وجهت موسكو أمس جملة انتقادات حادة للقصف الأميركي الذي استهدف قوات موالية للنظام السوري قرب معبر التنف، (ليس ببعيد عن الحدود السورية مع الأردن والعراق)، وبرز في المواقف الروسية قلق من احتمال إقامة الولايات المتحدة «كأمر واقع» مناطق آمنة في سوريا، دون الانضمام للجهود الروسية بإقامة «مناطق تخفيض التصعيد».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن ذلك القصف «عمل عدواني ينتهك سيادة ووحدة أراضي سوريا»، واعتبر أن ما جرى كان موجهاً «عن قصد أو دون قصد» ضد القوات التي زعم أنها «الأكثر فاعلية في التصدي للإرهاب». ورفض لافروف مبررات التحالف الدولي، بأن تلك القوات الموالية للنظام السوري أصبحت عرضة للقصف بعد أن اقتربت من «مناطق فض الاشتباك» أو «مناطق عدم التصادم»، وقال إن روسيا لا علم لديها أبدا بتلك المناطق، ورجح أن «الحديث يدور حول مناطق قام التحالف بإقامتها من جانب واحد»، ورفض الاعتراف بتلك المناطق، واعتبر أن «أي مناطق فض اشتباك يتم الإعلان عنها دون موافقة دمشق هي مناطق غير شرعية»، داعيا الشركاء الغربيين في التحالف الدولي إلى «مراعاة التفاهمات مع الجانب الروسي بأن كل معايير مناطق تخفيض التصعيد يجب التوافق عليها مع جميع الأطراف».
من جانبه، قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن قصف قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لقوات موالية للنظام السوري قرب التنف سيؤثر بصورة سلبية على الوضع الميداني، وستكون له تداعيات سلبية كذلك على العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية. وقال إن «روسيا ما زالت تصر على التنفيذ التام لمبدأ مناطق تخفيض التصعيد، وفق الصيغة التي تم وضعها وتنظيمها في مذكرة آستانة بتاريخ 4 مايو (أيار)». ولم يجب ريابكوف أمس على سؤال الصحافيين حول ما إذا كانت واشنطن قد أبلغت موسكو مسبقاً بالقصف أم لا، لكنه قال إن العسكريين الروس والأميركيين على اتصال دائم حول مجمل التطورات في سوريا، واعتبر أن «المسألة لا تكمن في أنهم أبلغونا أم لا، بل في الجانب السياسي لما جرى».
وقال إن القصف الأخير، مثل القصف الأميركي لقوات موالية للنظام قرب التنف في 18 مايو «يمثل انتهاكا للقانون الدولي كما نرى في موسكو». وبعد تأكيده أن القوات التي قصفها الأميركيون لم تكن تشكل أي تهديد للقوات الأميركية في المنطقة، اتهم ريابكوف الولايات المتحدة بالعمل على إقامة «مناطق آمنة وفق الرؤية التي تناسبها».
في شأن آخر، قال وزير الخارجية الروسي خلال مؤتمر صحافي، أمس، إن العمل يجري حالياً على وضع تفاصيل «مناطق تخفيض التوتر» بما في ذلك «حل مسائل ضمان الأمن في تلك المناطق، وضمان آليات المراقبة على التزام الأطراف بوقف الأعمال القتالية، والعبور الحر للمواطنين والمساعدات الإنسانية من وإلى هناك». وأضاف أن الاتفاق ينص على إقامة واحدة من مناطق تخفيض التصعيد في جنوب سوريا، لافتاً إلى استمرار المشاورات للاتفاق على حدود تلك المنطقة، وأكد أن «مثل تلك المشاورات تجري بمشاركة جميع الأطراف المهتمة». أما سيرغي ريابكوف فقد أشار إلى أن روسيا «دعت إلى التوافق على مناطق تخفيض التصعيد»، وشدد على قوله إننا «قدمنا أفكارنا والاقتراحات ذات الصلة للجانب الأميركي، ونواصل العمل في هذا الاتجاه»، وقال إن «رد فعل واشنطن ما زال غير بناء حتى اللحظة».
إلى ذلك، تستمر الاستعدادات لعقد جولة جديدة من المحادثات بين الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) في آستانة بمشاركة ممثلين عن النظام والمعارضة السورية. وأمس أعلن جورج كرول، سفير الولايات المتحدة في كازاخستان، أن الوفد الأميركي تلقى دعوة للمشاركة في لقاء آستانة يومي 12 - 13 يونيو (حزيران)، وقال في تصريحات صحافية: «تسلمنا الدعوة بصفة مراقب للمشاركة في الجولة المقبلة من المفاوضات، لكن لا يوجد رد من واشنطن بعد»، وأشار إلى أنه غير واضح حتى الآن من سيمثل الولايات المتحدة في هذه الجولة. وكانت الدول الضامنة وقعت في لقاء آستانة السابق، في الرابع من مايو (أيار) مذكرة لإقامة مناطق تخفيض تصعيد في سوريا، واتفقت على تشكيل لجنة لوضع تفاصيل آليات تنفيذ المذكرة، ولم تعلن حتى الآن عن نتائج عمل تلك اللجنة. وتوقعت مصادر مطلعة في موسكو - آستانة، أن يتم عرض تلك النتائج خلال الجولة القادمة، ولفتت إلى قضايا عالقة تعمل الأطراف على التوافق بشأنها، منها ما يتعلق بحدود المناطق وكذلك القضايا المتصلة بالمراقبة والقوات التي ستشارك في هذه المهمة، والمهام على المعابر من وإلى مناطق تخفيض التصعيد.
انتقادات روسية للقصف الأميركي على الـتنف وقلق من مناطق آمنة أميركية
انتقادات روسية للقصف الأميركي على الـتنف وقلق من مناطق آمنة أميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة