كريستوبال بالنسياغا ومائة عام من الإبداع والتأثير

نحات الموضة يعود من خلال ثلاثة معارض عالمية تسلط الضوء على عبقريته

كريستوبال بالنسياغا في معمله عام 1968 - كان يعشق الأحجام الغريبة - من الفساتين المعروضة في متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بلندن - من تصاميم مصمم الدار الحالي ديمنا فازاليا لربيع وصيف 2017
كريستوبال بالنسياغا في معمله عام 1968 - كان يعشق الأحجام الغريبة - من الفساتين المعروضة في متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بلندن - من تصاميم مصمم الدار الحالي ديمنا فازاليا لربيع وصيف 2017
TT

كريستوبال بالنسياغا ومائة عام من الإبداع والتأثير

كريستوبال بالنسياغا في معمله عام 1968 - كان يعشق الأحجام الغريبة - من الفساتين المعروضة في متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بلندن - من تصاميم مصمم الدار الحالي ديمنا فازاليا لربيع وصيف 2017
كريستوبال بالنسياغا في معمله عام 1968 - كان يعشق الأحجام الغريبة - من الفساتين المعروضة في متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بلندن - من تصاميم مصمم الدار الحالي ديمنا فازاليا لربيع وصيف 2017

لم يُخلف وراءه أسلوبا معينا كما هو الحال بالنسبة لكوكو شانيل أو كريستيان ديور، لكنه كان مدرسة ثارت على المتعارف عليه وأثرت بشكل أو بآخر على كثير من معاصريه. كريستوبال بالنسياغا الذي يحتفل به عالم الموضة من خلال ثلاثة معارض في الوقت الحالي، يجسد مفهوم السهل الممتنع رغم الأحجام الهندسية المستقبلية والقصات المنحوتة التي كان يعشقها بغض النظر إن كانت عملية أم لا. ومع ذلك كانت بنية أسلوبه في جوهرها بسيطة حتى في تعقيدات هندسيتها وراقية في فنيتها ما دعا المصمم كريستيان ديور للقول عنه «إنه أستاذ الكل... فالهوت كوتير مثل أوركسترا يقودها بالنسياغا بينما باقي المصممين مجرد موسيقيين يعزفون على نغماته».
حتى كوكو شانيل التي كانت بخيلة في إطراءاتها على مصممي جيلها قالت: إنه الخياط الوحيد الذي يتمتع بكل مواصفات المصمم الماهر، وإن كل الآخرين مجرد مصممي موضة. وبالفعل كان يتفوق على ديور وشانيل من ناحية أنه كان شاملا يعرف أدق التفاصيل، من تصور التصميم ورسمه على الورق إلى قصه وتفصيله ثم حياكته بنفسه، وهو ما لم يكن بمقدور الكل. وحتى الآن يقتدي به الكثير من الشباب من دون أن يشعر أي منهم بأنه ينتهك حرمة الإبداع، لأن هناك إجماعا أن رؤيته سابقة لأوانها. فعندما ألغى الخصر من فستان طرحه في الخمسينات، مثلا، وكان ذلك في عز موضة «ذي نيو لوك» التي كان كريستيان ديور بطلها وكانت تحتفل بشد الخصر لإبراز ضموره، استنكر البعض فعلته على أساس أنها تتعارض مع الأنوثة، لكن بعد عقد واحد تحول هذا التصميم إلى موضة سادت لحقبة كاملة ولا تزال لحد الآن. في الستينات من القرن الماضي، وقبل أن يُغلق داره، ارتقى بأسلوبه إلى مصاف التحف الفنية، وإلى حد الآن يشهد الكل بأن قصاته أسطورية يسهل الإدمان عليها لأنها تحترم المقاييس العادية وتحول العيوب إلى مزايا. ما يُحسب له أنه طوال حياته تعامل مع التصميم كفن وليس كتجارة، لهذا عندما شعر بأنه لا يستطيع مجاراة غزو الأزياء الجاهزة أقفل داره في عام 1968 إلى أن قررت مجموعة «كيرينغ» شراءها وإنعاشها. الآن، في كل موسم تعيد للأذهان قصة مصمم تمسك برؤيته واحترم فنه إلى آخر رمق. صحيح أن عدة مصممين تعاقبوا عليها ويحاولون إثبات أنفسهم، إلا أنهم لا يستطيعون الابتعاد عن الجينات الوراثية لكريستوبال بالنسياغا نظرا لقوتها.
منذ بضعة أشهر قامت الدنيا ولم تقعد عندما طرح مصمم الدار الحالي، ديمنا فازاليا، حقيبة باللون الأزرق تشبه حقيبة تسوق من متاجر «إيكيا». سبب الضجة والاستنكار لا يعود فقط إلى اتهامه باستسهال عملية الإبداع، بل لأن سعر الأولى كان 2000 دولار أميركي بينما سعر الثانية لا يتعدى الدولار وهو ما اعتبره البعض أيضا استهتارا بعقل المستهلك. لحسن حظ المصمم أن طرحه لهذه الحقيبة تزامن مع افتتاح معرض في متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بلندن بعنوان «بالنسياغا: تشكيل الموضة» سيمتد إلى 18 إلى شهر فبراير (شباط) المقبل، يتناول مسيرة المؤسس كريستوبال ويسلط الضوء إلى أنه كان يميل بدوره إلى إحداث الصدمة وخض المتعارف عليه باستعمال خامات غريبة تارة وأحجام هندسية مبتكرة تارة أخرى. المعرض اللندني يركز على صورة كريستوبال كمصمم سابق لعصره وتحديا له في الوقت ذاته. متحف «باليه بورديل» بباريس الذي يحتضن بدوره معرضا بعنوان «بالنسياغا: العمل الفني بالأسود» سيمتد إلى 16 من شهر يوليو (تموز) المقبل يتناول عشقه للون الأسود وكيف صاغ منه فساتين مغزولة بالأحلام. أما متحف بالنسياغا الواقع ببلدية غيتاريا الإسبانية، والذي سيمتد إلى يناير (كانون الثاني) 2018، فتُعرض فيه مجموعة أزياء للوريثة رايتشل لامبارت ميلون التي توفيت في عام 2014 وخلفت إرثا غنيا من تصاميمه التي كانت تُجمعها من باب عُشقها لأسلوبه.
كل هذا يشير إلى أن 2017 هو عام المصمم الإسباني بلا منازع فبعد مائة عام على انطلاقته لا يزال يُعتبر في نظر الكل نحاتا ومهندسا بقدر ما هو مصمم غير عادي.
أمينة المعرض اللندني، كايسي ديفيس سترودر تصفه بأنه «كان حداثيا وتقليديا في الوقت ذاته. تقليدي لأنه كان من المستحيل أن يتقبل النقلة من الهوت كوتير إلى الأزياء الجاهزة، وحداثي لما كان يتمتع به من نظرة سابقة لأوانها فيما يخص تعامله مع الأحجام والأشكال وبحثه الدائم عن مواد جديدة». فرغم أنه كان رساما ماهرا باستطاعته رسم أي تصميم يخطر على باله، فإنه كان يصرح دائما أن البطل بالنسبة له هو القماش ونوعيته من القماش، لأنه «هو الذي يحدد نوع التصميم» حسب تصريح نادر له.
ما يزيد من أهميته في عصرنا أنه يُذكرنا بزمن لم يكن المصمم يجري فيه وراء الربح المادي بأي ثمن بقدر ما كان يريد أن يُثبت أنه فنان. في حالة بالنسياغا لم يكن يسعده أن تقتني زبوناته كل قطعة يعرضها، وكان يفضل في المقابل أن يكون لهن ذوقهن الخاص وأن تتذوقن كل قطعة وكأنها تحفة فنية يجب أن يتم انتقاؤها بدقة.
المعرض اللندني يتتبع مسيرته في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، ويسلط الضوء على أسلوبه المبتكر فيما يخص الأحجام الهندسية والخامات الثورية التي كان يستعملها إضافة إلى قدرة لا تضاهى في التفصيل ورثها عن والدته التي كانت خياطة إلى جانب تدربه على يد خياط وعمره لا يتعدى الـ12 عاما. يسلط الضوء أيضا على أعمال مجموعة من المصممين الذين تأثروا به مثل مولي غودارد والراحل أوسكار دي لارونتا وهيبار جيفنشي وأندريه كوريج وإيمانويل أونغارو، من الذين تدربوا على يده أو عملوا معه قبل أن يستقلوا ويؤسسوا بيوتهم الخاصة، من خلال قسم مخصص لهم. قسم آخر يؤكد أن تأثيره لا يزال قويا حتى بعد وفاته بعقود، من خلال تصاميم لمُبدعين معاصرين من أمثال عز الدين علايا، روكساندا إلنشيك، إلى جانب نيكولا غيسكيير الذي عمل في الدار لنحو 14 عاما قبل انتقاله إلى «لويس فويتون» وخلفه ديمنا فازاليا حيث ترجما روح المؤسس بلغة العصر من دون أن ننسى محاكاة الراحل أوسكار دي لارونتا لأسلوبه في الكثير من التصاميم.

من هو كريستوبال؟

ولد كريستوبال في عام 1895 بسان سيباستيان وعندما اندلعت الحرب الأهلية الإسبانية انتقل إلى باريس. في عاصمة النور والأناقة صنع اسمه كواحد من أهم مصممي القرن العشرين وقدم أول عرض له فيها في عام 1937، ونجح سريعا في التميز عن غيره بهوسه ببناء كل قطعة كما لو كانت قطعة هندسية. كان انطوائيا لا يحب الأضواء، بحيث لم يجر طوال حياته سوى مقابلة صحافية يتيمة في عام 1971 وكانت من نصيب جريدة «ذي تايمز».
ومع ذلك لا يزال يُلهب خيال المصممين الشباب تماما كما ألهب خيال من عاصروه أو تعاملوا معه. عندما تناهى خبر إغلاقه داره في عام 1968 إلى الكونتيسة بيسمارك من أهم زبوناته، يقال إنها لم تخرج من غرفة نومها لمدة ثلاثة أياما من الحزن. وعندما توفي في عام 1972 كتبت مجلة «ويمنز وير دايلي» بالبنط العريض على غلافها «مات الملك». العنوان كان معبرا وكافيا لم تحتج فيه المجلة أن تذكر اسمه لأن كل أوساط الموضة كانت تعرف من هو المقصود باللقب.
ما تذكره أيضا السير الذاتية التي كُتبت عنه أن عروضه كانت بالنسبة لعاشقات الموضة تجربة لا تتكرر سوى مرة في العمر. كانت كما وصفها البعض تشبه لقاء مع بابا الفاتيكان لرهبتها وقوة تأثيرها الذي تقشعر له الأبدان إعجابا. دايان فريلاند، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية وصفت أحد هذه العروض قائلة: «كاد يُغمى على البعض وكان من الممكن أن تتوقف دقات قلب بعضهن الآخر، وأذكر أن النجمة أودري هيبورن التي كانت تجلس بجواري سالتني لماذا لم يكن فمي مفتوحا مثل غيري وأنا أتابع العرض، فأجبتها أني كنت أحاول أن أخفي مشاعري وتمالك أعصابي بكل ما أوتيت من قوة. فقد كان من الضروري أن ألعب دور إعلامية محترفة لا تتأثر أو تتحيز».
وتذكر أخريات أن عروض الأزياء كانت، ولا تزال، بمثابة مناسبة اجتماعية تتعالى فيها الأصوات والتعليقات والضحكات، لكن في عروض كريستوبال كانت هناك فقط همسات ممزوجة برهبة المناسبة والمكان، غالبا صالون مشغله الواقع في 10 من شارع جورج 5 الباريسي الشهير. لم يكن يستجدي ودهن أو يتوسل رضاهن بل العكس تماما كان يبالي فقط بفنه ونظرته للموضة.
كان يتعمد أيضا الاستعانة بعارضات لا يتمتعن بالجمال الكلاسيكي التقليدي الذي كان متعارفا عليه في الخمسينات، وكان في المقابل يختارهن عاديات وناضجات، أحيانا في منتصف العمر مثل زبوناته، اللواتي كان يعرف أنهن لسن صبيات ولا يريدهن أن يتصابين.
كل هذا كان ينعكس على تشكيلاته التي كانت متنوعة تأخذ بعين الاعتبار أن زبونته لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء وبالتالي لم يكن يستثني أي واحدة منهن، ولم يُخف أنه كان يحب أن تتمتع المرأة بكرش بارز بعض الشيء. ولأنه كان يعرف أن المجلات البراقة تميل إلى تصوير عارضات بمقاسات نحيفة، كان يشترط عليها أن تستعمل عارضاته عند تصوير أزيائه. كانت مصورات الموضة يقبلن شرطه على مضض، لكنهن كن يلتقطن صورهن إما من الخلف أو الجانب فقط حتى يموهن على عدم جمالهن. كان في موقف قوي يُخول له فرض شروطه، فالمرأة المقتدرة والمؤثرة على ساحة الموضة كانت تعشق تصاميمه ولا تتصور الموضة من دون قصاته الساحرة، كما أنه لم يكن يهتم بالربح المادي أو يجري وراءه. من هؤلاء الزبونات ستذكر كتب تاريخ الموضة الكونتسة فون بيسمارك التي اشترت في عام 1963 88 قطعة من موسم واحد ثم 140 قطعة أخرى في الموسمين التاليين. كما ستذكر كلوديا هيرد دي أوزبورن التي كانت تحجز جناحا دائما في فندق الريتز بباريس خصصته بالكامل لفساتينها الراقية، وطلبت في وصيتها أن تُدفن بفستان من تصميمه. هذا إلى جانب لائحة طويلة من نجمات هوليوود، من أودري هيبورن إلى أفا غاردنر التي يُعرض لها فستان باللون الوردي في معرض لندن.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.