تبادلت الحكومة والمتمردون في جنوب السودان أمس الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار، وذلك بعد بضع ساعات من توقيع الاتفاق في أديس أبابا برعاية أممية، مما بدد آمالا بنهاية سريعة للنزاع المستمر في هذا البلد منذ نحو خمسة أشهر. وأكد مسؤول تابع للأمم المتحدة اندلاع قتال في بلدة بانتيو المضطربة، وقال إن «إطلاق الرصاص جاء من الجانبين»، في وقت أشار فيه الجيش والمتمردون إلى اشتباكات في أماكن أخرى.
واتهم المتمردون في بيان صباح أمس القوات النظامية بتنفيذ هجمات برية وبقصف مدفعي لمواقعهم في ولايتين نفطيتين في الشمال، في حين قالت الحكومة إن المتمردين هم الذين بادروا بالهجوم. وقال المتحدث العسكري باسم المتمردين، لول رواي كوانغ، في بيان، إن «انتهاكات الاتفاق الهادف إلى حل الأزمة في جنوب السودان تظهر إما أن (الرئيس سلفا) كير منافق، وإما أنه لا يسيطر على قواته».
وكان كير ونائبه السابق رياك مشار، الذي أصبح زعيما للمتمردين، التقيا الجمعة في إثيوبيا ووقعا اتفاقا نص على وقف المعارك في غضون 24 ساعة أو على أقصى تقدير مساء السبت، وعلى تشكيل حكومة انتقالية. لكن سجلت مواجهات أمس حول مدينة بانيتو كبرى مدن ولاية الوحدة، التي تبادل الطرفان السيطرة عليها مرارا. وأكدت مصادر إنسانية مستقلة لوكالة الصحافة الفرنسية حدوث تبادل لإطلاق النار في المدينة، من دون أن يكون بإمكانهم تحديد من بادر بإطلاق النار.
لكن مسؤولا من الأمم المتحدة أكد أن إطلاق الرصاص جاء من الجانبين، بحسب رويترز. وقال المسؤول، الذي طلب حجب اسمه لحين جمع المزيد من المعلومات، إن «قتالا شرسا اندلع حول بانيتو صباح الأحد»، إلا أنه أضاف أن القتال أصبح متقطعا في وقت لاحق.
وأكد المتمردون أن القوات الحكومية شنت هجمات في ولاية أعالي النيل المجاورة، وأنهم يحتفظون بـ«حقهم في القتال دفاعا عن النفس». ورد وزير الدفاع الجنوب سوداني، كيول مانيانغ، بأن المتمردين هم من بادروا بالهجوم في بانيتو وأنهم تكبدوا خسائر كبيرة. وقال مانيانغ: «لقد بادروا بالهجوم هذا الصباح (الأحد)، هاجموا مواقعنا وقتل منهم 27. إنهم يعتمدون سياسة الهجوم ثم الذهاب إلى الإعلام للتنديد».
وكان كير قال الأحد أمام حشد تجمع في جوبا إنه يرغب في السلام، وإن مشار وقع «تحت الضغط». وقال: «لقد أصدرنا الأمر لقواتنا بألا يغادروا مواقعهم التي كانوا يهاجمون منها المتمردين». وأكد المتحدث باسم كير، أتيني ويك، أن الحكومة أصدرت الأوامر الصارمة للجيش باحترام اتفاق السلام؛ إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس. وقال: «صدرت أوامر للجيش بالبدء في احترام بنود وقف المعارك»، مضيفا أن «الحق في الدفاع عن النفس لم يلغه الاتفاق».
ويرى مراقبون أنه سيكون من الصعب إرساء الهدنة مع وجود تحالف معارض غير متجانس مكون من فارين من الجيش ومن إثنيات مختلفة، وربما مرتزقة قدموا من السودان المجاور، ومن جهة أخرى جيش حكومي تبدو تراتبيته القيادية ضعيفة. وقال مونوجا لوبانغ، الباحث في جامعة جوبا، إن «بعض القيادات يسعون إلى التصرف كما يحلو لهم من دون تعليمات. ويمكن بالتالي توقع عملية مليئة بالعراقيل».
وجرى توقيع الاتفاق الجمعة بعد ضغوط دبلوماسية مكثفة وتهديدات أميركية ومن الأمم المتحدة بفرض عقوبات محددة. والنزاع الذي اندلع في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي خلف على الأرجح عشرات الآلاف من القتلى، لكن لا وجود لحصيلة دقيقة، فيما أجبر أكثر من 1.2 مليون شخص على النزوح وتسبب في دمار كبير في مدن البلاد.
اتهامات متبادلة بخرق اتفاق الهدنة في جنوب السودان
مسؤول أممي: إطلاق النار جاء من الجانبين
اتهامات متبادلة بخرق اتفاق الهدنة في جنوب السودان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة