جندي إسرائيلي في عام 1967 يناهض الاستيطان اليوم

دانيل بار- تال بروفسور إسرائيلي مناهض للاستيطان والاحتلال
دانيل بار- تال بروفسور إسرائيلي مناهض للاستيطان والاحتلال
TT

جندي إسرائيلي في عام 1967 يناهض الاستيطان اليوم

دانيل بار- تال بروفسور إسرائيلي مناهض للاستيطان والاحتلال
دانيل بار- تال بروفسور إسرائيلي مناهض للاستيطان والاحتلال

دانيل بار - تال كان ضابطا شابا في إحدى كتائب المدرعات الإسرائيلية عندما اشتعلت التوترات على نحو سريع مع مصر في عام 1967، قبل أن يؤسس لاحقاً منظمة مناهضة للاحتلال ولسياسات الاستيطان الإسرائيلية.
يتذكر البروفسور في علم النفس بار – تال، الذي يبلغ اليوم من العمر 71 عاماً، الحرب. يقول إنه في نهاية مايو (أيار) من عام 1967 «كانت هناك تعبئة ضخمة لجنود الاحتياط وكان من الواضح أنه لا مفر من الحرب».
في ذلك الحين اندلع النزاع المسلح الثالث بين إسرائيل والدول العربية في 5 يونيو (حزيران) من عام 1967 بعدما أغلقت مصر طرقا بحرية إسرائيلية، ونقلت قوات إلى شبه جزيرة سيناء. دمرت إسرائيل يومها خلال فترة وجيزة أجزاء كبيرة من السلاح الجوي لمصر والأردن وسوريا. وخلال هذه العاصفة شاهد العالم في ذهول كيف احتلت القوات البرية الإسرائيلية الضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والقدس الشرقية وهضبة الجولان. ونحو ربع مليون هجروا من المناطق الفلسطينية، وبلغت حصيلة القتلى العرب أكثر من 15 ألف شخص، مقابل نحو 700 قتيل من الإسرائيليين.
انتهت الحرب في العاشر من الشهر نفسه، لكن آثارها لا تزال ملموسة حتى يومنا هذا. جزء كبير من المناطق الفلسطينية يقع تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ 50 عاما. وحركة الفلسطينيين في الضفة الغربية مقيدة بالجدار العازل ونقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية. وقطاع غزة الذي تسيطر عليه «حماس» محاصر منذ عشرة أعوام، فيما المفاوضات الرامية إلى حل سلمي تبوء بالفشل باستمرار بسبب التعنت الإسرائيلي وسياسات الاستيطان والاحتلال.
شارك بار - تال عبر كتيبته في المعارك التي جرت على أرض شبه جزيرة سيناء.يقول إن «الفوز فاق كل التوقعات، ما كان لأحد أن يتخيل أن إسرائيل ستتمكن من احتلال كل هذه الأراضي في غضون ستة أيام، في ذلك الحين كان يسود شعور بأننا منعنا وقوع كارثة كبيرة وحققنا نصرا كبيرا».
هذا النصر كان لحظة ميلاد حركة الاستيطان الإسرائيلية التي يزداد تأثيرها على مصائر إسرائيل حتى اليوم. المستوطنة الأولى كفر إتزيون تأسست في عام 1967 في الضفة الغربية على بعد نحو عشرة كيلومترات من بيت لحم. وأقيمت على أنقاض تجمع سكني يهودي دُمر خلال حرب عام 1948 على يد الجيش الأردني.
ويعتبر الكثير من الإسرائيليين الاستيطان في الضفة الغربية، التي يطلق عليها الإسرائيليون اسم يهودا والسامرة، عودة إلى أرض الميعاد وبداية لحلم «إسرائيل الكبرى»، بينما يحذر آخرون من أن تصبح تلك المستوطنات نذير شؤم على إسرائيل ويحثون على إبرام السلام سريعا مع الدول العربية وإعادة الأراضي المحتلة في المقابل.
يقول بار - تال إن مجموعة صغيرة من المثقفين حذرت في ذلك الحين من «كارثة» على إسرائيل، ولم تمر فترة طويلة بعد الحرب حتى نما الشك أيضا بداخل بار - تال، مما دفعه بعد ذلك إلى تأسيس منظمة مناهضة للاحتلال.
الخسائر الفادحة التي تكبدتها إسرائيل في حرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1973 أثبطت نشوة نصرها في عام 1967، وخلال محادثات السلام مع مصر في عام 1978، التي انتهت بإعادة شبه جزيرة سيناء، تأسست المنظمة الإسرائيلية (السلام الآن) التي تتبنى مبدأ «الأرض مقابل السلام» مع الفلسطينيين والدول العربية المجاورة.
يقول بار - تال إن قطاعا عريضا من الرأي العام لم يبدأ في استيعاب الاحتلال على أنه مشكلة إلا عقب انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987. أضاف: «كان ذلك نقطة تحول، بل يمكن وصفه بزلزال سياسي».
وعقب اتصالات سرية طويلة اتفقت إسرائيل والسلطة الفلسطينية في عام 1993 على اتفاقية سلام تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفي عام 2005 انسحبت إسرائيل من قطاع غزة. لكن المساعي الرامية إلى تسوية سليمة للنزاع لم تؤت بثمارها حتى الآن، بل على العكس، فيما الأوضاع تبدو أكثر صعوبة من أي وقت مضى وعدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية والقدس الشرقية ارتفع إلى نحو 600 ألف مستوطن، وسط تراجع في عدد من يعتقدون من الطرفين بأنه لا يزال من الممكن تحقيق فصل سلمي بين إسرائيل والفلسطينيين.
وتعتبر القدس من أكثر القضايا الشائكة في هذا النزاع، خصوصاً أنه في عام 1967 احتفى الإسرائيليون باحتلالهم للقدس الشرقية كمعجزة، وصارت صورة لجنود مظلات إسرائيليين على حائط البراق (المبكى) رمزا للنصر. وبعد 50 عاما على الحرب تحتفل إسرائيل بـ«توحيد» القدس التي تزعم أنها عاصمتها الأبدية، وهو ما لم يتم الاعتراف به دوليا مطلقا.
لكن ما تراه إسرائيل سببا للاحتفال يثير الحزن والغضب لدى الفلسطينيين. وتقول الفلسطينية المسيحية نورا كورت متسائلة: «كيف يمكن الشعور بالوحدة إذا كان يتم النظر إلينا كغرباء وليس كمواطنين؟». وكورت (54 عاما) التي تدير في القدس الشرقية متحفا داخل مبنى تابع للكنيسة اليونانية – الأرثوذكسية، تشكو من عدم تمتع الفلسطينيين بنفس الحقوق التي يتمتع بها اليهود في القدس. ومثل معظم الفلسطينيين في القدس الشرقية حصلت كورت على حق في الإقامة لكن من دون حمل الجنسية الإسرائيلية.
الفوارق بين الأحياء اليهودية والعربية في القدس شديدة البروز: في القدس الشرقية تزداد القمامة في الشوارع وتقل المساحات الترفيهية ويتسم نظام النقل بالحافلات بالرداءة. يقول الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بمناسبة الاحتفال بمرور 50 عاما على الحرب: «بين غرب مدينة وشرقها لا تزال هناك فجوة واسعة بين فروق لا تحتمل في معدلات الفقر والبنية التحتية نتاج إهمال طويل».
تتمنى كورت أن تعامل الحكومة الإسرائيلية الفلسطينيين بمساواة مع الإسرائيليين، وتقول: «سيغير ذلك كل شيء»، لكن بار - تال يرى أن المجال لإحداث تغييرات لا يزال ضيقا، حيث يقول: «لدينا جيلان نشآ الاثنان في واقع يخلو من خط حدودي»، محذراً من عواقب الاستيطان، ويقول: «الاحتلال لا يضر فقط الفلسطينيين بطريقة وحشية، بل يضر أيضا بالمجتمع الإسرائيلي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.