3 أعوام على صعود «داعش»: تهجير وخراب... ومستقبل غامض

اقتراب الحسم العسكري في الموصل يضع الدولة العراقية أمام امتحان صعب لترميم العلاقات بين المكونات

عراقي يفر بابنه من المعارك بين الشرطة و«داعش» غرب الموصل (رويترز)
عراقي يفر بابنه من المعارك بين الشرطة و«داعش» غرب الموصل (رويترز)
TT

3 أعوام على صعود «داعش»: تهجير وخراب... ومستقبل غامض

عراقي يفر بابنه من المعارك بين الشرطة و«داعش» غرب الموصل (رويترز)
عراقي يفر بابنه من المعارك بين الشرطة و«داعش» غرب الموصل (رويترز)

في 9 يونيو (حزيران) 2014، بدأ تنظيم داعش سيطرته على أجزاء واسعة من أربع محافظات عراقية تمثل نحو ثلث مساحة البلاد، ليعيش العراق كابوساً طويلاً أدى إلى سقوط آلاف الضحايا وتشريد ملايين آخرين وتخريب عشرات المدن والقرى التي ستتطلب إعادة إعمارها مئات المليارات من الدولارات.
كان انفجار الوضع في 2014 صادماً، لكنه لم يكن مفاجئاً؛ إذ كان النتيجة الأكثر ترجيحاً لسلسلة السياسات المتشددة التي انتهجها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي حيال خصومه ومنافسيه من السنة والأكراد والشيعة. بدا وقتها الانهيار مسألة وقت.
كان المالكي المتهم بالتفرد والديكتاتورية من قبل خصومه الكثيرين خلال فترة ولاية الثانية لرئاسة الوزراء (2010 - 2014) يتصرف تحت هاجس الانتخابات العامة التي ستجرى في أبريل (نيسان) 2014، أي قبل نحو شهرين من صعود «داعش» الرهيب. ويريد أن يحقق ما يساهم في نصر انتخابي مريح في وجه خصوم متوثبين للانقضاض عليه، فهاجم خيام المعتصمين في محافظات غرب العراق وشماله احتجاجاً على حكمه المتهم بإقصاء السنة. أزاح خيام المعتصمين في الأنبار وداهم منزل النائب أحمد العلواني وأودعه السجن بعد قتل أحد أشقائه أثناء المواجهة مع قوات الأمن المكلفة بالقبض عليه. وقبل ذلك لاحق قضائياً خصمه السُني نائب الرئيس طارق الهاشمي.
ارتفعت حظوظ المالكي بنظر اتباعه، تصدر الانتخابات وفاز ائتلافه «دولة القانون» بالحصة الأكبر من مقاعد البرلمان. لكن حالة التذمر في المناطق السنيّة وصلت درجة غير مسبوقة، استغلها «داعش» وتمكن، من السيطرة على غرب الموصل في 9 يونيو 2014، ثم على شرقها في اليوم التالي. واستمرت الموجة «الداعشية» في التقدم لتسيطر على حمام العليل والشرقاط ومناطق أخرى. وفي 13 من الشهر ذاته، تمكن التنظيم من السيطرة على أجزاء واسعة من محافظة صلاح الدين وارتكب مجزرته الرهيبة في «قاعدة سبايكر» وقتل نحو 1700 جندي.
ومع وصمة «العار» التي لحقت بالمالكي في الموصل وغيرها، ومع الغضب الجماهيري والسياسي المتنامي ضده، تبخر حلمه بالفوز بولاية ثالثة وتنازل لرفيقه في «حزب الدعوة» حيدر العبادي.
التمدد السريع لـ«داعش» أثار مخاوف عموم العراقيين، والشيعة منهم بطريقة استثنائية؛ ما دفع مرجعية النجف إلى إصدار فتوى «الجهاد الكفائي». وبعدها بأسبوعين، نصّب «داعش» زعيمه أبو بكر البغدادي «خليفة»، ليظهر بعد أيام خطيباً في جامع النوري الكبير غرب الموصل. بحلول مطلع سبتمبر (أيلول) 2014، تسلّم حيدر العبادي مهام منصبه الجديد رئيساً للوزراء، ووجد أنه أمام تركة ثقيلة خلفها المالكي: أراضٍ شاسعة تحت سيطرة «داعش»، وخزينة خاوية، كما أعلن أكثر من مرة، نتيجة انهيار أسعار النفط وسياسة الإنفاق «غير المنضبط» لسلفه.
وكما كان متوقعاً، كانت الأولوية القصوى لحكومة العبادي هي التركيز على الحرب ضد «داعش». وكان للدعم الأميركي، عبر تشكيل «التحالف الدولي» أثراً كبيراً في مساعدة العبادي على إدارة زخم المعركة وتحقيق انتصارات لاحقة ضد «داعش». وجاء الموقف الأميركي من العبادي مناقضاً للتعامل ببرود مع المالكي.
ورغم الاحتجاجات المدنية المطالبة بالإصلاح التي رافقت حكومة العبادي منذ أيامها الأولى، إلا أنه تمكن من تدشين حربه ضد «داعش» بالهجوم عليه في محافظة صلاح الدين القريبة من بغداد، وتمكن في أبريل 2015 من طرده من مركزها تكريت. غير أن التقدم المحرز في صلاح الدين أصيب بانتكاسة أثر هجوم «داعش» على مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، وسيطرته عليها في مايو (أيار) 2015، ثم عادت القوات الحكومية وسيطرت على الرمادي نهاية العام. ومنذ ذلك التاريخ، استمر تقدم القوات العراقية في مقابل التراجع العكسي لـ«داعش». توالت الانتصارات العسكرية على «داعش»، من خلال السيطرة على مدينة الفلوجة العصية في يوليو (تموز) 2016. وصولاً إلى استعادة قضائي الشرقاط والقيارة في محافظة نينوى في سبتمبر وأغسطس (آب) من العام نفسه، ومن ثم استعادة أجزاء واسعة من محافظة نينوى وتحرير شرق الموصل مطلع هذا العام، وقرب السيطرة الكاملة على غربها.
لكن إذا كان كابوس سيطرة «داعش» على الأراضي العراقية يدنو الآن من نهايته مع اقتراب طرد التنظيم من آخر معاقله الكبرى في غرب الموصل، فإن مستقبل المناطق التي خضعت لسيطرته يبقى غامضاً، في ظل تعقد ملفات إعادة الإعمار والحساسيات الطائفية والعرقية التي يثيرها اشتراك ميليشيات مذهبية وقومية في المعركة ضد «داعش» وتداخل الجهات الراغبة ببسط السيطرة على هذه المناطق بعد طرده منها.
ويرى المستشار السابق لوزارة الدفاع العراقية سعد العبيدي، أن الحرب ضد «داعش» أظهرت «تفوقاً واضحاً للقوات العراقية». لكنه أشار إلى أن «النصر الناجز سيضع الدولة أمام امتحان صعب لترميم العلاقات بين التركيبة السكانية لمحافظة نينوى وغيرها التي تضررت كثيراً، وكذلك بالنسبة إلى العراق الذي يمكن أن تظهر في محيطه تناقضات يحتاج حلها إلى تنازلات من جميع الأطراف». وعبّر العبيدي لـ«الشرق الأوسط» عن خشيته من «صعوبة الحلول»، ذلك أن «غالبية الأطراف ليس لديها استعداداً للتنازل، ما يمكن أن يبقي بعض أبواب الاضطراب الأمني مفتوحاً ويزيد من الأصوات الشعبية التي تنادي بالإصلاح وإعادة النظر بالحكم». لكنه يعتقد أن الأصعب من ذلك كله، هو «مصير التنظيمات العسكرية المشاركة في الحرب من خارج الجيش وكمية السلاح المملوك لها وللعشائر».
على أن أفراح النصر وتراجع «داعش» المتواصل، لم تنجح في إخفاء مأساة السنوات الثلاث الماضية والمخاوف المستقبلية المترتبة عليها. وحين يلتفت العراقيون اليوم إلى الوراء، سيجدون أن ملايين النازحين ما زالوا في حاجة ماسة للعودة إلى منازلهم، إلى جانب الخسائر المادية المترتبة على الحرب وتجاوزت 200 مليار دولار، استناداً إلى مصادر اقتصادية، إضافة إلى الكلفة الباهظة التي يتطلبها إصلاح البنى التحتية للمحافظات التي تضررت، فضلاً عن إعادة بناء آلاف المنازل المهدمة للمواطنين. ورغم ذلك كله، لا يستبعد نائب الأمين العام لـ«الحزب الإسلامي» بهاء النقشبندي إمكانية تعافي العراق في ظل الظروف الراهنة وعودته دولة قوية. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «داعش كان نقطة سوداء في تاريخ العراق، وليس أمام السياسيين بعد القضاء عليه، سوى ترك الممارسات السابقة التي أدت إلى ظهور هذه العصابة الإجرامية».
وإلى جانب الكلفة الباهظة في الأرواح والأموال، يخشى كثيرون من التداعيات المحتملة من الصراعات السياسية والعشائرية في مرحلة ما بعد «داعش»؛ لذلك سعت البعثة الأممية في العراق (يونامي) بمشاركة الأطراف السياسية إلى بلورة ما أطلق عليه مشروع «التسوية التاريخية» لوضع ترتيبات ما بعد «داعش»، في مسعى لتلافي مشاكل المرحلة التي يخشاها الجميع.
ويعتقد النقشبندي أن «الدولة قادرة على إعادة الإعمار والبناء مع توافرها على إرادة حقيقية، وستجد أن الناس تتفاعل معها، خصوصاً أن الأمور مختلفة اليوم، والناس تثق بالحكومة في نينوى وغيرها، لأن تعامل الدولة مع الناس اختلف هو الآخر، خلافاً لما حدث في السابق». وأضاف أن «قضية التسوية التاريخية مهمة جداً لمرحلة ما بعد «داعش»، شرط أن تكون حقيقية ومعززة بإجراءات بناء الثقة».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».