50 عاما على حرب 67: إسرائيل بحثت في إقامة دولة فلسطينية قبل 50 عاماً وعرقلتها

وثائق حرب 1967 تؤكد استمرار الجدل نفسه حول ما طرح من خيارات بعدها

قوات إسرائيلية تتقدم في عمق صحراء سيناء المصرية في اليوم الثاني لحرب يونيو 1967 (أ.ب)
قوات إسرائيلية تتقدم في عمق صحراء سيناء المصرية في اليوم الثاني لحرب يونيو 1967 (أ.ب)
TT

50 عاما على حرب 67: إسرائيل بحثت في إقامة دولة فلسطينية قبل 50 عاماً وعرقلتها

قوات إسرائيلية تتقدم في عمق صحراء سيناء المصرية في اليوم الثاني لحرب يونيو 1967 (أ.ب)
قوات إسرائيلية تتقدم في عمق صحراء سيناء المصرية في اليوم الثاني لحرب يونيو 1967 (أ.ب)

تؤكد الوثائق التي كُشِف عنها في تل أبيب، بمناسبة مرور 50 عاماً على حرب الأيام الستة، أن إسرائيل درست بعد أيام من انتهاء الحرب، إمكانية إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، كواحدة من احتمالات عدة للتخلص من عبء السيطرة على الفلسطينيين، لكنها لم تفلح في التوصل إلى قرار. بل اتخذت إجراءات وقامت بممارسات تبعد هذا الحل وتعرقل إقامة الدولة الفلسطينية، وتغرقها في وحل الاحتلال.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد حررت مجموعة جديدة من الوثائق التي اعتبرتها طيلة 50 سنة «سرية للغاية»، وهي عبارة عن 1000 صفحة بروتوكول للجلسات التي عقدتها «اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية» في الحكومة، وبلغ عددها 36 جلسة منذ بداية 1967 وحتى نهاية الحرب، في 10 يونيو (حزيران) 1967، وبعض الوثائق التي تدون الأبحاث التي جرت خلال بضعة أشهر أخرى من الحرب. ويبرز في نصوص البروتوكولات كيف انتقل قادة إسرائيل وبشكل حاد، من حالة الخوف الوجودي قبل الحرب إلى نشوة الانتصار بعدها، وكيف اختلفوا حول مستقبل البلاد، ونسوا أن هذه الحرب أسفرت عن مقتل 779 ضابطا وجنديا إسرائيليا.
ويتضح منها أن القيادة الإسرائيلية انشغلت في تلك الأيام، في عدد من الأمور، أهمها: ماذا تفعل في 1.2 مليون فلسطيني وقعوا تحت سيطرتها (الضفة الغربية وقطاع غزة). وقد عبر رئيس الحكومة ليفي اشكول، يومها عن ذلك في جلسة 10 يونيو، بالقول: «يجب بدء التفكير بما سنفعله مع العرب». وهي كلمة تجلجلت أصداؤها حتى اليوم، لأن حكومات إسرائيل عبر 50 سنة لاحقة، لم تعط جواباً.
بداية الحرب
المعروف أن إسرائيل شَنَّت الحرب يوم الخامس من يونيو 1967، بحجة الدفاع عن النفس. ففي حينه، دارت اشتباكات بوتائر عالية بين سوريا وإسرائيل أوقعت خسائر لدى الجانبين. وفي مرحلة معينة، هدد الرئيس المصري جمال عبد الناصر بالحرب تضامناً مع سوريا. ولكي يثبت جدية تهديده، طلب من قوات الأمم المتحدة أن تغادر سيناء، وأغلق مضايق تيران في وجه السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر. ودخل الإسرائيليون في نقاشات حادة حول التصرف المطلوب، وساد خلاف بين تيارين: يمثل أحدهما رئيس الوزراء، ليفي اشكول، ويرى أن الحرب غير ضرورية، ويعتقد أن مصر لم تقصد الحرب عندما أغلقت مضايق تيران، إنما أرادت تهديد إسرائيل ومن الممكن التفاهم معها عبر طرف ثالث. وتيار الجنرالات بالمقابل، الذي اعتبرها فرصة لتوجيه ضربة قاصمة للجيوش العربية.
وقد عبر الجنرال أرييل شارون يومها عن موقف الجنرالات، وكان يومها قائداً لكتيبة المدرعات في جيش الاحتياط، لكي يقنع الحكومة بإعلان الحرب. فقال: «قوات الجيش مستعدة بشكل غير مسبوق، وتستطيع تدمير وصد الهجوم المصري. هدفنا لا يقل عن التدمير الشامل للقوات المصرية. بسبب التردد والمماطلة في الوقت فقدنا عامل الردع الأساسي الذي امتلكناه، وكان هذا هو ما يخيف الدول العربية منا». وواصل شارون: «فهمت من أسئلة الوزراء أنه يسود الخوف من عدد الخسائر. أولاً، يمكن إبادة الجيش المصري ومواجهة الأردنيين والسوريين. يوجد مبرر أخلاقي للقيادة التي تقرر الخروج إلى حملة ترتبط بعدد أكبر من الخسائر. منذ حرب 1948 لم نواجه مثل هذا الوضع الخطير، ولذلك فإن هذه الحملة تنطوي على عدد أكبر من الخسائر، ويجب أن نخوضها، لأنه لا مفر من ذلك (...) الجيش مستعد أكثر من أي وقت للحرب. من غيرنا يمكنه أن يأتي إليكم ويقول لكم إن الجيش مستعد للحرب؟ كل محاولة للتأثير على تأجيل موعد الهجوم، على أمل أن نتلقى 100 دبابة أخرى، ستكون بمثابة خطأ من الدرجة الأولى».
وحسم الموقف بإعلان الحرب على مصر.
وفي صبيجة يوم الاثنين، الخامس من يونيو، فاجأ الطيران الإسرائيلي مصر بهجوم دمر فيه وخلال بضع ساعات، أسطول طائراتها المقاتلة، وهي جاثمة على أرض المطارات الحربية. وقد لوحظ أن إسرائيل كانت أول من أعلن عن الحرب وادعت كذباً أن مصر هي التي هاجمتها. ففي تمام الساعة 7:24، أصدر الناطق العسكري الإسرائيلي في تل أبيب، أن المصريين هاجموا إسرائيل باستخدام دبابات وطائرات في جنوب البلاد. ثم صدر بيان رسمي إسرائيلي يؤكد أن معارك عنيفة بدأت، وأن القوات الإسرائيلية تقوم بهجوم مضاد. دوت صفارات الإنذار في تل أبيب وفي مدن أخرى. وفقط بعد نحو نصف ساعة، قطعت إذاعة القاهرة برامجها لتعلن أن «القوات الإسرائيلية بدأت هذا الصباح عدوانها ضدنا». وفقط في اليوم الثالث للحرب، شنت إسرائيل هجوماً مماثلاً بالطائرات على سوريا. ثم اجتاحت الضفة الغربية وحاصرت القدس الشرقية.
وبانتهاء اليوم السادس، كانت إسرائيل قد احتلت الضفة الغربية والمدينة القديمة في القدس، وأكثر من 20 قرية عربية على الجانب الشرقي من المدينة، أي ما يعادل 5900 كيلومتر مربع، وعلى الجبهات الأخرى، احتلت مرتفعات الجولان من سوريا، وشبه جزيرة سيناء المصرية، وقطاع غزة الذي كان تحت إدارة مصر.
ما العمل؟
في اليوم الثالث لحرب الأيام الستة، اتضح لإسرائيل حجم انتصارها، لكنه اتضح لها أيضاً أنها تواجه مشكلة في السيطرة على السكان العرب في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبعد انتهاء المعارك في 15 يونيو 1967، عقدت جلسة للمجلس الوزاري تم التكتم على مضمونها واعتُبِرت «بالغة السرية». وتخبط رئيس الحكومة والوزراء خلالها فيما يجب عمله. وتكشف هذه البروتوكولات أن هناك من كان يتمتع بالرؤية البعيدة، فيعتبر نتائج الحرب فرصة لتسوية الصراع بإقامة دولة فلسطينية، بعد نهاية الحرب مباشرة. ولكن هناك من أراد استثمار الانتصار لضم الأراضي الفلسطينية بأسرها إلى سيادة الدولة العبرية. وهناك «حلول وسط» طرحت، مثل «خطة ألون»، على اسم صاحبها الوزير يغئال ألون، الذي اقترح ضم القدس وغور الأردن ورؤوس الجبال المطلة على إسرائيل من الضفة الغربية وإعادة البقية إلى الأردن.
وفي المقابل، وضع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية، مجموعة من سبعة احتمالات لما يمكن أن تفعله إسرائيل بالضفة الغربية وقطاع غزة. وقد أخذ المسؤولون بعين الاعتبار كل شيء، من إقامة دولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح تكون عاصمتها أقرب ما يكون إلى القدس إلى ضم المنطقة بكاملها إلى إسرائيل أو تسليم معظمها للأردن. وشرح المسؤولون ضرورة التحرك بسرعة «لأن الانطباع قد ينشأ في غضون ذلك على المستوى الدولي، بأن إسرائيل تفرض حكماً استعمارياً على تلك الأراضي المحتلة». وكان هناك خيار رابع ورد تحت اسم «الحل التدريجي»، يبقي الوضع القائم في خطة لإقامة دولة فلسطينية في حال التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والدول العربية.
وقد تقرر في النهاية بالإجماع، ضم القدس إلى تخوم إسرائيل، وأعلن رئيس الحكومة ليفي اشكول بأن المناطق «المحررة» ستخضع للحكم العسكري، وستسمى بـ«مناطق مُدارة». وتمحورت الأسئلة التي تم طرحها حول سكان الضفة الغربية والمثلث. ومن بين المقترحات التي طرحت، كان الإعلان عنها كمنطقة حكم ذاتي، إلا أن زعيم حزب حيروت اليميني، مناحيم بيغن، الذي دخل كوزير في حكومة الوحدة القومية، عارض ذلك. وقال رئيس الحكومة ليفي اشكول، حول المقترحات المختلفة: «مهما كان شكل النظام في الضفة، يمنع منح المواطنة الإسرائيلية لسكانها، لن نمنحهم بأي شكل من الأشكال حق التصويت للكنيست. لقد أصابنا الذعر جراء إضافة 1.2 مليون عربي، سيتزايدون ويتكاثرون (عدد سكان إسرائيل في حينه كان 3 ملايين نسمة)». وتم تقديم ثلاثة اقتراحات: منحهم مكانة سكان، وبعد سبع سنوات مناقشة مسألة مواطنتهم، أو فرض حكم عسكري من دون منح مكانة للسكان، وإنما تقديم الخدمات المطلوبة لهم فقط، أو منح مكانة لسكان المثلث، تنبع من الحكم الذاتي وضم بقية السكان إلى إسرائيل.
وأوضح بيغن من جهته: «ارض إسرائيل الغربية لنا كلها. لماذا تخافون من قول ذلك؟ فنحن من تعرض للهجوم. أين رأينا شعباً ينتصر ويسفك دمه ثم يتنازل؟ أي جيوش سيرسلونها ضدنا لخنقنا؟ ما هذا الإسراع لتسليم الملك حسين جزءاً من أرض إسرائيل الغربية؟ يحظر علينا استدعاء الضغط علينا، ويحظر علينا تسليم شبر من أرض إسرائيل لسلطة أجنبية. كل ذكر لاقتراح بإقامة دولة فلسطينية بهذه الطريقة أو تلك سينزل علينا كارثة». وواصل قائلاً: «لن نسلم القدس! سنحتفظ بمدينة الآباء لنا. وكذلك ببيت لحم مع قبر راحيل. يتضح أننا على استعداد لتسليم المثلث. من هذه التلال قصفوا تل أبيب، ويمكن تخريب نتانيا وتقسيم أرض إسرائيل إلى قسمين. من العبث الموافقة على ذلك أو التلميح لذلك. أنا أقترح التفكير بنظام كهذا: لا يمكن لهم جميعاً الحصول على المواطنة. سنمنحهم مكانة سكان. وهكذا تكون لهم كل الحقوق. هناك من سيحصلون على المواطنة بعد سبع سنوات. ماذا سنفعل خلال هذه السنوات السبع؟ يجب عدم الفزع من حقيقة أنه لن تكون لدينا غالبية يهودية. يجب الاهتمام بألا يتحولوا إلى أغلبية، يجب الإكثار من إحضار المهاجرين، إحضار مهاجرين من روسيا، وتشجيع الولادة».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».