليونان
قبرص تنسق استخراج وتصدير النفط والغاز مع اللبنانيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة