عمليات نهب في غرب الموصل

نازحون يسرقون أجهزة وأثاثا من منازل مهجورة

عمليات نهب في غرب الموصل
TT

عمليات نهب في غرب الموصل

عمليات نهب في غرب الموصل

على الطريق الواسعة في حي الرفاعي بغرب الموصل، يسير الرجال والنساء والأطفال حاملين حقائبهم، ويجرون في الوقت نفسه عربات مليئة بالأغراض، لكنها ليست كلها أغراضهم الخاصة، بل هي أغراض سحبوها من منازل أشخاص آخرين.
ودفعت العملية العسكرية لاستعادة الموصل من تنظيم داعش بمئات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من منازلهم، وبعضهم لم يتمكن من حمل أغراضه معه. ويقول أحد شابين يحملان مروحة سقف وحقيبة ملابس «كانت هذه الأغراض لـ(داعش). ألا ينبغي أن نأخذها انتقاما منهم؟». ويضيف «لقد نهبوا بيتي، لا نملك شيئا». ورد عليه جندي في المكان «تريد الانتقام؟ إذا كنت شجاعا، احمل بندقية، ها هي الجبهة هناك»، مشيرا بإصبعه إلى مصدر أصوات الرصاص والقذائف. ويضيف الجندي «أنت سرقت بيوت أشخاص آخرين»، آمرا الشابين بـ«إعادة الأغراض إلى أماكنها».
لكن الشاب يقول: «إنها لـ(داعش)، أقسم بالله! (....) أخذنا ملابس فقط، لم يعد لدينا ملابس». ورد الجندي بإصرار «ألا تخجلان؟ ألستما مسلمين؟ اذهبا! أعيدا الأغراض إلى مكانها».
لا عنف ولا توتر بين أهالي المنطقة التي استعادتها القوات العراقية قبل أيام عدة. يدخل عدد من الأشخاص ويخرجون بسلام، يأتون أحيانا بأيد فارغة ويغادرون بحقائب مليئة بالأغراض أو عربات تحمل ثلاجة أو أريكة.
ويقول رجل يركب دراجة هوائية لرجل شرطة «كل هؤلاء الأشخاص ليسوا من هنا». ومع اشتداد المعارك على بعد أمتار قليلة من المكان، تحاول القوات الأمنية ضبط حركة الداخلين والخارجين قدر المستطاع.
لكن، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، من الصعب التحقق بشكل منهجي ما إذا كانت الأغراض التي يحملها الناس ملكا لهم. ففي بعض الحالات، يحمل أشخاص أغراضا من الواضح أنها ليست على رأس قائمة الأساسيات لشخص هارب من الحرب: مروحة، أريكة، لفافات ثقيلة من القماش... وطاولة بعجلات.
وتعيد قوات الأمن بعض هؤلاء أدراجهم، لكن البعض الآخر ينجح في الخروج بما حمل. ويبرر معظم هؤلاء أفعالهم بالقول إنهم يأخذون الأغراض التي كانت تعود لتنظيم داعش الذي صادر ممتلكاتهم من منازل وسيارات خلال حكمه الذي دام نحو ثلاث سنوات في المدينة. ويقول الشرطي عباس علي: «هذه كذبة. لا يمكنهم الدخول إلى مباني تنظيم داعش». ويضيف «يأتون من أحياء أخرى للسرقة من المنازل».
ويشير آخرون بصراحة إلى أن منازلهم نهبت، وأنهم يأتون بحثا عن أغراض وأثاث لإعادة تأهيلها. ويوضح علي أنهم «يقولون إنهم لا يملكون شيئا، لكن ذلك لا يبرر سرقة ممتلكات الآخرين. هذه منازل نازحين». ويتابع: «يتم إيقافهم ويُطلب منهم إعادة الممتلكات إلى حيث عثروا عليها. ما الذي يمكن القيام به أكثر من ذلك؟».
ويمر فتى يجر صندوقا مغطى بستارة، فيرفع الشرطي الغطاء ليجد كابلات معدنية. يواجه علي الفتى بالقول: «أليست هذه كابلات كهربائية؟ عندما يعود الناس ألا يريدون الكهرباء؟». يرد الصبي بنبرة الخائف «لقد وجدتها مقطوعة أصلا. من الله». يأمره علي بأن يعيد الأغراض إلى مكانها، قائلا: «هذه مدينتك التي تنهبها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».