يوم في بيت جين أوستن

200 عام على وفاة الروائية البريطانية

منزل جين أوستن في تشاوتن تحول لمتحف
منزل جين أوستن في تشاوتن تحول لمتحف
TT

يوم في بيت جين أوستن

منزل جين أوستن في تشاوتن تحول لمتحف
منزل جين أوستن في تشاوتن تحول لمتحف

«إنها حقيقة معترف بها عالميا، أن أي رجل يمتلك ثروة كبيرة لا بد أن يحتاج لزوجة»، هو أول سطر من رواية «الكبرياء والتحامل» للكاتبة البريطانية جين أوستن وهو من أشهر العبارات في الأدب العالمي. في عالم جين أوستن هناك قصص الحب الخالدة وقصص الأمهات والبنات والعائلات المتوسطة وقصص البحث عن أزواج أثرياء والكثير عن تقاليد المجتمع في القرن التاسع عشر. ربما هي من أكثر الروائيات العالميات التي تناولت الشاشتان الصغيرة والكبيرة أعمالهن مئات المرات ولا تزال شخصياتها تعيش عبر استنساخها في صيغ معاصرة، ولا أقرب من فيلم «مذكرات بريدجت جونز» الذي تناول «الكبرياء والتحامل» بشكل معاصر بالإضافة إلى معالجات تلفزيونية لا تنتهي.
في بريطانيا تتحول البيوت والأماكن التي عاش فيها كبار الكتاب والفنانين إلى مزارات تحمل اللوحة الزرقاء الشهيرة التي توضع على واجهاتها تحدد اسم الشخصية التي قطنت في المنزل والسنوات التي قضتها هناك، وفي بعض الأحيان تكتسب البلدة كلها مكانة خاصة مثل «سترادفورد آبون آفون» التي ارتبطت باسم ويليام شكسبير.
وفي عالم جين أوستن تعددت المدن والقرى التي ارتبطت بالكاتبة وبعائلتها، وكل مكان منها يحظى بتدفق الزوار الذين عاشوا في عالمها الروائي الخصب.
هذا العام تحتفل بريطانيا بمرور 200 عاما على وفاة أوستن واستعد مكتبا السياحة «فيزيت بريتان» و«فيزيت هامبشير» مع جهات أخرى لعام كامل من الفعاليات التي تليق باسم الروائية. ولا بد بالطبع إذا أردت أن تعرف بعض المعلومات عن أوستن وعالمها أن تزور بعض الأماكن التي عاشت بها وارتبطت بحياتها ورواياتها، سواء في مقاطعة هامبشير أو مقاطعة كنت أو مدينة باث.
* الطريق إلى القرية
فيلم «وأصبحت جين» الذي قامت ببطولته النجمة آن هاثاواي، قدم لمحة من حياة أوستن وليس بطلاتها، وقدم الفيلم لقطات من حياتها ببيتها في قرية تشاوتن بهامبشير حيث عاشت لسنوات طويلة مع والدتها وأختها. ولكن لا بديل عن الزيارة الحية لقرية تشاوتن التي ارتبطت باسم الكاتبة وتتبع أنفاسها وحركاتها في منزلها الصغير وبين الحدائق الخضراء الممتدة حوله.
الطريق لشاوتن متعة في حد ذاته، نمر عبر مساحات شاسعة من الحقول الخضراء والطرقات الضيقة، وتدريجيا ندخل في جو روائي من الدرجة الأولى، فمع ابتعاد معالم المدن المعاصرة والصاخبة ومع بدايات الريف الإنجليزي الشهير لا بد لخيالنا أن يفتح صفحات الروايات الخالدة التي أبدعتها أوستن، فهي من وصفت البيوت الريفية والمنازل الفارهة، بطلاتها مشين وجرين في الحدائق الخضراء، يكاد المسافر هنا يتخيل العربات التي تجرها الأحصنة والرجال مرتدي السترات ذات الذيل والبنطلونات الضيقة والنساء بفساتينهن الطويلة المنفوشة والقبعات المزينة على رؤوسهن.
ولكن لننتظر حتى نصل لقرية تشاوتن، القرية صغيرة جدا ومع ذلك يقصدها الآلاف ومن المؤكد أن يزيد العدد هذا العام بمناسبة الاحتفالات.
مقصدنا الأول في تشاوتن هو الكوخ الذي عاشت فيه سنوات طويلة وفيه حجرة نومها وطاولة الكتابة الصغيرة التي شهدت كتابة أجمل الروايات العالمية.
بداية ندلف للبيت عبر محل التذكارات الصغير والذي يضم مجموعة من الطبعات النادرة لروايات أوستن وبعض المقتنيات التي تحمل شعار المتحف. منها نجد أنفسنا في حجرة بسيطة، في أحد جوانبها بيانو صغير وفي الجانب الآخر مقعد طويل (شيزلونغ) عليه باقة صغيرة من زهور اللافندر. هنا كانت تجتمع العائلة بعد وجبة العشاء، حيث كانت الأم وابنتاها جين وكاسندرا يجتمعن للقراءة أو التطريز أو الحديث عن أحداث اليوم. على أحد الجدران في الحجرة وتحت لوح زجاجي حافظ نطل على قطعة من ورق الحائط الأصلي الذي زين الحجرة في عصر جين، وعثر عليها بالصدفة. الحياة في زمن جين أوستن كانت بطيئة الوتيرة، بسيطة وهو ما يعكسه الكوخ المتواضع بمقاييس ذلك الزمن، وإن كان يبدو لنا الآن منزل جميل تحيطه حدائق غناء.
وبالعودة مرة أخرى للقرن التاسع عشر وعالم الكاتبة التي غادرت الدنيا في سن صغيرة (41 عاما)، ندلف إلى غرفة صغيرة جدا، تعتبر المدخل بمعايير عصرنا هذا ولكن بمعايير عصرها، كانت حجرة تجلس فيها العائلة في النهار وتطل على الشارع حيث تمر العربات التي تجرها الأحصنة. في الطابق الثاني حجرة نوم جين وكاسندرا، هي صغيرة جدا بكل المقاييس والسرير المتواضع أيضا صغير ورغم ذلك كان يتسع للأختين الصديقتين. في جانب من الحجرة خزانة بسيطة تعرض فيها بعض القطع التي ارتبطت بها أوستن، مثل قطع الحلي البسيطة، وعلبة للخياطة. التطريز والخياطة جانب مهم من حياة النساء في ذلك الزمن، فهو ضرورة وترفيه وتمضية للوقت، في الغرفة مفرش صغير طرزته أنامل جين وطرزت اسمها في أسفله مع التاريخ. في الحجرة المجاورة والتي شغلها الأخوان تشارلز وفرنك اللذان خدما في البحرية، نجد مثالا آخر لمهارة نساء العائلة وهو لحاف (باتشوورك) منسوج من قصاصات الأقمشة الزائدة. وفي إحدى رسائلها لشقيقتها كاساندرا التي كانت تزور شقيقهما إدوارد في مقاطعة كنت، كتبت جين في 31 مايو (أيار) 1811 «هل تذكرتِ أن تجمعي قطعا من الأقمشة من أجل الـ(باتشوورك)؟ فالعمل متوقف تماما».
في إحدى الحجرات وفي خزانة خاصة نجد معروضا شالا عاجي اللون كان ملكا لجين، كما توجد بعض القطع الأخرى التي ترتبط بتاريخ العائلة.
المتحف يضم مجموعة كبيرة من القطع الأصلية التي عاصرت الكاتبة في حياتها اليومية، ولكنها قطع محدودة، تقول إحدى العاملات في المتحف إن «هناك قطعا كثيرة موجودة في مخازن المتحف ونخرج بعضها للعرض من آن لآخر». وهو ما قد يلاحظه الزائر إذ أن المفروشات والقطع المعروضة تختلف من زيارة لأخرى.
في الدور الأرضي نرى المطبخ الذي كانت الخادمة تعد فيه الطعام، تم ترتيبه وتنظيم بعض المفروشات البسيطة فهنا طاولة خشبية وفرن بسيط وبعض الآنية المنزلية، لا نعرف تحديدا إن كانت القطع أصلية أم شبيهة لها تم انتقاؤها لإضفاء لمحة واقعية على المكان ولكنها في كل الحالات تؤدي الغرض منها وتعكس لنا ملمحا من حياة بعيدة عاشتها الكاتبة الشهيرة. وفي حجرة صغيرة ملحقة بالمطبخ وهي ما يطلق عليه «حجرة الخبيز» نجد فرنا حجريا لا بد أنه كان موجودا منذ ذلك الوقت.
ويجب القول بأن المنزل البسيط والجميل أيضا يحمل روح الكاتبة ونكاد نحس بأنفاسها فيه، وربما يكون الانطباع وليدا من تفاصيل رواياتها التي كانت في أغلبها تدور حول الحياة العائلية، وأيضا لا ننسى كم الأعمال الدرامية التي أنتجت وصورت بدقة شديدة كل تفاصيل الحياة في عصر جين أوستن، هي التفاصيل ذاتها نحس بها ونراها، يأخذنا الخيال لساكنة المنزل وعائلتها نتخيلها وهي تجلس في الحجرة الصغيرة وتطل من النافذة على الطريق الضيق خارجه، يسجل بصرها وحواسها كل شاردة وواردة. نمشي في الحديقة الخضراء المتسعة ونجلس على المقاعد الخشبية المتناثرة وكأننا في أحد مشاهد قصصها، ونكاد نتوقع ظهور بطلاتها الشهيرات يمشين في الحديقة أو يلتقطن الزهور لوضعها في مزهريات، وقد يجمح بنا الخيال ونتخيل جين أوستن وهي تتكئ على طاولتها الصغيرة جدا وتمسك بريشة كتابة تخط بها بخط منمق جميل، نرى أكثر من مثال له عبر الخطابات التي ما تزال محفوظة وبعضها يعرض في المتحف.
* منزل الأخ الثري
خارج كوخ عائلة أوستن وعبر طريق بسيط يمر عبر المزارع الخضراء نصل لمنزل آخر ارتبطت به جين أوستن وهو منزل أخيها إدوارد. والمعروف أن إدوارد نايت (أوستن) قد تبناه أقرباء أثرياء للعائلة وورث عنهم منازل وأملاكا متناثرة في هامبشير وكنت. بعد وفاة الوالد وجدت الأم وبناتها أنفسهن مضطرات للعيش في الكوخ الصغير الذي زرناه قبل قليل، وهو من أملاك إدوارد ومنحه لوالدته وشقيقاته ليقمن فيه. تشير المرشدة هنا إلى أن الفارق بين المنزل الفاره الذي يقيم فيه إدوارد والحدائق الملحقة وبين الكوخ المتواضع وتقول: «بالتأكيد كانت الكاتبة ووالدتها وأختها يشعرن بالفقر مقارنة بالثراء الذي عاش فيه إدوارد. كان يدعوهن لتناول العشاء في منزله كلما زار القرية وبالتالي فالطريق الذي مشينا فيه، هو ذاته الذي شهد خطوات جين ووالدتها وأختها.
لا نملك هنا إلا أن نتذكر الروايات الشهيرة والتي تصور فيها الكاتبة تلك العلاقات العائلية والفرق بين الأبناء الذين يرثون كل شيء بينما تحرم الإناث في العائلة من أي ميراث، وذلك طبقا لقانون كان ساريا في ذلك الزمن. بطلات رواية (العقل والعاطفة) أيضا حرمن من ميراث والدهن واضطررن للخروج من منزل العائلة الذي آل للأخ الوحيد، ووجدت نساء العائلة بيتا متواضعا بعيدا عشن فيه بمستوى أقل بكثير جدا مما اعتدن عليه».
زيارة تشاوتن هي رحلة في عالم روائي وواقعي بطلته ومؤلفته كانت جين أوستن التي لم تترك خلفها سوى ست روايات لم تحمل اسمها، وبعضها نشر بعد وفاتها.
* فعاليات «جين أوستن 200»
قائمة الفعاليات التي ستشهدها بريطانيا عامة وتشاوتن تحديدا، طويلة جدا وتختلف ما بين حفلات راقصة على طريقة القرن التاسع عشر وورش لتعليم الرقصات التي كانت شائعة وقتها ومعارض متنوعة تحاول محاكاة الواقع الذي عاشته الكاتبة، منها:
- جولة على الأقدام في تشاوتن مع الخبيرة التاريخية جين هيرست تأخذ الزوار على خطى أوستن في قريتها.
- جولة بين الحدائق في القرية تنتهي بحفل شاي على الطريقة الإنجليزية.
- دروس لتعليم التطريز.
- متحف جين أوستن بالليل، جولة ليلية في المتحف تأخذ الزوار لجانب مختلف من حياة الكاتبة.
- معرض لكتب اقتنتها جين أوستن وتعرض في مكتبة مدينة التون بهامبشير.
- معرض «مس أوستن الغامضة» في المكتبة العامة ببلدة وينشستر حيث عاشت الكاتبة أيامها الأخيرة. المعرض يضم رداء مطرزا للكاتبة وحقيبة يد صغيرة وعددا من الكتب الخاصة بها إضافة إلى خمسة بورتريهات للكاتبة. بعض تلك الرسومات معترف به من الوثائق التاريخية والبعض الآخر ما زال يثير الجدل إن كان صحيحا أم لا. المعرض أيضا يضم أوراقا خطت عليها أوستن جزءا من روايتها الأخيرة «الإقناع».
- وجبة في التون هاوس هوتيل على طريقة حفلات القرن التاسع عشر يرتدي فيها الزوار الملابس التاريخية ويأكلون بعضا من الأطباق التاريخية الشهيرة.
- معرض «41 قطعة» يعرض 41 قطعة من مقتنيات أوستن أو من القطع التي ارتبطت بها في متحف جين أوستن. الرقم 41 يشير لعمر جين عند وفاتها، وعبر المتحف نجد بعض تلك القطع وإن كانت تتبدل بطريقة مستمرة.
- زيارة للكنيسة التي دفنت فيها جين أوستن في وينشستر حيث يوجد معرض صغير يدور حول الأيام الأخيرة في حياتها مأخوذ من كتابات أختها كاسندرا وغيرها. في الكنيسة أيضا نصب تذكاري لها مصنوع من الزجاج الملون يحمل اسمها وبعض الأسطر حول حياتها ويشير أيضا إلى أنها كانت كاتبة روايات وهو الأمر الذي لا نجده على شاهد قبرها المجاور للنصب.
للمزيد من المعلومات:
www.janeausten200.co.uk



طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.