كشف ممثل عن «المركز الأوروبي لمساعدة طالبي اللجوء»، عن هرب نحو 5 آلاف فلسطيني من قطاع غزة في السنوات الثلاث الأخيرة، عبروا في رحلات قاسية تشبه ما يمر به اللاجئون الأفارقة، واستقروا في العاصمة اليونانية، أثينا، لينضموا إلى عشرات ألوف اللاجئين الفلسطينيين الآتين من سوريا.
وكان ممثل المركز، الذي يزور إسرائيل، وطلب عدم نشر اسمه، يعلق على ما نشر في إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية في الأيام الأخيرة، ويتضح منه أن موجة الهرب من قطاع غزة، التي ازدهرت خلال فترة الحرب الأخيرة سنة 2014، وخبت بعد ذلك لشهور عدة، عادت لتتجدد أخيرا. وتقول مصادر في السلطة الفلسطينية إن الناس يهربون من الفقر والجوع والكبت والقمع السياسي، فيما ترفض حماس هذه الاتهامات وتتهم السلطة بأنها تنضم إلى التحريض الإسرائيلي ضدها.
بيد أن الباحث والمحقق الصحافي الإسرائيلي، تسفي بارئيل، زار تجمعات في أثينا يعيش فيها لاجئون فلسطينيون من غزة، قبل أيام، وقال إن هؤلاء اللاجئين يعانون الأمرّين، ويشعرون بأنهم يتامى لا يكترث أحد لحالهم. وقال بارئيل إنه توجه إلى العاصمة اليونانية ليلتقي لاجئين سوريين، فصدم بالتعرف إلى مجموعة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين. وروى له أحدهم قدم نفسه باسم مستعار هو «أسامة» كثيرا عن أحوالهم. وقال بارئيل: «أسامة هرب من غزة عن طريق الأنفاق التي تربط القطاع بمصر. نعم، توجد عدة أنفاق لم يتم تدميرها بعد، يستخدمها المواطنون الذين يريدون الخروج», ومن أجل الخروج عن طريق معبر رفح، يجب تسجيل اسمك لدى حماس ودفع المال من أجل التقدم في الطابور. قبل خروجي كان هناك 25 ألف مواطن من غزة مسجلين من أجل الخروج، لأنه لا توجد أيام وساعات محددة لفتح المعبر، وفي كل مرة يفتح فيها يستطيع بضع مئات من السكان العبور».
ويعتقد أسامة أنه يسكن في أثينا وحدها نحو 6 آلاف لاجئ فلسطيني، معظمهم من قطاع غزة. ويصعب التأكد من هذا العدد، لأن جزء كبيرا من اللاجئين اشتروا جوازات سفر سورية مزيفة من أجل تسريع عملية اتخاذ القرار. ولكن في مركز «بديل» الفلسطيني، الذي يتابع حركة اللاجئين الفلسطينيين في أنحاء العالم، يقولون إن عدد اللاجئين الذين وصلوا من غزة إلى أثينا أكبر بكثير. وقد انضموا إلى 45 ألف لاجئ فلسطيني هربوا من الحرب في سوريا ووصلوا إلى اليونان.
ويضيف بارئيل: «إن هجرة اللاجئين من غزة، عموما، ليست ظاهرة جديدة. إحدى موجات الهجرة الكبيرة حدثت قبل 3 سنوات، بعد عملية (الجرف الصامد)، (العدوان على غزة سنة 2014). وبعد ذلك انخفض العدد، وتجددت موجات الهجرة قبل سنة ونصف السنة. ومن اليونان يأملون في الذهاب إلى ألمانيا، لكن هذا صعب. فالألمان يعطون الإقامة للسوريين لأنه يوجد لهم وطن يعودون إليه عند انتهاء الحرب السورية. أما نحن الفلسطينيين فلا وطن لنا، والألمان يخشون من أن نبقى في ألمانيا إلى الأبد». هذا التفسير لم يحصل عليه الفلسطينيون من جهات ألمانية رسمية، لكن هذا الأمر «ينتقل من شخص إلى آخر». كما قال إن «الوصول إلى السويد اليوم أسهل من الوصول إلى ألمانيا». لكن الانتقال إلى السويد أيضا صعب ومكلف. «يوجد هنا طبيب فلسطيني جاء مع زوجته وأولاده الثلاثة»، قال أسامة: «وقد طلب منه المهربون 5 آلاف دولار عن كل ولد من أولاده الخمسة من أجل نقلهم إلى السويد. وهو يحاول توفير المبلغ بمساعدة عائلته في غزة. تخيل ذلك، طبيب محترم اضطر إلى الهرب من غزة لأنه مشبوه بعدم الولاء لحماس».
وينقل بارئيل عن غزاوي آخر هو رسام كاريكاتير أطلق عليه اسم «أيمن»، قوله: «حماس لم تحب الكاريكاتيرات التي كنت أرسمها، ومنعتني من الرسم وقامت باعتقالي. وبعد دخولي إلى سجن حماس، قررت الهرب من هذا العذاب. وقد اعتقلوا شقيقي من أجل الحصول منه على معلومات عني». ويضيف: «نحن فلسطينيون، واليونانيون رغم أنهم شعب رائع، فإنهم لا يحبون الغرباء بشكل عام والعرب بشكل خاص. وإذا ضُرب اليوناني في الشارع يهب الجميع لمساعدته، وإذا ضُرب لاجئ سوري أو فلسطيني يقفون مكتوفي الأيدي».
في أثناء حديث أيمن، قام ناجي، وهو لاجئ آخر من غزة، برفع بنطاله لإظهار الندب في قدمه، التي جاءت، حسب أقواله، بعد التعذيب الذي تعرض له على أيدي حماس في سجن غزة... «لقد حاولت الانتحار ذات يوم، قمت بتحطيم لوح الزجاج برأسي ووضعت قطعة زجاج على عنقي. أقول لك: إن غزة على شفا حرب أهلية، ولا أحد يعرف ماذا يحدث هناك ولا أحد يهتم».
5 آلاف فروا من غزة خلال 3 سنوات
5 آلاف فروا من غزة خلال 3 سنوات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة