شاشة الناقد

لقطة من «ووندر وومان»
لقطة من «ووندر وومان»
TT

شاشة الناقد

لقطة من «ووندر وومان»
لقطة من «ووندر وومان»

• الفيلم: ‫ Wonder Woman‬
• إخراج: بَتي جنينغز
• النوع: كوميكس- مغامرات خيالية.
• تقييم:
في الأصل فإن شخصية «ووندر وومان»، كما وردت في مجلات الكوميكس سنة 1941 جاءت من الأمازون واستخدمت طاقاتها وقواها الكبيرة لتحقيق السلام ولو باستخدام العنف. هذا هو مبدأ منتشر بين شخصيات الكوميكس المختلفة، لكن ووندر وومان لها طريقتها الخاصّـة. طبعاً هي لا تمت لأي من قبائل الأمازون بأي تشابه: شعرها الأملس المسترسل طويل. قامتها رشيقة وعالية وبشرتها بيضاء و… تتحدث الإنجليزية بطلاقة. والسبب في أنها لا تشبه الأمازونيات السمراوات والقصيرات يعود إلى أنها في الأصل - وببساطة - ليست أمازونية، بل صُنعت من الطمي في قبيلة من النساء ينتمين إلى الآلهة الأنثى زوس التي حاربت، حسب الأسطورة اليونانية، الآلهة الذكر آريس.
لا زلت لا أدري ما جاء بالإغريقيات إلى منطقة الأمازون، لكن للتدليل على عمق الفلسفة اليونانية الممتزجة في ثنايا هذه الأسطورة تضيف الأم أن الأنثى لا تحتاج للرجل لكي تعيش. وهذا، تلقائياً، يفسر السبب الذي من أجله ما أن بلغت ووندر وومان سن الثلاثين أو نحوها حتى توقف نموها من دون أن تمت. هذا حدث قبل 5000 سنة وما زالت في الملابس ذاتها.
الهدف هنا هو تقديم بطلة أنثى تتمتع بروح العنفوان والقدرات القتالية التي لا تُـجارى. لكن لمن يهتم لمثل هذا العنفوان ويبحث عنه يستطيع أن يجده في فيلم ريدلي سكوت «ثلما ولويس» فهذا أكثر تأييداً للمرأة من كل أفلام البطولات الخارقة التي نشاهدها هذه الأيام.
المغزى من وراء الفيلم هو التأكيد على أن المرأة، في هذه الحالة، لا تحتاج إلى الرجل لكي تعيش (ولا للإنجاب لكي تستمر) فهي جنس قائم بحد ذاته وحالة مستقلة لا تنتمي إلى حياتنا نحن كبشر. رغم ذلك، وبعد تقديم الفيلم لتاريخها وانتقالها إلى بريطانيا لكي تبدأ مهامها القتالية من أجل السلام، نراها تمتثل لأوامر رئيس - ذكر (يقوم بالمهمة كريس باين) أقل منها قدرات ما يجعل المشاهد يحك رأسه بحثاً عن إجابة شافية لهذا التناقض.
جزء كبير من الأحداث يقع في رحى الحرب العالمية الأولى. لكن لنلاحظ هذا الفارق بين الشخصية كما وُلدت على الورق سنة 1941 وبين الشخصية كما وُلدت على الشاشة سنة 2017. السنة المذكورة آنفا هي السنة التي قررت فيها الولايات المتحدة الاشتراك في الحرب العالمية الثانية. لكن الفيلم يختار أن يعيد الأحداث إلى الحرب العالمية الأولى. هذا يخلق تنوّعاً لا بأس بقيمته مازجاً الخيال بتاريخ قريب (مقابل تواريخ متباينة وبعيدة في أفلام مشابهة أخرى) لكن هذا يكاد يكون تمهيداً لانتقالها في الأجزاء المقبلة من حرب لأخرى.
في كل الحالات، فإن السلاح الذي تستخدمه (سهام لا تخطئ وأساور تمنع الرصاص من الوصول إلى جسدها لأنها تستطيع أن ترى كل رصاصة تنهمر عليها على حدة) كان فعالاً في تلك الحرب لدرجة أن علينا أن نعيد قراءة الوقائع فلربما لم تكن تماماً على النحو الوارد في كتب التاريخ وأن الجيش الألماني لم يُـهزم بفعل الجيوش الأوروبية الأخرى، بل بسبب ووندر وومان وفريقها النسائي الصغير الذي تصدّى واستبسل وهزم.
في مطلع الفيلم تقول لها والدتها أنها صُـنعت لكي تقود العالم إلى السلام ولأنها جديرة بقيادة هذا العالم. تقول لها أيضاً: «إحذري الرجال إنهم لا يستحقونك»، رسالة من الصعب حتى على ووندر وومان تطبيقها.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.