تقلص ثلاثة مشاهد الفجوة بين التساؤل والأفعال، التي يرنو خلالها الحوثيون وصالح، من حملة يخوضونها ضد المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والتي تجلت عندما نفى مكتب المبعوث نبأ روجته وسائل الإعلام الحوثية ومفاده أن ولد الشيخ أعفي من المهمة وانتقل إلى ليبيا.
المشهد الأول، عندما طلب ولد الشيخ في لهجة كانت أقرب إلى الشدة على غير المعتاد من «أنصار الله (الحوثيين) والمؤتمر الشعبي (حزب صالح) أن يسلموا الخطة الأمنية». خرج بعدها الحوثيون ليطالبوا بتغيير المبعوث الأممي، عبر رسالة نقلتها مواقع محسوبة على صالح من الأمين العام للأمم المتحدة بأن يستبدله، واتهموه بأنه غير محايد.
المشهد الثاني، في الخامس والعشرين من مايو (أيار) الماضي، الشهر الذي تعرض فيه موكب المبعوث الأممي إلى الاعتداء في صنعاء، خرج الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام في حساب (غير موثق) بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ليقول: «لا صحة لما ورد في بيان المبعوث الأممي عن إجراء أي لقاء معنا أو مع من يمثلنا بأي شكل من الأشكال خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة صنعاء».
المشهد الثالث، خرج صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الانقلابي في صنعاء ليقول إن المبعوث أصبح شخصاً «غير مرغوب فيه» بمناطق سيطرتهم وبينها صنعاء، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال: «نوجه رسائلنا للأمين العام للأمم المتحدة الذي جاء بولد الشيخ ليساومنا على ميناء الحديدة بالرواتب، نقول له وبصوت واحد إن مبعوثه غير مرغوب فيه بعد اليوم». وأضاف: «أي تواصل مع ولد الشيخ أو ترحيب به بعد اليوم ليس له أي قبول».
يقول الدكتور مانويل ألميدا الباحث في شؤون الشرق الأوسط إن التبرير الذي قدمه الحوثي وصالح هو «أنه (أي ولد الشيخ) لم يكن محايداً. لكنهم في الحقيقة قوضوا مراراً وتكراراً أي جهود للتوصل إلى تسوية للصراع على أساس قرار مجلس الأمن 2216»، مضيفاً أن محاولة تهميش المبعوث هي محاولة أخرى لإيقاف الوصول إلى السلام.
وغرد ولد الشيخ في حسابه على «تويتر» في الليلة نفسها التي خرجت فيها إشاعة إعفائه، قائلاً إن زيارته إلى العاصمة السعودية الرياض كانت موفقة، وذلك في إطار الجهود للتوصل لحل سلمي في اليمن، والتي قال أيضًا إنها «مستمرة لمساعدة الطرفين في التوصل إلى حل سلمي على أمل أن يلهم شهر رمضان الأطراف على تغليب المصلحة الوطنية».
ويعتقد المحلل السياسي اليمني عبد الله إسماعيل أن الإحاطة الأخيرة للمبعوث كانت فيها إدانة أكثر وضوحاً هذه المرة، وهو بالنسبة لهم تغير، ويقول: «إن التغير جعلهم يصلون إلى درجة القطيعة، وقد أعلنوا أنه غير مرحب به في صنعاء»، متابعاً أن «عداوتهم مع ولد الشيخ قديمة، والحوثيون ليس لديهم تفكير منطقي أو سياسي ولا رؤية واضحة، ولا يقرأون إلا بلغة العداء للجميع».
ورجح محللون تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أن تكون دوافع الحملة التغيرات الأخيرة التي قالوا إنها طرأت على خطط ومواقف المبعوث الأمنية.
الباحث والكاتب اليمني هاني مسهور يعتبر المبعوث «اتخذ منحى واقعياً خصوصاً معالجة موضوع الحديدة، الذي يشهد انعكاسات بدأت تأخذ وهجها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2016، إذ ظهر ميناء الحديدة وأهميته»، ويرى مسهور أن الحوثيين يعتقدون أن ولد الشيخ يتقارب مع الحكومة اليمنية الشرعية، وربما تعاطي الحكومة الإيجابي دفعهم إلى ذلك، لا سيما أن المبعوث كان في البداية يحبذ التعامل بما «يتماهى مع موجب الأمر الواقع، أي على أنهم قوة موجودة في الأرض».
وتعد الخبرة التي راكمها ولد الشيخ إلى أن وصل إلى تجزئة الحل والبدء بالحديدة تطوراً لافتاً في حلوله التي طرحها، ويقول مسهور: «الآن عندما طور ولد الشيخ الحل أصبح يتحدث عن الاستحقاقات الأمنية... وبدأ الطرف الآخر في التذمر، لكن الأهم أن الحوثيين بدأوا يشعرون بالخطر».
3 مشاهد تفسر حملة الحوثيين وصالح ضد ولد الشيخ
3 مشاهد تفسر حملة الحوثيين وصالح ضد ولد الشيخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة