مصر والبحرين: مقاطعة قطر لإضرارها بالأمن العربي

القاهرة تدعو مجلس الأمن إلى التحقيق في اتهامات للدوحة بدفع فدية لمنظمة إرهابية بالعراق

الرئيس المصري والعاهل البحريني خلال محادثاتهما في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري والعاهل البحريني خلال محادثاتهما في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر والبحرين: مقاطعة قطر لإضرارها بالأمن العربي

الرئيس المصري والعاهل البحريني خلال محادثاتهما في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري والعاهل البحريني خلال محادثاتهما في القاهرة أمس (الرئاسة المصرية)

عقب جلسة مباحثات جرت أول من أمس بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وملك البحرين الملك حمد بن عيسى، وصل العاهل البحريني إلى القاهرة في زيارة رسمية تستغرق يومين، ضمن جولة يقوم بها لعدد من الدول العربية، وكان في استقباله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأجرى ملك البحرين مباحثات مع السيسي تناولت آخر المستجدات على الساحات العربية والإقليمية والدولية.
وأكدت مصر والبحرين أن مقاطعة قطر جاءت بعدما فشلت محاولات إثنائها عن دعم التنظيمات الإرهابية. وقال زعيما البلدين، في بيان عقب محادثاتهما في القاهرة أمس، إن قرار مقاطعة قطر «جاء بعد تمسكها وإصرارها على اتخاذ مسلك مناوئ للدول العربية، وبعد أن فشلت محاولات إثنائها عن دعم التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن إصرارها على التدخل في الشؤون الداخلية لمصر والبحرين والدول العربية بصورة تهدد أمنها واستقرارها، وتضر بالأمن القومي العربي ووحدة الدول العربية».
وأقيمت مراسم استقبال رسمية لملك البحرين فور وصوله إلى قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة) حيث أطلقت المدفعية 21 طلقة ترحيبا بالعاهل البحريني، وعزفت الموسيقى العسكرية السلامين الوطنيين للبحرين ومصر، ثم استعرض الزعيمان حرس الشرف، وصافح الزعيمان أعضاء وفدى البلدين.
وفي هذه الأثناء، دعت مصر أمس مجلس الأمن للتحقيق في اتهامات بأن قطر دفعت فدية تصل إلى مليار دولار لمنظمة إرهابية تنشط في العراق من أجل إطلاق سراح أعضاء مخطوفين من أسرتها الحاكمة.
يأتي هذا في وقت أكد السيسي فيه ضرورة بذل المجتمع الدولي مزيدا من الجهود للتصدي للإرهاب واتخاذ مواقف حازمة وصارمة لوقف تمويل التنظيمات الإرهابية ومدها بالسلاح والمقاتلين. وتطرق السيسي خلال لقائه أمس جان إيف لودريان وزير خارجية فرنسا بحضور سامح شكري وزير الخارجية المصري، لآخر تطورات الوضع الإقليمي المتأزم، بالإضافة إلى الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، إن الرئيس السيسي أكد لوزير خارجية فرنسا أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين الجانبين حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، من أجل مواجهة التحديات القائمة، وفي مقدمتها خطر الإرهاب الذي تمتد تداعياته إلى العالم بأسره، مضيفا أن وزير الخارجية الفرنسي أشار إلى تطلعه لمواصلة العمل على الارتقاء بالتعاون الثنائي المتميز بين البلدين. كما أوضح وزير الخارجية الفرنسي تطلعه للاستمرار في التشاور بين البلدين إزاء مختلف الموضوعات الإقليمية، لا سيما في ضوء ما تشهده المنطقة من تطورات وأحداث متسارعة تتطلب تنسيقا مكثفا حولها سعيا للتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة.
وعلى صعيد الملف الليبي، اتفق الجانبان المصري والفرنسي على مواصلة التنسيق «بهدف الدفع قدما بالجهود المبذولة لدعم المسار السياسي بين الأشقاء في ليبيا، بما يساعد على استعادة الاستقرار هناك والحفاظ على وحدة ليبيا ومؤسساتها الوطنية ويصون مقدرات شعوبها».
في السياق نفسه، شدد وزير الخارجية الفرنسي على ضرورة عمل مصر وفرنسا معا لحل الأزمات الإقليمية، بخاصة في ليبيا، قائلا: «لا يمكننا أن نسمح بأن تنموا على حدود مصر وأبواب فرنسا حالة من عدم الاستقرار التي تستفيد منها المجموعات الإرهابية». وأكد وزير الخارجية الفرنسي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري أمس، أن حل الأزمة الليبية أمر بالغ الأهمية، لافتا إلى ضرورة العمل على إيجاد حل سلمى للوضع في ليبيا، بخاصة أن مصر وفرنسا مهتمتين بإنهاء هذا الموضوع.
ودعت مصر أمس، بحسب مجلس الأمن، للتحقيق في اتهامات بأن قطر دفعت فدية تصل إلى مليار دولار لمنظمة إرهابية تنشط في العراق من أجل إطلاق سراح أعضاء مخطوفين من أسرتها الحاكمة.
وقال الدبلوماسي المصري في الأمم المتحدة إيهاب مصطفى للمجلس، بحسب وكالة «رويترز»: «سوف تكون لهذا الانتهاك لقرارات مجلس الأمن، إذا ثبتت صحته، آثار سلبية قطعا على جهود مكافحة الإرهاب على الأرض». ونفت قطر دفع فدية لتأمين إطلاق سراح 26 قطريا بينهم أعضاء من الأسرة الحاكمة في البلاد خطفهم مسلحون مجهولون.
وقطعت السعودية ومصر والإمارات والبحرين وموريتانيا والأردن واليمن وحكومة شرق ليبيا وعدد من الدول العلاقات مع قطر، لاتهامها بدعم متشددين. وتنفي قطر هذه الاتهامات وتقول إنها لا أساس لها.
في السياق ذاته، شدد اللواء مجدي عبد الغفار، وزير الداخلية المصري، على أهمية استيعاب الخطط الأمنية وحجم التهديدات الإرهابية الموجهة للمنطقة، بخاصة في ظل ملابسات الوضع الإقليمي الراهن، والتوقعات بأن تبادر العناصر الإرهابية باستغلال ذلك لمحاولة الجنوح لتنفيذ أعمال إرهابية بهدف زعزعة الاستقرار بالمنطقة، وهو ما يشكل تحديا جديدا وتهديدا لأمن مصر والمنطقة العربية بأسرها.
وقال وزير الداخلية خلال اجتماعه بالقيادات الأمنية في البلاد أمس، بأهمية اتخاذ أقصى درجات الاستعداد الأمني لتأمين المنشآت المهمة والحيوية، والمشروعات القومية والاستثمارية، والكنائس والأديرة ودور العبادة والمنشآت الدينية بوجه عام، والطرق المؤدية لها، ونشر خدمات تعزيزيه لنطاقها، وأهمية إجراء تنسيق كامل مع القائمين على الأديرة لتقليل الزيارات والاحتفالات خلال المرحلة الراهنة في ظل التهديدات المحتملة، مشيرا إلى أن هناك إدراكا كاملا من جانب رموز تلك المنشآت المسيحية لحجم تلك التهديدات، وتفهما للإجراءات الأمنية بهذا الشأن.
ويتخوف مراقبون من أعمال إرهابية ضد مصر من التنظيمات المتشددة، بخاصة في ليبيا، انتقاما من إجراءات عزل قطر، واستهدف تنظيم داعش الإرهابي مسيحيين في طريقهم لأحد الأديرة بمحافظة المنيا بصعيد مصر، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
ولفت عبد الغفار إلى أهمية امتداد تشديد إجراءات التأمين وتعزيزها إلى الأماكن السياحية والمتنزهات ومرافق الدولة الحيوية، وضرورة مواصلة توعية القوات وتبصيرهم باتخاذ كل إجراءات الحيطة والحذر، لمواجهة التحديات الأمنية المطروحة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.