قمة فرنسية - أفريقية تبحث تحديات الإرهاب والتصدي لـ«بوكو حرام»

لودريان في جولة تبحث حالة الأمن في القارة

قمة فرنسية - أفريقية تبحث تحديات الإرهاب والتصدي لـ«بوكو حرام»
TT

قمة فرنسية - أفريقية تبحث تحديات الإرهاب والتصدي لـ«بوكو حرام»

قمة فرنسية - أفريقية تبحث تحديات الإرهاب والتصدي لـ«بوكو حرام»

من المنتظر أن تحتضن العاصمة الفرنسية باريس السبت المقبل، قمة مصغرة بين مجموعة من الدول الافريقية وفرنسا، بحسب ما أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس (الأحد) في باكو، عاصمة أذربيجان.
وقال هولاند إن القمة ستناقش الوضع الأمني في نيجيريا، حيث خطفت جماعة بوكو حرام الاسلامية المتطرفة أكثر من 200 تلميذة.
وأضاف الرئيس الفرنسي : "اقترحت مع الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان عقد اجتماع للدول المجاورة لنيجيريا"، مضيفا ان الاجتماع "سيعقد السبت المقبل في حال كانت الدول المعنية بالأمر موافقة على ذلك".
ونقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية الصادر اليوم (الاثنين)، عن مقربين من هولاند تأكيدهم أن الاجتماع سيبحث قضايا الأمن وخصوصا مسألة "بوكو حرام"، وقد يشهد الاجتماع مشاركة قادة خمس دول أفريقية على الأقل هي نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين، إضافة إلى فرنسا، البلد المضيف.
ووصل فريق خبراء فرنسي متخصص في الاستخبارات أول من أمس (السبت) إلى نيجيريا للمساهمة في البحث عن الفتيات اللاتي اختطفتهن "بوكو حرام" في الرابع عشر ابريل (نيسان) الماضي. كما وصل أيضا قبل ذلك، فريق أميركي من المسؤولين العسكريين والمحققين وخبراء الطب الشرعي أملا في العثور على الفتيات.
من جهة أخرى، يواصل وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان، جولة في دول غرب افريقيا، تبحث "الحالة الأمنية" في المنطقة.
ويزور الوزير الفرنسي اليوم (الاثنين) موريتانيا، قادما من السنغال وكوت ديفوار، حيث بدأ الجمعة، زيارة لهذين البلدين اللذين توجد بهما قواعد عسكرية فرنسية.
والتقى وزير الدفاع الفرنسي مع نظيره السنغالي مع اوغوستين تين، كما اجتمع مع الرئيس السنغالي ماكي صال، وتفقد العسكريين الفرنسيين المتمركزين في داكار.
وقال لودريان في داكار أمس (الأحد) إن افريقيا وفرنسا وأوروبا لديها "مصير مرتبط" في مجال الأمن لأن "الإرهاب تهديد شامل". واصفا عملية خطف الفتيات في نيجيريا بأنها "فظيعة". وأضاف ان مواجهة أخطار انتشار أعمال "بوكو حرام"، أحد الأسباب التي تفسر تدخل فرنسا في جمهورية افريقيا الوسطى "لأنه إذا كان هناك في مكان ما فراغ أمني، فعندئذ يمكن لكل أنواع الإرهاب أن يجد بؤرة للنمو" حسب قوله. وتابع أن "الارهاب في أفريقيا تهديد شامل". مشيرا إلى أن تدخل فرنسا في مالي لم يكن فقط لضمان أمن مالي وأمن المنطقة، وإنما أيضا أمن فرنسا وأوروبا.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.