مصادر ليبية: طرابلس تخطط لبناء ساتر ترابي على الحدود مع مصر

اتفاق بإخلاء معسكر كتيبة مسلحة بعد مصرع وإصابة العشرات في مظاهرات ببنغازي.. والحكومة تعلن الحداد العام ثلاثة أيام

مصادر ليبية: طرابلس تخطط لبناء ساتر ترابي على الحدود مع مصر
TT

مصادر ليبية: طرابلس تخطط لبناء ساتر ترابي على الحدود مع مصر

مصادر ليبية: طرابلس تخطط لبناء ساتر ترابي على الحدود مع مصر

قتل أربعة ليبيين وجرح عشرون آخرون فجر أمس، خلال مظاهرة تطالب بدعم الجيش والشرطة وحل الميليشيات المسلحة في محيط معسكر «كتيبة شهداء 17 فبراير» في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، فيما أعلنت الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني الحداد ثلاثة أيام على أرواح أربعة من رجال الشرطة القضائية التابعة لوزارة العدل قتلوا خلال مواجهات دامية مع من وصفتهم بعصابات إجرامية أثناء تأديتهم لعملهم.
ونص قرار الحكومة على تنكيس الأعلام فوق جميع الدوائر الحكومية ومباني الدولة وإلغاء جميع المظاهر الاحتفالية الرسمية أيام الحداد. وأعلن جهاز الشرطة القضائية تعليق العمل اعتبارا من اليوم (الأحد) حتى تتم الاستجابة لطلبات أعضاء الجهاز الذين حثوا السلطات الليبية على إجراء تحقيق جدي في الحادث الذي استهدف خمسة أفراد من زملائهم في العاصمة الليبية طرابلس، يوم الخميس الماضي، وتقديم الجناة للعدالة.
في غضون ذلك، توقفت الاشتباكات في محيط «كتيبة شهداء 17 فبراير»، حيث ساد الهدوء الحذر أرجاء مدينة بنغازي، في ظل الاحتقان الشديد الذي تشهده المدينة. بينما أعلن وزير العدل الليبي صلاح المرغني عن اتفاق يقضى بإخلاء معسكر الكتيبة من المجموعات المسلحة الموجودة فيه في مدة أقصاها 72 ساعة. وأكد المرغني، في مؤتمر صحافي عقده بطرابلس بعد ساعات من مواجهات دامية شهدتها المدينة في ساعة مبكرة من صباح أمس، أن كل الأطراف بالمدينة اتفقت على إخلاء معسكر «17 فبراير» وتسليمه إلى الغرفة الأمنية المشتركة ببنغازي في مدة أقصاها ثلاثة أيام على أن يتم تسليمه بعد ذلك إلى الجهات المدنية للاستفادة منه.
وتلا المرغني نص القرار الذي قال إنه «جاء حقنا لدماء الليبيين وتنفيذا لمطالب أهل بنغازي الذين قالوا لا، وتفعيلا لدور الجيش والشرطة». ولفت إلى أن حكومته أجرت اتصالاتها مع قادة غرفة ثوار ليبيا وبعض قادة «17 فبراير» من أجل إخلاء المعسكر بشكل سلسل وسليم، مؤكدا أن حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي الذي يكفله الدستور لا يستطيع احد أن يمنعه بقوة السلاح بأي شكل من الأشكال.
وأعلن مصدر مسؤول بمركز بنغازي الطبي عن وفاة ثلاثة مواطنين بعد فترة وجيزة من وصولهم للمركز، كانوا قد أصيبوا في اشتباكات مسلحة في محيط معسكر الكتيبة. كما استقبل مستشفى الجلاء للجراحة والحوادث أربعة جرحى أصيبوا في عملية إطلاق رصاص بأسلحة خفيفة ومتوسطة إثر المظاهرة التي شهدتها بنغازي للمطالبة بحل وتفكيك كتائب مسلحة تحتل مقار ومعسكرات بالمدينة. وقال مصدر أمني إن «مواطنين غاضبين يحمل بعضهم السلاح توجهوا مساء أول من أمس للتظاهر في محيط كتيبة شهداء 17 فبراير المحسوبة على الإسلاميين، للمطالبة بتفعيل الجيش والشرطة وتفعيل قرار المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بحل الميليشيات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة». وأضاف المصدر أن «هذه المظاهرة توجهت إلى المدخل الغربي لمدينة بنغازي، حيث مقر المعسكر، بعد أن أقدم مسلحون مجهولون على إطلاق الرصاص في الهواء لتفريق مظاهرة سلمية أقيمت أمام فندق (تيبستي) وسط المدينة للسبب نفسه».
وقالت مصادر أمنية متطابقة إن «مجهولا ألقى عبوة ناسفة على بوابة القوارشة الواقعة في المدخل الغربي لمدينة بنغازي والتي تتمركز فيها جماعة أنصار الشريعة»، فيما «أطلق مسلحون مجهولون قذائف (آر بي جي) على مقر البحث الجنائي بجانب مديرية أمن بنغازي خلفت أضرارا مادية في المبنى».
وكان إسماعيل الصلابي، القيادي في كتيبة شهداء 17 فبراير، قد أعلن أن منزله في منطقة الحدائق في بنغازي تعرض لمحاولة تفجير بحقيبة مليئة بكمية ضخمة من المتفجرات، ونشر صورا لذلك. وقال الصلابي عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «ليعلم أهلنا وأصدقاؤنا وليسمعها خصومنا.. يشهد الله أننا ما قتلنا ولا غدرنا.. ولم نخن أحدا». وأضاف «هذه نتائج الضجيج والهجمة الإعلامية الشرسة من قبل المغرضين، فحاولوا تفجير البيت لكن الله سلم، وهو خير حافظ ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعندي ثقة بالله فهو النصير والمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل».
وكانت «كتيبة شهداء 17 فبراير»، وهي أولى الكتائب التي تم تشكيلها في الحرب التي أسقطت نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي وتكونت في مجملها من الشباب الإسلامي، قالت إن عناصر تحرياتها رصدت عناصر من النظام السابق يحرضون ضد الكتيبة. وحذرت غرفة عمليات ثوار ليبيا في بيان لها قبل يومين من أن أي «اعتداء على كتائبها خاصة كتيبة شهداء 17 فبراير يعد هجوما على الثورة»، داعية جميع عناصرها إلى الالتحاق بمعسكراتهم.
ومنذ الثورة الليبية التي أطاحت بنظام القذافي في فبراير (شباط) 2011، يشهد شرق ليبيا لا سيما بنغازي العديد من الاعتداءات والاغتيالات التي تستهدف خصوصا عسكريين وشرطيين وقضاة ونشطاء سياسيين وإعلاميين. وخلال شهر مارس (آذار) الماضي، تحدثت الحكومة الانتقالية لأول مرة عن «مجموعات إرهابية» تنشط خصوصا في بنغازي ودرنة معلنة «الحرب على الإرهاب»، لكن لم يتخذ أي إجراء ملموس منذ ذلك الوقت، وما زالت المواجهات مستمرة في بنغازي بين الجيش والمقاتلين الإسلاميين.
وقتل ما لا يقل عن تسعة جنود وشرطيين وأصيب 24 آخرون مطلع الشهر الحالي في اشتباكات بين القوات الخاصة في الجيش ومقاتلين إسلاميين من جماعة أنصار الشريعة بمساندة عدد من عناصر كتيبة شهداء 17 فبراير. ومنذ إعلان تحرير ليبيا من قبضة النظام السابق، تبذل السلطات الليبية جهودا حثيثة لبسط الأمن في مختلف المناطق وكف يد الميليشيات المسلحة التي سيطرت على مجريات الأمور بعد انتهاء الثورة.
إلى ذلك، كشفت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي عن خطط لإقامة ساتر ترابي وخندق على الحدود مع مصر، حيث أعلنت عن قيام لجنة عسكرية مؤخرا بتفقد ودراسة حقول الألغام المفتوحة من حيث الموقع والمساحات وأنواع الألغام المزروعة بها في المناطق القريبة من الحدود المصرية الليبية المشتركة. وقالت مصادر ليبية إن اللجنة قامت بمتابعة المقترح المتعلق بمسار الخندق والساتر الترابي المزمع إقامته من أمساعد وحتى منطقة الجغبوب جنوبا على الطبيعة، ودراسته من حيث الطول والعرض والعمق والحسابات والدواعي الأمنية والعسكرية، وذلك لتزايد موجات الهجرة غير الشرعية عبر الحدود وعمليات التهريب بكل أنواعها، وما يشكله ذلك على أمن واستقرار البلاد من كل الجوانب الأمنية والاقتصادية والصحية من مخاطر. ولفتت إلى أن هذا الإجراء يأتي بناء على طلب من الأهالي في تلك المناطق بوضع حل لهذه المعضلة الخطيرة، مشيرة إلى أن حقول الألغام المفتوحة أصبحت تشكل خطرا على حياة الأهالي وحيواناتهم في تلك المناطق.
يذكر أن الحدود الغربية لمصر مع ليبيا شهدت انفلاتا أمنيا عقب اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، مما أدى إلى تدفق كميات كبيرة من السلاح إلى داخل البلاد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».