حي في ضواحي أنقرة يضيق ذرعا باللاجئين السوريين

شهد مواجهات استدعت تدخل الشرطة.. وتحذيرات من «بوادر تفجير»

لاجئون سوريون أكراد يستعدون لنقل ثلاجة حصلوا عليها من مساعدات وزعت في مخيم للاجئين قرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق أمس (أ.ف.ب)
لاجئون سوريون أكراد يستعدون لنقل ثلاجة حصلوا عليها من مساعدات وزعت في مخيم للاجئين قرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق أمس (أ.ف.ب)
TT

حي في ضواحي أنقرة يضيق ذرعا باللاجئين السوريين

لاجئون سوريون أكراد يستعدون لنقل ثلاجة حصلوا عليها من مساعدات وزعت في مخيم للاجئين قرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق أمس (أ.ف.ب)
لاجئون سوريون أكراد يستعدون لنقل ثلاجة حصلوا عليها من مساعدات وزعت في مخيم للاجئين قرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق أمس (أ.ف.ب)

حتى قبل فترة قصيرة لم يكن سكان أنقرة الواقعة على بعد نحو 700 كلم من الحدود مع سوريا يعرفون عن هذه الأزمة لدى الجارة الجنوبية إلا ما يصل إليهم عبر وسائل الإعلام، أما اليوم فقد بدأت تداعيات هذه الحرب تدق أبوابهم في قلب العاصمة.
فقد وقعت مواجهات بين لاجئين سوريين وسكان حي حاجيلار الواقع في ضواحي أنقرة. وأحرق أتراك مساء الأربعاء الماضي مبنى يعيش فيه سوريون، ما أدى إلى وقوع عدد من الجرحى. ولم يعد الأتراك في هذا الحي يخفون ضيقهم من تزايد عدد اللاجئين السوريين في حيهم.
وتقول حجازية دمركان (42 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية وبدت كدمات على ذراعها: «لم نعد نريد هؤلاء السوريين بيننا. لم يفعلوا سوى زرع الفوضى منذ وصولهم».
ومنذ مطلع السنة الحالية استقر نحو 2500 سوري في حي حاجيلار. وتحقق هذا الأمر بمبادرة من بلدية الحي التي يسيطر عليها أنصار حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب إردوغان، وذلك في إطار سياسة «الأبواب المفتوحة» أمام اللاجئين السوريين الفارّين من المعارك الدائرة في سوريا بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد ومعارضيه.
وبعد أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع الأحداث في سوريا، لم تعد المخيمات المقامة على مقربة من الحدود بين البلدين قادرة على استقبال المزيد من اللاجئين. وتستطيع هذه المخيمات استقبال نحو 220 ألف شخص، إلا أنها باتت تستقبل أكثر من مليون، حسب السلطات السورية.
وتوزع الكثير من السوريين على عدد من المدن التركية، ويعمل بعضهم في مهن متواضعة في حين يعمد آخرون إلى التسول، ما أثار حساسية السكان المحليين.
وقال أحد سكان حي حاجيلار، رافضا الكشف عن اسمه لأنه يعمل موظفا في الدوائر الحكومية، إن «هؤلاء الناس لا يعملون. كل ما يريدونه هو الحصول على المساعدات، وعندما يحصلون عليها من منظمات غير حكومية يعمدون إلى بيعها بأسعار متدنية».
ويروي هذا التركي ما حصل في الحي متهما السوريين بأنهم تسببوا بالإشكال عندما شتموا وهاجموا بالعصي نحو عشرة أشخاص من شبان وشابات الحي بينهم اثنان من أبنائه. وامتدت المواجهات بين الطرفين إلى شوارع عدة من الحي، ما دفع الشرطة إلى إرسال تعزيزات إلى المكان.
وطردت السلطات التركية المتهمين بافتعال الشجار إلى مخيم على مقربة من الحدود مع سوريا. وبات السوريون يفضلون تفادي الظهور في الشوارع بعد هذا الحادث، ولم يعد يرى سوى بعض الفتيان الذين يبحثون عن الحطب للتدفئة.
إلا أن التوتر لا يزال قائما. ويقول تركي آخر من سكان الحي صودف وجوده في الشارع: «ساعدنا هؤلاء الأشخاص وقدمنا لهم الطحين والخبز، وها هم يردون الجميل بهذه الطريقة»، في حين يحاول التركي أحمد مييز التخفيف من أهمية ما حصل قائلا إن «الخلافات لا بد أن تتلاشى مع الوقت».
ولا يبدو أن هذا الأمر مؤكد بعد أن تكاثرت الصدامات بين لاجئين سوريين وسكان أتراك في مناطق عدة من تركيا، فقد وقعت الجمعة مشاجرات في مدينة حسا الصغيرة الواقعة في جنوب شرقي البلاد على مقربة من الحدود مع سوريا، مما أدى إلى وقوع أربعة جرحى، حسب ما نقلته وسائل الإعلام المحلية.
وتؤكد السلطات التركية أن هذه الحوادث معزولة، لكن الكثير من المعلقين لا يخفون قلقهم، خصوصا عبر الصحف وحتى تلك المقربة من الحكومة. وكتب المعلق ايلنور تشيفيك في صحيفة «دايلي صباح» الناطقة بالإنجليزية والمقربة من الحكومة أن «حادثة أنقرة يمكن إلا تكون سوى البداية لتنتقل هذه المشكلات إلى مناطق أخرى من تركيا».
ومع أن الكاتب أشاد بقيام حكومة إردوغان بصرف نحو ملياري دولار لمساعدة اللاجئين السوريين، فإنه في الوقت نفسه لم يتردد في وصف الوضع بأنه «يحمل بوادر تفجير». وقال تشيفيك: «لقد توزعوا في كل أنحاء البلاد خارج أي سيطرة»، مضيفا: «والمشكلة لم تعد أمنية فحسب، بل باتت اجتماعية أيضا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.