أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لنواب حزب الليكود، الذي يرأسه، ووزرائه المتحمسين لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تعكسه من «عواطف جياشة» تجاه إسرائيل، أن يضعوا الأمور في نصابها، ويتذكروا أنه «في السياسة، يوجد ثمن لكل شيء، ولا توجد شيكات بلا رصيد».
وقال خلال جلسة سرية للكتلة، عقدت مساء أول من أمس، إنه لا ينبغي الاطمئنان إلى أن موضوع إقامة دولة فلسطينية قد أزيل من جدول الأبحاث.
وكانت الجلسة تلك قد خصصت للأوضاع السياسية. ويتضح من التسجيلات التي تسربت إلى وسائل الإعلام انتقادات سمعت موجهة لنتنياهو بخصوص «خطة التخلص من أحياء فلسطينية في القدس» و«تقييد حرية اليهود في الصلاة في جبل الهيكل (باحات الأقصى)». وحاول المقربون من نتنياهو الدفاع عنه، بالقول إنه هو الذي سيجهض إقامة الدولة الفلسطينية. وقال النائب ميكي زوهر إن زيارة ترمب هي دليل على ما سيأتي، مضيفاً أنه «في الوضع الذي تفكر فيه إدارة أميركية كما تفكر دولة إسرائيل، أو الفلسطينيين والدول العربية، فإن هذا التفكير يصب في المصالح الإسرائيلية».
وأثنى زوهر على نتنياهو، قائلاً: «لا يوجد مثلك في الحفاظ على أمن الدولة»، ثم أضاف: «يمكن تسجيل ذلك لصالح رئيس الحكومة، علاقاتك معه (مع ترمب) منذ ما قبل انتخابه هي التي تمنحنا الفرصة غير المتكررة للحفاظ على مصالح الدولة». وحسب أقوال زوهر، فقد «تلوح فرصة، هذه الأيام، لمنع إقامة الدولة الفلسطينية».
وفي نهاية النقاش، رد نتنياهو على المتحدثين، وقال: «أشكركم على أقوالكم. ومن المناسب أن تصغوا إليّ جيداً جداً. لقد حصلنا أخيراً على شيك بمبلغ 300 مليون شيقل تقريباً (وقصد بذلك الزيادة التي قدمها ترمب لاتفاق المساعدات الأمنية بقيمة 75 مليون دولار). لقد كان لهذا الاتفاق ثمن، حيث قالت إدارة أوباما لا تطلبوا المزيد من المال (...) لقد حصلنا على شيك غير مفتوح، وهذا مهم في ضوء التقليصات في الولايات المتحدة».
وقارن نتنياهو الاتفاق بالوضع السياسي، وقال: «لا نملك شيكاً مفتوحاً في المسار السياسي. نحن في دولة ذات سيادة، يمكننا أن نقرر الكثير من الأمور، ولكن لا ضمان أن يوافق الأميركيون معنا على كل شيء، بل قد يكلفوننا بدفع ثمن؛ لكل شيك يوجد ثمن (...) صحيح أنه توجد معاملة دافئة، ويوجد تفهم كبير لمواقفنا الأساسية، لكننا لا نملك شيكاً مفتوحاً».
وأضاف نتنياهو: «نحن مطالبون بالعمل بحكمة كبيرة وبمسؤولية، نحن نحتاج إلى ذلك بشكل خاص الآن. لقد سمعتم ترمب، لقد قال: أنا أؤمن بأن أبو مازن يريد السلام. لقد قال ذلك! وقال إنه يجب محاولة التوصل إلى اتفاق. نحن في هذا الوضع... هذا الوضع».
وقال نتنياهو أيضاً إنه أكد أمام ترمب أن «سبب عدم وجود اتفاق هو أنهم (الفلسطينيون) يثقفون أولادهم على مدار أجيال وأجيال على أنه لن تكون هناك دولة إسرائيلية. وقلت له إنه في كل اتفاق سلام مستقبلي يجب أن تسيطر إسرائيل على الأمن في الضفة. قلت ذلك بصورة حادة عبر الأبواب المغلقة والأبواب المفتوحة. ولا تزال هناك، بشكل قاطع، رغبة، بل محاولة للتوصل إلى اتفاق من خلال الإيمان بأن الفلسطينيين مستعدون للتنازل عن طموحهم في القضاء على دولة إسرائيل».
وكرر نتنياهو الحاجة لمواجهة الوضع الذي تحضره إدارة ترمب، موضحاً: «يجب علينا مواجهة ذلك، وطريق مواجهته ليست مفهومة ضمناً. هناك الكثير من التصريحات التي اسمعها عندنا، لكن من المناسب أن تتركوا لي هذه المواجهة. لقد أثبت طوال سنوات أنني أهتم بالمصالح بشكل مدروس ومسؤول. من يعتقد أنه يوجد شيك مفتوح، فهو مخطئ».
وقد عقب الفلسطينيون على هذه التصريحات باتهام نتنياهو ووزرائه بمحاولة تحريض الرئيس ترمب على الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وفي تصريحات لصحيفة «هآرتس»، قال مسؤول فلسطيني إن جارد كوشنير، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونسيبه، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، وكلاهما من اليمين اليهودي في الولايات المتحدة، يحاولان منع التقارب بين ترمب والرئيس عباس.
وقد نفى المقربون من عباس التقرير الذي نشر في إسرائيل حول الصراخ والتوتر خلال اللقاء بين ترامب وعباس في بيت لحم، وقالوا إن هذه محاولة لدفع مصالح إسرائيلية. وفي حديث لصحيفة «هآرتس»، قال أحد المسؤولين الفلسطينيين الكبار، الذي اطلع على فحوى المحادثات، إن اللقاء بين عباس وترمب كان موضوعياً، وساد الشعور بأن لدى الرئيس الأميركي رغبة قوية بدفع العملية السياسية.
وأضاف: «ليس سراً أنه يوجد في محيط ترمب طاقم من المستشارين الذين يتركز هدفهم الأساسي على خدمة إسرائيل. جارد كوشنير والسفير ديفيد فريدمان هما مستشاران لنتنياهو، وليس لترمب فقط. لذلك فإن الشعور السائد لدينا هو أنهما سيحاولان منع كل خطوة من شأنها المس بالموقف الإسرائيلي، ونحن على ثقة بأن تقارير من هذا النوع هدفها خدمة المصالح الإسرائيلية».
وحسب أقواله، فقد ناقش ترمب وعباس، خلال اللقاء السابق في واشنطن، وليس في بيت لحم، موضوع التحريض في السلطة، ودفع الرواتب للأسرى. وقال إنه تم التوضيح للإدارة الأميركية أن المقصود هو مسائل ثانوية، وأن الفلسطينيين مستعدون لاستئناف عمل اللجنة الفلسطينية - الإسرائيلية والأميركية لمتابعة التحريض في الجانبين. وبالنسبة للدفع للأسرى، قال إن هذه مسألة داخلية فلسطينية يستخدمها نتنياهو كذريعة. وحسب ادعائه، فإنه «في اللحظة التي سينتهي فيها الاحتلال، سيتوقف التحريض. نتنياهو يتوقع أن نحب الإسرائيليين رغم الاحتلال - هذا لن يحدث».
وأكد المسؤول الفلسطيني أنه منذ لقاء ترمب وعباس في واشنطن «تبذل إسرائيل الجهود من أجل التشكيك بمصداقية الرئيس الفلسطيني. ونحن نعرف عن شريط أعده ديوان نتنياهو، يجري عرضه أمام كل من يصل إلى هناك وينوي زيارة المقاطعة. نحن نعرف تماماً الأجواء التي نعمل فيها، وليس لدينا الكثير من التوقعات. في هذه الأثناء، قال الرئيس إنه يسعى للاتفاق، وبطبيعة الأمر سنتعاون مع ذلك».
نتنياهو يهيئ نواب حزبه لتقبل «تنازلات» محتملة
مشاعر ترمب تجاه إسرائيل وتعاطفه معها ليسا بلا ثمن
نتنياهو يهيئ نواب حزبه لتقبل «تنازلات» محتملة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة